مهدي السيد
عجّت الصحف الإسرائيلية أمس بالتحاليل والمقالات التي تناولت اتفاق وقف النار الأخير بين الفلسطينيين وإسرائيل. ورغم أن معظم المراقبين في إسرائيل يتعاطون بريبة شديدة مع احتمالات صموده، إلا أنهم يُعلقون آمالاً كبيرة على الفرص القليلة بنجاحه، نظراً لأن خطوة وقف النار يجب ألا تكون يتيمة ومعزولة، بل يجب أن تشكل حلقة في سلسلة تضم حلقات أخرى، من دون إغفال ارتباطه بالجهود الأميركية لتشكيل تحالف «عربي» ضد إيران.
في هذا السياق، رأى تسفيكا فوغل، في «معاريف»، أن إسرائيل وقعت في مصيدة الفلسطينيين الذين يسعون إلى كسب الوقت من خلال اتفاق وقف النار. وقد حصل ذلك لأن إسرائيل «لا تستطيع أن ترفض اقتراحاً يضمن الهدوء من جهة؛ و لا تستطيع تحمل استمرار تهريب السلاح ومنح الشرعية لمهاجمة الجيش الإسرائيلي على طول الضفة، من جهة ثانية».
ويرى فوغل أنه «كان يتعين على أولمرت اشتراط وقف نشاط الجيش الإسرائيلي بمرحلتين: الأولى، التعهد بعدم شن عمليات وعدم استخدام الأنفاق لتهريب السلاح. والثانية، تجريد المنظمات الفلسطينية من سلاحها خلال فترة محددة». لكن الاتفاق يُظهر مرة جديدة، بحسب فوغل، «ضعف المستوى السياسي في إدارة المفاوضات، وفي التخطيط لمبادرة على المدى البعيد».
من جهته، أشار المراسل العسكري في «معاريف»، عمير ربابورت، إلى أن «وقف النار لا يبشر بأي سلام قريب. بالعكس: الإحساس في الجيش الإسرائيلي، مثلما في مدينة سديروت، مُضنٍ؛ بل حتى مثير للاكتئاب». وبحسب ربابورت، فإنه «عملياً، إذا ما سمينا الطفل باسمه، فإن إسرائيل خسرت مرة أخرى».
وعلق المراسل العسكري لصحيفة «يديعوت أحرونوت»، اليكس فيشمان، على طبيعة الاتفاق وأبعاده، فأشار إلى أنه من «الناحية الشكلية، يعتبر الاتفاق بين اسرائيل وأبو مازن، أما من الناحية الفعلية فالاتفاق تم بين اسرائيل وحماس، وهو ما يُشكل من الناحية الفعلية تغيراً جوهرياً في السياسة الاسرائيلية تجاه حكومة حماس: من سياسة تنادي بالمجابهة والإزالة الى سياسة الاعتراف والتفاوض من البوابة الخلفية».
ويرى فيشمان في وقف تبادل النيران «مجرد قمة جبل الجليد، والمرحلة الاولى من الفصل الاول من العملية التي يفترض فيها أن تفضي الى التطبيع في المناطق. فتحت سطح المياه تختبئ رزمة تسويات مكونة من اربع لبنات مترابطة مع بعضها. هذه اللبنات يفترض أن تظهر واحدة تلو الأخرى فوق سطح المياه في عملية ستمتد أسابيع طويلة إلى أشهر معدودات. هذا بالطبع شرط أن تتدحرج الخطة وتسير وفق التوقعات».
وبحسب فيشمان، فإن اللبنة الاولى تتحدث عن إضفاء الاستقرار على الوضع، أي، وقف اطلاق النار وبناء الثقة المتبادلة؛ واللبنة الثانية عن اطلاق سراح اعضاء برلمان ووزراء من حماس؛ والثالثة عن اطلاق سراح جلعاد شاليط في مقابل سجناء فلسطينيين؛ والرابعة عن تشكيل حكومة الوحدة أو «حكومة الخبراء» الفلسطينية.
بدورها، باركت هآرتس في افتتاحيتها، وقف النار الذي حصل بعدما «أُنهك الطرفان»، مشيرة إلى أن «ثمة أهمية كبيرة في السياق الإقليمي لتهدئة القتال في الأراضي الفلسطينية. فالولايات المتحدة مشغولة الآن في بلورة ائتلاف يضم دولاً عربية معتدلة للوقوف في وجه إيران. وعليه، فإن الأخبار السارة على الحلبة الفلسطينية ستُسهل على مصر والسعودية والأردن ودول الخليج، التعاون في مثل هذا الائتلاف، في مقابل جهود الرئيس الإيراني، محمود أحمدي نجاد، لبلورة القوى المتطرفة».