مهدي السيد
تتزايد في إسرائيل الدعوات الموجّهة إلى رئيس الحكومة الإسرائيلية إيهود أولمرت، بضرورة الاستجابة لإشارات السلام السورية التي يطلقها بشار الأسد،
والعمل على فحص جديّة دعواته والتحذير من مغبة تجاهلها أو الاستخفاف بها


انضم رئيسان سابقان لشعبة الاستخبارات العسكرية إلى السجال الدائر في إسرائيل حول كيفية التعاطي مع دعوات الرئيس السوري بشار الأسد إلى السلام، فحثّ كل من اللواء احتياط أوري ساغي واللواء احتياط شلومو غازيت على ضرورة التجاوب معها.
ورأى ساغي، الذي كان عضواً بارزاً في وفد المفاوضات مع سوريا أيام حكومة ايهود باراك، في مقال كتبه لصحيفة «يديعوت أحرونوت»، أنه يجب على اسرائيل فحص ما الذي يريد الأسد قوله فعلاً، وما هي نواياه. وأضاف «لقد شكونا هنا دوماً من أنه لا يوجد شريك للسلام في الجانب العربي، والآن، عندما يمطرنا بتصريح نوايا للتسوية السلمية، نعلن بأننا لن نعيد الجولان أبداً. ليس لأحد صلاحية أخلاقية للحديث باسم الأبد. فما يبدو اليوم متعذراً يمكن أن يُرى غداً عكس ذلك. صحيح أن الأسد ضعيف ومنعزل، والاقتصاد السوري غير مزدهر، ولكن بالذات بسبب الرعاية التي يمنحها للمتطرفين، وبسبب علاقاته الوثيقة مع إيران، من الخطأ عدم الفحص الجذري لما يقف خلف تصريحاته، حتى وإن كانت لسوريا مصلحة لا تنسجم مع أحلامنا. يمكن تنفيذ هذا الفحص من خلال مبعوثين سريين، وليس بالضرورة أميركيين».
وحول العلاقة الوثيقة القائمة بين سوريا وإيران وتأثيرها، قال ساغي إنه لا ينبغي الفزع من هذه العلاقة، مشيراً إلى أنه كان لسوريا في عهد الرئيس الراحل حافظ الأسد، علاقة مع إيران، وعندما أراد الاسد الأب التوجه الى مؤتمر السلام في مدريد، حرص على ألا يعرقل الإيرانيون الخطوة.
وحذر ساغي من أنه اذا ما أدارت إسرائيل ظهرها للأسد، فينبغي عندها «أن نأخذ بالحسبان بأن سوريا، وإن كانت ضعيفة، إلا أنه لا تزال هناك إمكانية كامنة لمواجهة عسكرية. فهي من شأنها أن تستخدم القوة كي تحرك المسيرة السياسية أو كي تحقق أهدافاً أخرى».
بدوره، قال شلومو غازيت، في «معاريف»، إنه «فيما تعلن إسرائيل أن يدها ممدودة للسلام، نراها تقوم، عندما تسمع زعيماً عربياً يدعو إسرائيل الى طاولة المفاوضات، بطرح شروطها حول ما ينبغي للطرف الآخر أن يفعل، قبل أن توافق اسرائيل على أن تلتقي به».
وأضاف غازيت أنه منذ انتهاء العدوان على لبنان، «والرئيس السوري بشار الاسد يدعو اسرائيل الى اجراء مفاوضات وعقد سلام معها. ويحرص الاسد على الاعلان بأنه لا يدعو الى ابادة اسرائيل، ولكنه يحذر أيضا من أنه اذا لم تجر مفاوضات واذا لم يتحقق حل بالطرق السلمية، فعندها، آجلاً أم عاجلاً، لن يكون مفر من الحرب».
ويعلق غازيت على الشروط الإسرائيلية لاستئناف المفاوضات مع سوريا، مثل «وقف الدعم السوري لحزب الله، ووقف تزويد السلاح للميليشيا اللبنانية وإبعاد كل قيادات الفلسطينيين الموجودة في دمشق. وشرط آخر، أو ذريعة، من نوع آخر ــ الولايات المتحدة لا ترى بالإيجاب فتح حوار مع سوريا»، فيقول «أنا لا أدافع هنا عن دمشق، ولا أشكك بمطالبنا وتوقعاتنا من القيادة السورية. غير أن هذه المطالب يجدر طرحها في المرحلة الأولى من المفاوضات، وجدير بأن تستخدم كمحك للنوايا السورية في تطبيق الاتفاق المستقبلي».
من جهته، يقارب سيفر بلوتسكر، في «يديعوت أحرونوت، الموضوع السوري من بوابة الالتفاف على الخطر الإيراني. ويرى أن «ثمة احتمالية وإمكانية للقيام بعملية اسرائيلية فورية ضد المتآمرين في طهران: الشروع في مفاوضات مع سوريا حول التسوية السلمية». ويضيف «أمس فقط، في صبيحة اليوم التالي للتجربة النووية المزعومة في بيونغ يانغ، صرح الرئيس السوري بشار الأسد في مقابلة مع الـ بي.بي.سي بأمور مذهلة. سوريا، كما قال، مستعدة للعيش بسلام وانسجام واعتراف متبادل مع دولة اسرائيل. في هذه المقابلة، وفي خطاباته وتصريحاته الأخيرة، لم يتطرق الأسد الى الفلسطينيين ولا الى الضفة الغربية ولا الى القدس. هو مستعد للسلام الكامل في مقابل الجولان كله».