مهدي السيد
تثير الأحداث الأخيرة بين حركتي فتح وحماس، اهتماماً وقلقاً لدى عدد من المراقبين الإسرائيليين، لا من منطلق الحرص على الدم والأمن الفلسطينيين، بل خشيةً من الانعكاسات السلبية المحتملة لأي فوضى قد تعم الشارع الفلسطيني على الداخل الإسرائيلي

واصلت الصحف الإسرائيلية أمس اهتمامها بمجريات الساحة الفلسطينية وبمطالب الإدارة الأميركية بضرورة اتخاذ الإجراءات لتعزيز مكانة الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن)، كي يتمكن من مواجهة حكومة حماس، وبرزت دعوة بعض المحللين إلى ضرورة التنبه للمخاطر التي قد تنعكس على الساحة الإسرائيلية جراء فلتان الأمور على الساحة الفلسطينية.
وتطرق حجاي هوبرمان، في صحيفة «هتسوفيه» اليمينية، إلى المطالبات بمساعدة أبو مازن في مقابل حركة «حماس»، معرباً عن خشيته من أن تؤدي أي مساعدة مفترضة لأبو مازن إلى تعزيز مكانة حركة «حماس» أيضاًورأى هوبرمان أن الأحداث الأخيرة التي تجري في السلطة الفلسطينية، تضع حكومة ايهود أولمرت أمام مشكلة ليست سهلة: كيف يمكن تعزيز مكانة أبو مازن من دون تعزيز «حماس»؟ ويعلل سؤاله هذا بالقول «إنهم يعرفون جيداً في القدس أن كل دولار يصل كمساعدة إلى أبو مازن، يساعد في نهاية المطاف حكومة حماس. وكل دولار يقدم كمساعدة إلى الجمهور الفلسطيني، يوفر على موازنة السلطة دولاراً آخر يمكن صرفه في تمويل الارهاب بدل صرفه في مجال المساعدة الانسانية».
وأضاف هوبرمان أن «من يريد أن يعرف كيف سيكون شكل العلاقات مع الفلسطينيين، فعليه أن يدرس بعمق أحداث الأسبوع الأخير داخل المجتمع الفلسطيني»، معتبراً أن «مصلحة الأطراف الضيقة هي التي تحكم اندلاع العنف أو وقفه». ويستنتج من ذلك أن «من يحلم بسلام ساخن وودي مع الفلسطينيين، يجدر به أن يدرك أن الشيء الساخن الوحيد الذي سيحصل عليه هو حرارة فوهات البنادق. فما ينطبق على العلاقات الفلسطينية الداخلية، ينطبق بما لا يقل على علاقات الفلسطينيين في شكل خاص، والعرب في شكل عام، مع العالم المحيط بهم، ولا سيما مع دولة إسرائيل».
بدوره رأى مراسل الشؤون الفلسطينية في «هآرتس» داني روبنشتاين أن «موازين القوى بين الطرفين الفلسطينيين المتحاربين متساوية تقريباً. ومن الواضح للجميع في المناطق الفلسطينية أنه لا يمكن لأي طرف أن يخرج منتصراً من هذه الأزمة. ولا بد من التوصل إلى اتفاق بينهما».
ويعتقد روبنشتاين أنه على الرغم من سهولة التوصل إلى اتفاق سياسي بين حركتي «فتح» و«حماس»، من المحتمل ألا يتغير شيء، وأن يستمر التدهور، مشيراً إلى أن «غزة تميل في السنوات الأخيرة إلى المجتمع العشائري، حيث تقوم ميليشيات عائلية بفرض النظام، فعندما تنهار السلطة وتزول الخدمات العامة، يجد الفرد في كنف العشيرة أو العائلة الحماية الوحيدة على المستوى الجسدي والاقتصادي والاجتماعي والمعنوي».
وبحسب روبنشتاين، فإن «المشكلة في غزة لا تنحصر في اتفاقات بين فتح وحماس. المشكلة تكمن في أن عشرات الآلاف من سكان القطاع توقفوا عن العمل في إسرائيل وفي انهيار مشاريعهم الاقتصادية المحلية، الأمر الذي يدفع الشبان للانضمام إلى عصابات وحمل السلاح». وحذر روبنشتاين من أنه «إذا استمر هذا الوضع، فستنفجر غزة في وجه إسرائيل أيضاً».
وتوقف ابتان هابر، في «يديعوت أحرونوت»، عند الصلة بين ما يحصل في الأراضي الفلسطينية وما قد يحصل في إسرائيل، على رغم «عدم اهتمام الغالبية العظمى من المواطنين اليهود في اسرائيل بما يحدث على بعد بضع عشرات الكيلومترات من تل أبيب في قطاع غزة، حيث بدأت تظهر العلامات الاولى لوقوع حرب أهلية بين حركتي فتح وحماس».
وحذر هابر «من حرب أهلية كهذه في إسرائيل، لأنه اذا اندلعت حرب أهلية هناك، فإننا سنقف لنواجه نظام عصابات، ولن يكون عندنا أي عنوان نخاطبه ونتحدث معه هناك بين الفلسطينيين. فالعصابات هناك، ستعمل على نيل رضى الفلسطينيين في غزة، وبالتالي ستصل اسرائيل للقيام بعمليات، ومرة ثانية سندفع الثمن من دماء الاسرائيليين».
ويضيف هابر «النظرة الاولى ورد الفعل الاول يطالبنا بالإسراع في مد يد العون أو مسح الدموع التي تسيل من أعين المواطنين هناك، ولكن كل من يفحص عمق الأمور يعرف وسيعرف أننا، في نهاية الأمر، سندفع نحن الاسرائيليين الثمن».