محمد بدير
يبدو أن إسرائيل «متفائلة» بإمكان ترسيخ نظام حدودي مع لبنان «يذكّر بحدود السلام تقريباً»، مستندة بذلك إلى الاتصالات التي تجريها قواتها مع قوات اليونيفيل وضباط الجيش اللبناني في المنطقة، لكن قلقها يتزايد من تهريب السلاح من سوريا إلى حزب الله، وهي تعمل على اتخاذ كل الإجراءات الآيلة إلى ضبط الأمور على الجانب اللبناني من الحدود، لمنع ترسيخ الحزب لوجوده هناك، على غرار ما حصل بعد انسحابها من جنوب لبنان في عام ألفين.
وفي هذا المجال، نقلت «يديعوت أحرونوت» عن محافل سياسية رفيعة المستوى قولها، استناداً الى معلومات استخبارية حديثة، إن محاولات تهريب وسائل قتالية من سوريا الى حزب الله استؤنفت أخيراً، وإن بعضها نجح. وبحسب «يديعوت»، فقد نقلت اسرائيل هذه المعلومات الى الاميركيين وإلى محافل دولية اخرى محذّرة من أن صبرها ينفد. وقالت الصحيفة إن المحافل الاسرائيلية أطلقت تحذيرات قالت فيها إنه «اذا لم يُفرض حظر السلاح على حزب الله، فلن يكون في وسع اسرائيل أن تجلس مكتوفة اليدين».
وعن الواقع والتحديات الجديدة على الحدود، نقل المراسل العسكري لصحيفة «هآرتس»، عاموس هارئيل، عن ضابط رفيع المستوى في قيادة المنطقة الشمالية قوله إن «القائد الجديد للمنطقة سيواجه تحدياً مزدوجاً: بلورة الخط الجديد على الحدود مع انسحاب الجيش الاسرائيلي من لبنان (وإخلاء الجزء الشمالي من قرية الغجر المتوقع في الاسبوع المقبل)، ومنع اندلاع العنف في مواجهة سوريا في الجولان».
وبحسب هارئيل، «في القضية اللبنانية تحديداً، تسود هناك حالة من التفاؤل النسبي يلوح بعد الحرب، يشوبها التناقض وانعدام المنطق. أمل معين بترسيخ نظام حدودي يذكّر بحدود السلام تقريباً. أولاً لوجود من يمكن التحدث معه في الطرف الآخر: ضباط الجيش الاسرائيلي يعقدون لقاءات ومحادثات دائمة ليس فقط مع اليونيفيل بل أيضاً مع ضباط الجيش اللبناني. واللبنانيون بالتحديد يظهرون في الوقت الراهن جدية وتصميماً في محاولتهم فرض السيادة اللبنانية على مارون الراس وعيتا الشعب».
ويشير هارئيل إلى أن «التصور الجديد الذي يحاول الجيش الاسرائيلي بلورته على الخط الحدودي يفيد بأن الجيش اللبناني واليونيفيل سيواجهان مباشرة تحرشات حزب الله والإخلال بالنظام، وأن الجيش الاسرائيلي سيتدخل فقط إذا ظهرت خطورة حقيقية على حياة المدنيين والجنود. لكن الضرر المحتمل يظهر طبعاً من تلك الدقائق الاولى المصيرية من أحداث مثل هذه: كيف يمكن التمييز بين التحرش المدني الهامشي وبين عملية حرف أنظار تمويهية للتغطية على عملية عصابات لحزب الله، كما كان قد فعل مثلاً، عند اختطاف الجنود الثلاثة في مزارع شبعا في تشرين الاول عام ألفين؟ هناك خشية من أن يخدّر حزب الله الجيش الاسرائيلي على طول الحدود، وأن يجمع خلال ذلك المزيد من الصواريخ استعداداً للمواجهة المقبلة».
وبالنسبة إلى الوضع على الحدود السورية، يشير هارئيل إلى أنه معقّد أيضاً. وبحسب هارئيل، فإن الجيش الاسرائيلي لا يزال يحافظ على مستوى جاهزية عال أكثر من الماضي في الجولان، في ظل الرسائل المتناقضة التي يطلقها الرئيس السوري بشار الأسد. ويشير إلى أن على اسرائيل أن تحذر من التصعيد، لكن عليها أيضاً ألا تظهر كأنها تُبدي ضعفاً. فالتوتر في هذه الجبهة لم يكن كبيراً بهذا القدر منذ أن أوشك رجل الموساد يهودا غيل على توريط اسرائيل في حرب هناك في صيف 1996.