علي شهاب
جردة الحساب ما بعد العدوان الاسرائيلي على لبنان فتحت الباب على مصراعيه أمام عملية تقويمية لمكامن القوة والضعف على الصعد الأمنية والعسكرية والسياسية. إحدى أوراق الحسم خلال الحرب التي تخضع حالياً للتحليل هي «فاعلية» سلاح الجو الاسرائيلي في مقابل «استراتيجية» صواريخ حزب الله.
وفي هذا السياق، يطرح الباحث يفتاح شابيرا جملة من الاسئلة، في دراسة بعنوان «السلاح الصاروخي في الحرب: هل يمكن تطوير نظام رادع» نشرها معهد يافي التابع لجامعة تل أبيب.
ويستهلّ شابيرا دراسته بحقيقة أن حزب الله يفضّل استخدام السلاح الصاروخي خصوصاً، بخلاف الجيوش النظامية التي تراه سلاحاً مسانداً، لمزايا ترتبط بقواعد إطلاق الصاروخ أولاً، ذلك أنه في الإمكان إطلاق صاروخ الكاتيوشا من أي أنبوب غير ثقيل، ومن أي منصة «شاحنة، أو سيارة جيب، أو بهيمة او حتى على ظهر جندي واحد».
كذلك، فإن السلاح الصاروخي يستعمل لـ «تغطية سريعة وكثيفة؛ فبعض المنصات الروسية تستطيع إطلاق 40 صاروخاً من عيار 122 ميليمتراً في أقل من دقيقة واحدة، وهذا يعني أنه في استطاعة كتيبة مجهزة بـ12 منصة، إطلاق 480 صاروخاً على هدف واحد، في أقل من دقيقة».
ويشير شابيرا الى ثغرة معروفة في السلاح الصاروخي، نجح حزب الله في معالجتها، فمن المعلوم أن الصاروخ، لدى انطلاقه، يخلّف وراءه وميضاً من النار وكمّية من الدخان، يكشفان فوراً عن موقع المنصّة، لذلك «تُزال المنصات من موقعها فور انتهاء الرماية، كما أنه في حالات العصابات، يُستخدم عدد محدود من الأنابيب أو تطلق الصواريخ بواسطة جهاز تحكّم عن بُعد».
ويصل شابيرا الى النقطة الرئيسية: كيفية مواجهة صواريخ حزب الله، التي تمثّل «تهديداً استراتيجياً شديداً لا تستطيع الحكومة الاسرائيلية ضبط نفسها حياله»، مشيراً الى فشل تجارب سابقة لإنشاء نظام لاعتراض الصواريخ التي تمتاز «بمدة طيران قصيرة نسبياً، وحجم صغير، ومعدل إطلاق كثيف».
بدوره، يُعدّد نوعام اوفير «قيود القوة الجوية في حرب لبنان»، وخاصة أن «تساقط الصواريخ لم ينقطع عن بلدات شمال اسرائيل»، برغم «مئات الطلعات الجوية».
ويُشير اوفير الى أن سلاح الجو ينفّذ مهماته، اذا ما اقترنت طلعاته بمعلومات استخبارية دقيقة، وفي هذا المجال «يُعدّ سلاح الجو الاسرائيلي الثاني من حيث القدرات في العالم بعد سلاح الجو الأميركي». لكن التحدي يبرز في أن الطائرات الحربية «يصعب عليها أن تواجه بنجاح أهدافاً متحركة تظهر لفترة زمنية قصيرة، وتستطيع الابتعاد بسرعة عن منطقة العمليات»، في إشارة الى منصات الصواريخ في جنوب لبنان، حيث المهمة «أكثر تعقيداً»، لأن المنصات «تتكون من أنابيب مربوطة، مخفية جيداً بين الشجيرات. وهي لا تتطلب طاقماً بشرياً كبيراً، ولا تحتاج عملية اطلاقها الى عمليات إلكترونية معرّضة للكشف عبر انظمة تحسس»، وبالتالي فإن الطريقة الوحيدة لمعرفة موقع منصة إطلاق الصواريخ هي عبر «مشاهدتها بالعين المجردة». وتؤدّي هذه المعطيات في النهاية الى أن «المنصة تُطلق الصواريخ بنجاح، وتُسبب الضرر» قبل أن تكون الطائرة قد رصدتها.
كذلك، يُواجه سلاح الجو الاسرائيلي عقبة أخرى، تتمثل في انعدام إمكان «ضمان تغطية استخبارية كافية في لبنان».
النتيجة التي يخرج بها الباحث الاسرائيلي، تفيد بأنه «حتى لو نجح سلاح الجو في أن يقضي في كل يوم على منصّات اطلاق، فإن كميات السلاح التي يملكها حزب الله كبيرة جدّاً».
والخلاصة الأخيرة، والكلام دائماً لنوعام أوفير، أن «سلاح الجو الاسرائيلي لم يخيّب الآمال في لبنان. لقد قام بما هو قادر على القيام به. هذا ليس فشلاً، ولا خيبة أمل. إنه الواقع».