حيفا ــ فراس خطيب
وضعت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أمس تصوراً كاملاً لما سمّته «تطوّر البرنامج النووي الإيراني»، وأرفقته بصور جوية، قالت إنها تقدّم العمل الإيراني في إنشاء مصانع للمياه الثقيلة، مشيرة إلى أن طهران على بعد أربع سنوات من امتلاك القنبلة النووية

نشرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أمس تحقيقاً، تحت عنوان «أسرار النووي الإيراني» أعدّه محلل الصحيفة للشؤون الاستخبارية، رونين برغمان، المقرّب بطبيعة الحال من الاستخبارات الإسرائيلية، فرصد «أماكن المفاعل النووي الإيراني لتخصيب اليورانيوم».
ونشرت الصحيفة «صوراً جوية حصرية» حصلت عليها من «أحد المصادر» تدّعي من خلالها وجود «قواعد حاملة لصواريخ مضادة للطائرات لصد هجوم أميركي أو إسرائيلي محتمل»، مشيرة إلى «تواجد علماء ذرّة إيرانيين في كوريا الشمالية أثناء التجربة النووية هناك».
وتشير الصحيفة إلى أنه في ضوء هذه المعطيات «باتت طهران قريبة جداً من صنع قنبلة نووية»، مبيّنة أن الإيرانيين سيصلون «إلى نقطة في التطور التكنولوجي لا رجعة منها»، أو ما تسميه الاستخبارات الإسرائيلية بـ«الحد التكنولوجي».
وتكشف الصور، التي عرضتها «يديعوت»، عن «تطورات ملحوظة» وعن بناء في كل مواقع المفاعل النووي. وتشير إلى أنّ الصور وثّقت «بناء خنادق كبرى وتطور ملحوظ في بناء المفاعل النووي لتصنيع المياه الثقيلة».
وأشارت الصحيفة إلى أن الصور «وثّقت مفاعل لانتاج غاز UF6»، الذي من شأنه، بحسب معلومات إسرائيلية استخبارية، «أن يكون كافياً لتحضير قنبلتين نوويتين في أصفهان». و«كشفت الصور الجوية أيضاً عن وجود قواعد كبيرة ومتطورة لصواريخ مضادة للطائرات».
وقالت الصحيفة إنّ «هذه المعلومات المنشورة تؤكد بشكل لا يقبل التأويل على أنّ إيران قريبة أكثر من أي وقت مضى من صناعة قنبلة نووية». وأوضحت أنه «على مدى ثلاثة أشهر مضت، لفت نظر محللي الصور الجوية، من شعبة الاستخبارات الإسرائيلية ونظرائهم من أوروبا، وجود تغييرات واضحة في المواقع النووية الإيرانية. وقامت أقمار التجسس الاصطناعية بالتقاط صور مرة تلو المرة. بحيث كشفت الصور أن إيران مستمرة في مشروعها في عدد من المواقع. وقامت بتحصين هذه الأماكن بصواريخ متطورة. بحيث استبدلت التكنولوجيا التي كانت قائمة، بصواريخ روسية من نوع س ــ 300، التي تعدّ من أكثر الصواريخ المتطورة عالمياً».
وقالت الصحيفة إن توضيح الصور وتحليلها تم على يد خبير أميركي للصور الجوية العسكرية. وتبين منها أن «الإيرانيين يخشون من هجوم على هذه المواقع». وعلى سبيل المثال، قام الإيرانيون بتحصين موقع في «نتنز»، لا يعدّ كبيراً نسبياً، بـ 26 قاعدة لصواريخ مضادة للطائرات.
ويفيد «تحليل الصور» بأنّ الإيرانيين يقومون بأعمال حفر في «فيرتشين» لبناء أنفاق تحت الأرض. ويجري الحديث عن منطقة لم يتم المصادقة للوكالة الدولية للطاقة الذرية لزيارتها، تحتوي على خلايا خاصة تستعمل للتجارب على تركيب مواد متفجرة لرؤوس نووية.
وتدّعي الصحيفة أن هذه الصور، تشبه صوراً تم التقاطها في السنوات الماضية لمصانع في «الاتحاد السوفياتي»، أنتجت فيها رؤوساً نووية.
