محمد بدير
أثار انضمام أفيغدور ليبرمان إلى الحكومة الإسرائيلية ردود فعل عنيفة في الوسط العربي داخل إسرائيل، رأت الخطوة تهديداً مباشراً لوضع العرب كمواطنين في الدولة و«اعتداءً عليهم»، ودعت إلى تحركات احتجاجية قوية وواضحة لا تستثني الإضراب العام».
وقال رئيس حزب التجمع الوطني الديموقراطي، الدكتور عزمي بشارة، إنه «لا يجوز أن يمر تعيين المدعو ليبرمان نائباً لرئيس الحكومة من دون أن يصدر صوت احتجاج قوي وحاد من المجتمع العربي في الداخل».
ورأى بشارة أن «انضمام ليبرمان إلى الحكومة لا ينقلها من موقع اليسار إلى موقع اليمين الموجودة فيه أصلاً، إلا أن ليبرمان يصبح بذلك مسؤولا إسرائيلياً يحاول التخلص من نحو مئتي ألف مواطن عربي داخل الخط الأخضر ويطالب بربط حقوق البقية منهم بمواقفهم السياسية والخدمة العسكرية».
ورأى بشارة أن «ضم ليبرمان إلى الحكومة هو بمثابة منح شرعية كاملة بمستوى منصب نائب رئيس حكومة لمن لا يعترف عملياً بحقوق المواطنة للمواطن العربي»، مشدداً على ضرورة أن «يسمع عامير بيرتس وأمثاله في حزب العمل رأي المجتمع العربي بسلوكه وتمسكه بالمنصب». ووصف حصول بيرتس على رئاسة لجنة شؤون «المواطنين غير اليهود» في مقابل موافقته على انضمام ليبرمان إلى الحكومة بأنه «استخدام للمواطنين العرب للتغطية على بقاء حزب العمل في الحكومة».
ودعا بشارة «قواعد الحركة الوطنية والجمهور العربي برمته والوطنيين وشرفاء هذا الشعب إلى التحرك وإسماع صوت عال بأن الجماهير العربية تستشعر خطراً بوجود مثل هذا الفاشي نائباً لرئيس الحكومة. فخط ليبرمان السياسي وتاريخه أخطر من (الزعيم اليميني يورغ) هايدر في النمسا الذي أقاموا (إسرائيل والدول الأوروبية) الدنيا عليه».
ووجه كل من بشارة والنائب العربي في الكنيست عن الجبهة الديموقراطية للسلام والمساواة، حنا سويد، رسالة إلى رئيس لجنة المتابعة العليا (أعلى مرجعية سياسية لعرب الداخل) يطالبانه فيها بعقد اجتماع طارئ للجنة، لبحث موضوع ليبرمان واتخاذ خطوات واضحة بهذا الشأن. وجاء في الرسالة «أن المواطن العربي يرى أن انضمام ليبرمان الى الحكومة الإسرائيلية كنائب لرئيس الحكومة اعتداء مباشر عليه... وهذا أساس لخطوة احتجاجية وقرار حاد لا يجب أن يستثنى منه الإضراب العام».
كما رأى رئيس حزب «الحركة العربية للتغيير»، أحمد الطيبي، أن «دخول ليبرمان إلى الحكومة رسالة واضحة بأن الحكومة تضفي الشرعية على العنصرية والفاشية وتحولهما إلى أمر عادي في المجتمع». ودعا الطيبي، كما فعل بشارة، المجتمع الدولي وحكومات العالم إلى مقاطعة الحكومة الإسرائيلية بسبب ليبرمان وسياساتها ضد الفلسطينيين.
وطالب عضو الكنيست العربي، عباس زكور، من القائمة العربية للتغيير، الدول العربية التي تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل بقطع هذه العلاقات واستدعاء السفراء، معتبراً أن استمرارها مع حكومة عنصرية تضم وزراء مثل ليبرمان، يمثل صفعة لمواطني (هذه الدول) العرب والمسلمين».
ولم تكن مواقف أعضاء الكنيست العرب في حزب العمل أقل حدة من مواقف نظرائهم في الأحزاب العربية. ورأى غالب مجادلة أن تعيين بيرتس رئيساً للجنة شؤون «المواطنين غير اليهود» إهانة لذكاء العرب، فيما رأت ناديا الحو أن الأجواء داخل «القطاع العربي» في الحزب محمومة، مشيرة إلى أن «حقوق الجمهور العربي ينبغي ألا تكون جزءاً من المساومات مع ليبرمان».
وشهد «القطاع العربي» داخل حزب العمل تفاعلاً كبيراً مع الحركة الاحتجاجية العامة في الوسط العربي.
وأكد مسؤولون في هذا القطاع أن «إغلاق الحساب مع بيرتس سيحين عند انتخابات الرئاسة داخل الحزب»، فيما أشار آخرون إلى أنهم يدرسون بجدية خيار الاستقالة من الحزب.
وتساءل البعض الآخر حول الطريقة التي سيرد فيها كل من بيرتس وأولمرت «إذا ما قامت حكومة فرنسا مثلاً بضم شخص إليها يدعو إلى طرد يهود فرنسا». وأكد هؤلاء أن «القطاع العربي» في الحزب سيعقد قريباً اجتماعاً لمناقشة الخطوات المطلوبة إزاء هذا التطور.
وتوقف الجميع عند «الرشوة» التي أراد بيرتس من خلالها شراء صمت المواطنين العرب، والمتمثلة برئاسته للجنة شؤون «المواطنين غير اليهود»، واعتبروا الأمر «مسرحية غير موفقة»، مشيرين إلى أن هذه اللجنة هي قالب فارغ لا صلاحيات له ولا موازنات خاصة، وبالتالي هي شكل من دون مضمون.