علي حيدر
لا تخفيف للحصار الإسرائيلي على الفلسطينيين. هذه حصيلة زيارة وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس إلى إسرائيل والأراضي الفلسطينيةليست فشلاً وإنما توزيع أدوار لدعم «الاعتدال»
اصطدم «وعد» كوندوليزا رايس للرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) «بتخفيف معاناة الفلسطينيين»، أمس، بالرفض الإسرائيلي الذي رضخت له الوزيرة الأميركية مثنيةً على إجراءات الحصار الإسرائيلية التي كانت محور خلاف بين رئيس الوزراء إيهود أولمرت ووزير الدفاع عامير بيرتس، على خلفية وعده بالإفراج عن بعض عائدات الضرائب الفلسطينية.
ولم يفت رايس وضع القرار 1701 ومنع وصول السلاح إلى حزب الله على طاولة البحث مع المسؤولين الإسرائيليين، وخصصت اجتماعاً منفرداً طوال ساعة كاملة لبحث الموضوع الإيراني.
وأعرب أولمرت لوزيرة الخارجية الأميركية عن استعداده للقاء أبو مازن من دون شروط مسبقة، إلا أنه رفض طلب إطلاق سراح أسرى ما لم يطلق سراح الجندي الأسير جلعاد شاليط، على رغم تعبيره عن رغبته في مساعدة الرئيس الفلسطيني.
وخلافاً لما هو مُتّبع، فقد أنهت رايس زيارتها إلى إسرائيل بعدما التقت كلاً من أولمرت وبيرتس ووزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني، من دون عقد أي مؤتمر صحافي. وعزت الصحافة الاسرائيلية ذلك إلى حرص رايس على عدم إبراز زيارتها خشيةً من «فجوة» بين التوقعات وحجم النتائج التي ترتبت عليها، وهو ما يشير إلى فشل وزيرة الخارجية الأميركية في مهمتها على المسار الفلسطيني ــ الإسرائيلي، ولا سيما مسألة تخفيف الحصار على الفلسطينيين.
وتعهّد أولمرت لرايس بأن إسرائيل ستفتح قريباً معبر المنطار (كارني) أمام البضائع ومعبر رفح الحدودي. وطلبت رايس أيضاً التعاون مع خطة المنسق الأمني الأميركي في الضفة الغربية وقطاع غزة، كيت ديتون، في شأن وضع مراقبين دوليين على معبر المنطار، على غرار الوضع القائم عند معبر رفح.
وفيما لم يعد أولمرت ضيفته بالإفراج عن عائدات الضرائب المجمدة لدى إسرائيل، ابتكر أفكار «لاستغلال» هذه الأموال «لتقديم مساعدات انسانية» في مناطق السلطة الفلسطينية.
وكانت رايس قد التقت نظيرتها الاسرائيلية في القدس المحتلة. وعلى خلاف وعود رفع المعاناة عن الفلسطينيين، اعتبرت رايس ان «المقاطعة الاقتصادية للحكومة الفلسطينية كانت ناجعة، وأن المجتمع الدولي لا يزال ملتزماً المقاطعة الاقتصادية».
وبحثت رايس وليفني أيضاً الوضع اللبناني. وطلبت ليفني من رايس فرض حظر على وصول الأسلحة إلى حزب الله في لبنان.
وربط وزير الدفاع الاسرائيلي، خلال لقائه رايس، بين موضوعي تحرير الأموال الفلسطينية وإطلاق سراح شاليط. وقال إن «مفتاح تحرير الأموال لمصلحة السلطة الفلسطينية مرتبط بمسألة إعادة جلعاد شاليط وبقضايا أخرى هي شروط بالنسبة إلينا، من ضمنها وقف إطلاق صواريخ القسام نحو البلدات المحاذية للشريط المحيط بقطاع غزة».
ورفض بيرتس تجديد المحادثات مع الفلسطينيين على خلفية أن «الوضع في السلطة الفلسطينية بالغ الحساسية وقابل للانفجار ويجب الانتظار ورؤية كيف ستستقر الأمور». واعتبر أن تحسين الوضع المعيشي له مكانته في الاعتبارات الأمنية الإسرائيلية، مشدداً على ضرورة العمل على تقوية محمود عباس كجزء من بلورة امكانية اجراء محادثات فلسطينية ــ إسرائيلية.
وعن قضية تحويل الأموال إلى السلطة الفلسطينية، قال «يمكن درس موضوع تحويل الأموال لأهداف إنسانية»، مشيراً إلى أنه «لا ينوي تأييد مسار تحويل أموال يمكنه أن يساعد حماس».
وقدّر بيرتس دور الولايات المتحدة والمساعدات التي قدمتها لإسرائيل أثناء الحرب على لبنان. وقال «أكدتُ على رغبة إسرائيل في أن يُطبّق قرار مجلس الأمن 1701 في شكل كامل، وتُشدّد الإجراءات على المعابر الحدودية بين سوريا ولبنان، التي أرى فيها مفتاحاً لتطبيق القرار 1701». وأضاف «بالتأكيد مسألة المخطوفين والمفقودين كان لها حيز كبير في اللقاء». وأشار إلى أن رايس «ترى قضية المخطوفين تماماً كما تراها إسرائيل».
ويبدو أن «مبادرة» بيرتس لتحويل الأموال إلى السلطة الفلسطينية لم تعجب أولمرت، فنقلت مصادر في مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي قوله إن بيرتس «يسارع إلى نثر الوعود بتحويل الأموال للفلسطينيين في المستقبل وبأنه أمر جميل أن يوزع بيرتس الحوالات المالية، ولكنه لا يملك حق التوقيع عليها». واعتبرت المصادر نفسها أن الحديث عن تحويل أموال للفلسطينيين «ليس ذا صلة في هذه المرحلة».