غزة ــ رائد لافي
الترقب سيد الموقف في قطاع غزة، مع تصاعد التهديدات الإسرائيلية بشن عملية واسعة، يخشى أن تعمم مأساة بيت حانون على القطاع كله

صعّدت المقاومة الفلسطينية أمس عمليات إطلاق الصواريخ على فلسطين المحتلة عام 1948، وهو ما أدى إلى مقتل إسرائيلية وإصابة مرافق لوزير الدفاع عامير بيرتس، وسط تصاعد للتهديدات الإسرائيلية بشن عدوان واسع على قطاع غزة، في وقت صادق مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة على إرسال بعثة تقصي حقائق في مجزرة بيت حانون.
وكان مسلحون فلسطينيون قد أطلقوا ستة صواريخ محلية الصنع في اتجاه بلدات وقرى تعاونية إسرائيلية. وبحسب مصادر إسرائيلية، فإن صاروخين سقطا في مركز بلدة “سديروت”، وهو ما أدى إلى مقتل امرأة في السبعين من عمرها، وإصابة ستة آخرين. ووفقاً للمصادر نفسها، فإن أحد المصابين هو مرافق لبيرتس، اضطر الأطباء إلى بتر إحدى ساقيه.
وتبنت “كتائب عز الدين القسام”، الذراع العسكري لحركة “حماس”، و“سرايا القدس”، الذراع العسكري لـ“حركة الجهاد الإسلامي”، كل على حدة، المسؤولية عن عملية إطلاق الصواريخ.
وأعلن المتحدث باسم «سرايا القدس» «أن السرايا ستواصل الرد وقصف الاحتلال في كل المواقع وفي كل وقت، ما استمر بقتل المسنين والأطفال الفلسطينيين». في المقابل، أعلنت «كتائب عز الدين القسام»، في بيان، «رفضها التام لما قامت به بعض فصائل المقاومة الفلسطينية بتبني عملية القصف».
وفي عملية إطلاق صواريخ أخرى، أصيب أربعة إسرائيليين بجروح خطرة، في سديروت. وقال متحدث عسكري: “إن صاروخاً انفجر في محيط مركز الشرطة في سديروت فأصاب شخصاً بجروح خطرة”.
وبحسب تقديرات أمنية إسرائيلية، فإن الصواريخ أطلقت من منطقة قريبة من بلدة بيت حانون، التي كانت مسرحاً لمجزرة إسرائيلية الأسبوع الماضي.
ويخشى سكان البلدة وسكان مخيم جباليا وبلدة بيت لاهيا القريبين منها من قيام قوات الاحتلال بإعادة احتلال المنطقة وارتكاب مجازر جديدة مشابهة.
كما اتخذ كثير من رجال المقاومة، وخصوصاً في حركتي “حماس” و“الجهاد الإسلامي”، احتياطات أمنية إضافية في أعقاب الهجوم، وأغلقوا هواتفهم النقالة وأحجموا عن قيادة السيارات والتنقل بحرية في شوارع القطاع تحسباً لقيام قوات الاحتلال بعمليات اغتيال في حقهم.
ومن لوس انجليس، طلب رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت من عامير بيرتس الرد على إطلاق الصواريخ الفلسطينية.
وقالت المتحدثة باسم أولمرت، الذي يزور الولايات المتحدة حالياً، ميري ايسين، إن “رئيس الوزراء يرى أن الهجمات خطيرة جداً ويعرب عن حزنه لمقتل مواطنة إسرائيلية”.
وعقد بيرتس، في أعقاب الهجوم، جلسة تشاورية لكبار القادة الأمنيين والعسكريين. وهدد بمعاقبة مطلقي الصواريخ، بمن فيهم “قادة التنظيمات الإرهابية”. وقال إن “هذه المنظمات ستدفع ثمناً باهظاً جراء اعتداءاتها”.
ولم يستبعد رئيس الأركان الإسرائيلي دان حالوتس شن عدوان واسع على قطاع غزة، مشيراً إلى أن “مكافحة الإرهاب الفلسطيني لا نهاية قريبة لها”، مشيراً إلى استخدام المقاومة الفلسطينية “وسائل قتالية محدّثة”.
بدوره، دعا عضو لجنة الخارجية والأمن في الكنيست داني نافيه (ليكود) إلى “تنفيذ عملية عسكرية واسعة النطاق في القطاع على جناح السرعة”، فيما دعا وزير الداخلية روني بار أون إلى توسيع العمليات العسكرية في المنطقة.
