strong>علي حيدر
الإدارة الأميركية فوجئت بحجم قوة حزب الله وسترسل وفداً لاستخلاص العبر

كشف السفير الإسرائيلي لدى واشنطن، داني أيالون، أمس أن الإدارة الأميركية منحت إسرائيل ضوءاً أخضر مفتوحاً للقيام بكل شيء خلال العدوان على لبنان، باستثناء المس بحكومة رئيس الوزراء فؤاد السنيورة، مشيراً إلى أن الأميركيين كانوا يتابعون التفصيلات التكتيكية والعملانية خلال الحرب، وفوجئوا بحجم القوة الحقيقية لحزب الله، وسيرسلون لاحقاً وفداً عسكرياً إلى إسرائيل لاستخلاص العبر. وأقر أيالون، الذي انتهت ولايته، خلال مقابلة له مع صحيفة «معاريف»، بأن «الأميركيين أعطوا ضوءاً أخضر مفتوحاً للإسرائيليين للقيام بكل شيء أثناء الحرب باستثناء «المس بالبنى التحتية من أجل عدم المس بالسنيورة وتخفيف مستوى التعرض للمدنيين».
وأوضح أيالون أن الأميركيين أدركوا حصول «الكثير من الاختلالات، وفوجئوا كيف لم نعرف نحن، ولم يعرفوا هم أيضاً، قوة حزب الله الحقيقية». لكنه استدرك بقوله إن كل ذلك «لم يمس نظرتهم وتقديرهم للجيش الإسرائيلي».
وفسّر أيالون عدم تغيير نظرتهم للجيش الإسرائيلي بأنهم «يدركون تماماً أن الحروب الحالية لا تشبه الحروب السابقة»، وخصوصاً إزاء ما يتعرضون له في أفغانستان والعراق، ويدركون جيداً «أن الجيش الإسرائيلي واجه وضعاً جديداً للقتال مع منظمة إرهابية تملك قدرات استراتيجية لدولة». وأشار إلى أن «جلسات ثنائية بين الطرفين ستعقد قريباً وستُفتح جميع المواد». وقال إن «الأميركيين عبّروا عن اهتمامهم بالحصول على الوسائل، التي حصلنا عليها من الجانب الثاني (حزب الله). وقدمنا لهم التزاماً في هذا المجال، وسيحصلون على جميع المعلومات».
وميّز أيالون بين موقف الرئيس الاميركي جورج بوش، من نتائج العدوان الإسرائيلي على لبنان، الذي عدّها «نصراً كبيراً لإسرائيل»، وموقف المتخصصين الأميركيين، الذي وصفه بأنه كان «مغايراً». وكشف عن أنهم في البنتاغون كانوا يتابعون على الدوام التفصيلات التكتيكية والعملانية للحرب وكانت لديهم اسئلة كثيرة «ماذا يفعل سلاح الجو؟ وماذا عن الوسائل الخاصة؟ ومتى تدخلون، ومتى لا تدخلون؟».
وتجنب أيالون إضفاء طابع النقد على موقف «المتخصصين» من أداء الجيش الإسرائيلي واستبدله بأنه كان لديهم «اسئلة حائرة». وكشف أن الأميركيين «يريدون جداً إرسال وفود عسكرية لتعلّم الدروس، وللعمل مع الجيش الإسرائيلي، ولدراسة ما كان وما حدث. إلا ان الجيش الإسرائيلي طلب تأجيل مجيئهم إلى بداية العام 2007، حيث تكون التحقيقات الداخلية قد استكملت، والى حين «نعرف نحن انفسنا ما الذي حدث».
وعندما سئل أيالون عما إذا كان الأميركيون غضبوا بعد مجزرة قانا، لأن اسرائيل لم توقف القصف لمدة 48 ساعة كما التزمت، قال ان «الأمر متعلق بالجهة التي يوجه اليها السؤال، ففي وزارة الخارجية كان هناك غضب، أما في البيت (الأبيض) فلم تكن هذه الحالة قائمة».
من جهة أخرى، كشف أيالون أيضاً، خلال مقابلته، جانباً من نشاطاته السرية التي قام بها سابقاً، عندما رفضت إسرائيل رسمياً المبادرة السعودية عام 2002. وقال: «في المحادثات الداخلية تحدث (رئيس الوزراء السابق) أرييل شارون بلهجة مغايرة» عن الموقف الرسمي العلني.
وشدد أيالون على أن «مبادئ المبادرة المتعلقة بالعودة إلى خطوط عام 1967 وعودة اللاجئين لم تكن مقبولة من قبله، لكنه كان «متقبلاً لأفكار جديدة»، مشيراً إلى أن شارون طلب منه «فحص مدى استعداد السعوديين للتقدم»، مشيراً إلى أن «هذه فرصة لتطوير العلاقات معهم وللتقدم».
وبناء على طلب شارون السير في هذه الطريق، «استدعيت آندري وودفين، المفوض الروسي السابق في الرباعية، وطلبت اليه أن يتوجه كموفد من قبلنا إلى السعودية»، موضحاً سبب اختيار مبعوث روسي بأن «الأميركيين كانوا لا يزالون مصدومين من أحداث 11 ايلول وكانوا مستشيطين غضباً على السعوديين. وكان وودفين سفيراً في السعودية، وهو على صلة بالعائلة المالكة وبجميع القيادة» السعودية.
وأرجع أيالون عدم تحقيق نتائج لهذه الاتصالات إلى خوف السعوديين من التسريبات. وأوضح أن شارون كان يهدف من وراء هذه الاتصالات إلى «حل المشكلة الفلسطينية مع السعوديين والمصريين وجهات معتدلة اخرى وأن يضغط على (الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر) عرفات من خلال السعوديين بهدف تحييده».
وروى أيالون أنه توجه في إحدى المرات، ضمن وفد، إلى الولايات المتحدة، وقصد «مقهى ميلانو في واشنطن وجلس إلى المائدة بقرب المستشار السياسي للملك السعودي عادل جبير، لكنه خاف، ونهض وخرج من المقهى». وعبّر عن أسفه لأن السعوديين لم يكونوا ناضجين.