strong>محمد بدير
تواصلت فصول الأزمة بين رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت، ووزير دفاعه عامير بيرتس، ولم يتمكن الطرفان من تذويب الجليد المتراكم بينهما رغم لقاء عقداه أمس أخذ طابع الاجتماع الأمني.
وإذا كان الاتصال الهاتفي الذي أجراه بيرتس مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس هو الصاعق الذي فجر الأزمة بين الرجلين، فإن ما تكشّف يدل على أن تحت قمة جبل الجليد سعياً من أولمرت لدفع بيرتس إلى ترك وزارة الدفاع، الأمر الذي يصر الأخير على رفضه، وإن تردد أمس أنه مستعد لذلك لقاء تسلمه حقيبة المالية.
واجتمع أولمرت وبيرتس أمس في مبنى وزارة الدفاع في تل أبيب في ظل أجواء التوتر والقطيعة السائدة بينهما. ووُصف الاجتماع بأنه «لقاء عمل» حصل في «جو موضوعي» جرى خلاله تباحث قضايا أمنية. وكان الجانبان قد تعرضا لحملة عنيفة من النقد شنتها الصحافة الإسرائيلية عليهما، والتي رأت في سلوكهما الواحد تجاه الآخر أمراً غير مسؤول في ظل التحديات التي تواجه إسرائيل على كل الجبهات.
وقال مقربون من وزير الدفاع إن أولمرت «يحاول تصفية بيرتس سياسياً وجماهيرياً» وهو يفعل ما يفعله لدفعه إلى الاستقالة من وزارة الدفاع ليعيّن إيهود باراك مكانه. إلا أن بيرتس يواجه على هذه الجبهة وزراء من داخل حزبه دعاه بعضهم علناً أخيراً إلى ترك وزارته.
وفي هذا الإطار، أكدت تقارير إعلامية إسرائيلية أمس، أن صفقة بلورها وزراء في حزب العمل تهدف إلى «فتح الطريق المسدود من أجل إنقاذ بيرتس من مقتله في وزارة الدفاع وتعويضه بمنصب ملائم». وتقضي الصفقة، التي اطلع عليها أولمرت ومنحها مباركته، بأن يستقيل بيرتس من منصبه الحالي على أن يُعيّن نائباً لرئيس الحكومة ووزيراً للرفاه ووزيراً لتطوير النقب والجليل ورئيساً للمجلس الاقتصادي والاجتماعي. وبموجب الصفقة، يُنتخب شمعون بيريز رئيساً للدولة، ويُعيّن إيهود باراك خلفاً لبيرتس في وزارة الدفاع، وتؤجل انتخابات الرئاسة داخل حزب العمل إلى ما قبل ستة أشهر من انتخابات الكنيست، وهو ما يضمن لبيرتس البقاء رئيساً للحزب حتى حينه.
ورغم أن بيرتس أعلن أول من أمس موقفاً بدا فيه حاسماً لأمر بقائه في وزارة الدفاع، فإن مصادر مقربة منه أعربت، حسبما نقلت عنهم القناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي أمس، عن استعداده لبحث إمكان ترك الوزارة في مقابل حصوله على حقيبة المال. ويبدو أن بيرتس بدأ يدرك أن مواجهة الضغوط المتزايدة عليه أصبحت أمراً صعباً وخصوصاً بعدما سمع انتقادات شديدة من وزراء حزبه، الذين التقاهم أول من أمس، لطريقة معالجته للأزمة الحالية بينه وبين أولمرت، رغم تأكيدهم دعمه إذا قرر الأخير اتخاذ أية خطوة أحادية الجانب لإقالته من منصبه.
وإلى جانب كل من أولمرت ووزراء حزب العمل، انضمّت أمس الصحافة الإسرائيلية إلى دعوة بيرتس إلى ترك منصبه. ورأت «هآرتس» أن تعيين بيرتس في وزارة الدفاع كان من القرارات الأكثر «بؤساً وعدمية». وهاجمت الصحيفة أداء بيرتس في الوزارة، مشيرة إلى أن تأثيره معدوم في عملية صنع القرار الأمني. ورأت أن «تعليماته، إن صدرت، تُلقى في سلة المهملات في نهاية المداولات والجلسات».
وشددت «هآرتس» على أن «الوقت قد حان لإيقاف هذه السخافة، فوزير الدفاع في اسرائيل شخصية مهمة جداً، وبيرتس غير قادر على تنفيذ المهمات الأساسية المقبلة، وهي إعادة بناء الجيش بعد فشل لبنان، والإعداد للمواجهة مع ايران، واستعادة ثقة الجمهور بالجيش».