وطالب وزير الأمن الداخلي آفي ديختر المستوى السياسي بإصدار الأوامر للجيش الإسرائيلي بالعمل على وقف إطلاق الصواريخ الفلسطينية في شكل مطلق، وبكل الوسائل المطلوبة، بما في ذلك القصف الجوي والمدفعي والبري، وبعمليات عسكرية حتى لو أدت إلى تعريض حياة جنود إسرائيليين للخطر. وقال ديختر إن ما يمارسه الجيش الإسرائيلي من عمليات ومجازر ومذابح في القطاع “ليس كافياً”، مطالباً “بتوسيع هذه العمليات”.
وطالب الوزير إيتان كابل (حزب العمل) بالرد بشدة على إطلاق صواريخ القسام. وقال: “يجب على الجيش والأجهزة الأمنية القيام بعملية شديدة وواضحة”، رغم إقراره بأنها لن تؤدي إلى وقف إطلاق الصواريخ.
وانضمت عضو الكنيست ليمور ليفنات (الليكود) إلى حملة التجييش. وقالت: “إن ما حدث في سديروت يؤكد بشكل قاطع أنه لا قيادة سياسية وعسكرية في إسرائيل”، منتقدة وجود “نصف الحكومة (الآن) في لوس أنجليس” على خلفية المشاركة في مؤتمر الفيدراليات اليهودية هناك.
وفي موقف استفزازي ومحرض لسكان سديروت، قال عضو الكنيست تسفي هاندل، اليميني المتطرف (الاتحاد القومي ــ المفدال)، إنه ثبت أن “دماء سكان سديروت لا تكفي لتنفيذ عملية عسكرية، وفقط في حال سقوط صاروخ على تل أبيب، سيقرر رئيس الحكومة السيطرة على قطاع غزة”.
وتعقيباً على التهديدات الإسرائيلية، قال المتحدث باسم “سرايا القدس”، أبو حمزة، إن “تصريحات العدو... لن تثنينا، ونؤكد له أننا سنستمر في قصف سديروت والمجدل وعسقلان”. وأضاف: “وبإذن الله، كما بترنا ساق المجرم حارس وزير الدفاع، سنبتر رأس عامير بيرتس وكل الصهاينة”.
إلى ذلك، استنكرت بريطانيا الهجمات الصاروخية على سديروت. وقال وزير الدولة البريطاني للشؤون الخارجية، كيم هاولز: “نستنكر بشدة الهجمات الصاروخية على سديروت، ونرسل بتعازينا ومواساتنا لأهالي القتلى والجرحى في هذا الهجوم”.
وطالب هاولز السلطة الفلسطينية “باتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع وقوع مثل هذه الهجمات”، كما دعا جميع الأطراف إلى “منع التسبب بالمزيد من المعاناة للمدنيين”.
كما رأت منظمة «بتسيلم» الإسرائيلية للدفاع عن حقوق الإنسان أن إطلاق الصواريخ الفلسطينية يوازي «جرائم حرب». ودعت المنظمة، في بيان، «السلطة الفلسطينية إلى فرض سلطتها على الأشخاص الضالعين في إطلاق الصواريخ على البلدات الإسرائيلية».
من جهة أخرى، صوّت مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة أمس على إرسال بعثة إلى قطاع غزة لتقصي الحقائق بشأن مجزرة بيت حانون. وحصل القرار، الذي قدمته البحرين وباكستان، على 32 صوتاً من أصل 47 يتألف منها المجلس. وصوتت ثماني دول ضده، بينها ألمانيا وبريطانيا.
وفي السياق نفسه، طالب النواب الأوروبيون أمس بحق انتقاد إسرائيل إثر العمليات الإسرائيلية في غزة، وخصوصاً بعد مجزرة بيت حانون.
ورأى رئيس كتلة المحافظين في البرلمان الأوروبي، هانس ــ غيرت بوتيرينغ، إن “الاعتذارات لا تكفي”، موضحاً أنه يجب “انتقاد ما يجب انتقاده بغض النظر عن كون هذا الأمر قد قام به إسرائيليون أو فلسطينيون”. وأشار إلى أنه في الأمم المتحدة “من غير المقبول، إذا أردنا إدانة إسرائيل، أن يحول الفيتو الأميركي دون ذلك”.