وتكشف الصور الجوية، بحسب الصحيفة نفسها، عن أن في «نتنز» مسيرة لتخصيب اليورانيوم، ويقوم الإيرانيون ببناء مصنع ضخم تحت الأرض يغلفه جدار مصنوع من الإسمنت المسلح وقواعد لصواريخ متطورة لحمايتها، تحسباً من استعمال الإسرائيليين نموذج ضرب المفاعل النووي العراقي في عام 1981.
وتبين أيضاً أن الصور الجوية التي تم التقاطها في السابق لم تظهر فيها هذه التفاصيل الجديدة. على سبيل المثال: ما ظهر على شاكلة آبار عميقة ومخارج للتهوئة في الصور السابقة، لا يظهر في الصور الجديدة أبداً. إذ يظهر مكانها مباني كبيرة بنيت في المنطقة. وتكشف الصور أيضاً عن توسيع مناطق التصنيع، إذ انضم 12 موقعاً إلى 7 سابقين.
ووجدت الاستخبارات الإسرائيلية تسمية جديدة للوضع في إيران وهو «الحد التكنولوجي»، وهذه هي النقطة، كما يفسر الإسرائيليون، التي يستطيع الإيرانيون فيها حل مشاكلهم التقنية والعلمية من أجل إنتاج القنبلة. وبعد هذه النقطة، وحتى لو تمت مراقبة شديدة على المفاعل النووي الإيراني، يستطيع الإيرانيون عرض نشاطاتهم النووية «في حدود المسموح» نتيجة المعرفة التي اكتسبوها، ويستطيعون في المقابل فعل ما يشاؤون على أرض الواقع.
وتقدر الاستخبارات الإسرائيلية أنه في حال عدم ترجمة الضغوط الدولية على أرض الواقع، وفي حال عدم وجود عراقيل أمام الإيرانيين، فإن إيران تستطيع إتمام «قنبلة الوقود» خلال عام وبناء قنبلة نووية خلال ثلاثة أو أربعة أعوام.
وقال خبير إسرائيلي «نحن متأكدون من أن الإيرانيين ينظرون ببالغ الجدية إلى كيفية تعامل العالم مع التجربة الكورية، وسيستخلصون العبر بما يتعلق بمشروعهم».
ويتخوف الإسرائيليون من تعاون كوري ــ إيراني. وتقول الصحيفة إن معلومات استخبارية أوروبية وصلت بعد وقت قصير من تجربة كوريا الشمالية، تبين منها أنّ عدداً من الخبراء الإيرانييين تواجدوا أثناء التجربة «وشاهدوا عن كثب انفعال يونغ إيل (الرئيس الكوري) من تحقيق حلمه النووي».
وتقول الصحيفة إنَّ الصور الجوية التي التقطت ربما لا تظهر كل المواقع الإيرانية ومن الممكن جداً «أن تكون هناك مناطق أخرى لم يتم تصويرها».
وانتقدت الصحيفة الوكالة الدولية للطاقة النووية، التي يرأسها محمد البرادعي، نتيجة «التساهل مع إيران»، بحيث قامت طهران بإخفاء هذه المعلومات عن الوكالة في ظل «خروق واضحة للوثيقة التي تحدّ من انتشار التسلح النووي».
وعادت الصحيفة وربطت المشروع النووي الإيراني بشكل مباشر بروسيا، مشيرة إلى تعاون بين البلدين أنتج هذا الواقع. وقالت إنه في «كانون الثاني من العام 1995، وقّعت ايران مع روسيا على اتفاقية تقضي بأن تقوم روسيا بتزويد الإيرانيين بمفاعل كهربائي في بوشهر في مقابل 800 مليون دولار. في المقابل، قام الأميركيون والإسرائيليون بمساعٍ دبلوماسية من أجل الحد من التعاون الإيراني الروسي، وتقليص علاقتهما النووية، ويعود هذا لأسباب عديدة أهمها أن الإيرانيين سيكتسبون خبرة من هذه العلاقة، إضافة إلى أن السفن التي تبحر بين البلدين من شأنها أن تحمل ممنوعات أخرى».
وأشارت الصحيفة إلى أن «روسيا زودت إيران باليورانيوم منذ العام 1998». وادّعت «أن الروس قاموا بتأهيل عدد كبير من الفيزيائيين الإيرانيين في مركز الأبحاث النووية في موسكو، وفي المحطات النووية الأخرى».