عوزي بنزيمان ــ هآرتس
يريد وزير الدفاع الحالي عمير بيرتس التمتع بدعم الجميع: من ناحية أولى، هو يطالب بزيادة ميزانية الدفاع بمبلغ 30 مليار شيكل، ومن ناحية أخرى، عندما تحاول وزارة المالية أن تخلق نوعاً من الملاءمة بين ميزانية الدولة مع ذلك الارتفاع الكبير الذي نجم عن تكلفة الحرب، يهدد وزير الدفاع بخلق أزمة وزارية.
يعبر بيرتس في موقفه عن مجموعة من الوزراء، من الذين لم يدركوا حتى الآن التكلفة الحقيقية للحرب، ولا نتائجها السياسية الفورية، إذ إن هذه الضجة التي أحدثتها الحرب اللبنانية لم تكن في الحسبان، وللأسف، فإن الوزراء الجدد وأولئك الذين شاركوهم في المجلس الوزاري المصغر، بعيدون حتى الآن عن ردود فعل الجمهور؛ فإذا كانوا حتى تاريخ 12 تموز غارقين في ثقافة السلطة التي تقوم على أساس خلق الأزمات، فإنهم يتوقعون الآن أن ينهمكوا هم والآخرون في الضجة. ولكن من يطلب من جانب واحد مبالغ ضخمة لاحتياجات الأمن ولا يؤيد، من الناحية الأخرى، الخطوات الاقتصادية التي لا بد من اتخاذها من أجل تحقيق الهدف الأول، وليس فقط من ناحية جزئية، كما يطلب، فإن واقع الحال يقول إنه لا يصلح لأن يكون في مكانه.
بيرتس ليس مخولاً، وليس قادراً، على أن يرفع في يده اليُمنى علماً ينظف به الأجواء الأمنية، كما يقول، وباليد الأخرى علماً يصحح به الأوضاع الاجتماعية. فلا هو مخول بذلك، ولا حزبه أيضاً.
عضوا الكنيست أفيشاي بارفرمان وشالي يحيموفيتش يُعرضان عملهما للسخرية عندما يخرجان بغضب ويعارضان جميع الخطوات التي تعتزم وزارة المالية اتخاذها في ما يتعلق بالتقليصات والاقتطاعات، حيث إن حزبهما يعارض هذه الخطوات من دون أن يعرفا سببها ولا ضرورتها. كذلك أيضاً بالنسبة لإيلي يشاي والمسؤولين في حزب المتقاعدين. يجب على هذه المجموعة التي دخلت إلى السلطة للمرة الأولى، والتي لا تعرف ماهيتها، أن تقرر موقفها من جدول الأفضليات الذي رفعته هي نفسها: إصلاح الجيش الإسرائيلي، أو إصلاح المجتمع الإسرائيلي ورفع مستوى الطبقات الضعيفة. لا يمكن الإمساك بكلتا اليدين بطلبات متناقضة.
يتكلم زعيم حزب شاس بصورة حاسمة قائلاً إن شركات الإقراض الدولية ستكتشف أن الاقتصاد الإسرائيلي والاقتصاديين الإسرائيليين غارقون في العجز المالي، وأن بيرتس يبدو شخصاً غير مستقر عندما يتحدث عن إيجاد «مصادر جديدة»، يمكن من خلالها أن تكون هناك دبابة لكل مُسن وطائرة «اف16» لكل ولد.
الدولة تواجه تحدياً يمكن أن يكون بسيطاً: أن تتوصل إلى النتائج الصحيحة التي أفرزتها الحرب وأن تحدد جدولاً جديداً للأفضليات القومية المناسبة. وعليها أن تقرر ما هو التهديد الأكثر جدية من غيره الذي يُخيم عليها، هل هو أمني؟ اقتصادي ــ اجتماعي؟ حكومي؟ اخلاقي؟ وأن تخصص المصادر والموارد اللازمة والمهمة لهذه الغاية. إذ إن الخلط بين هذه الأمور جميعاً لا يمكن أن يضعها أمام خيار صحيح، ولا سيما مع ضرورة التوصل إلى تسوية مع جيرانها.
يجب على الدولة أيضاً أن تُشخص جيداً التهديدات الأمنية: إيران؟ الفلسطينيين؟ سوريا؟ حزب الله؟ ومن هنا عليها أن تحدد قيمة الاقتطاعات المطلوبة. إذا كان الهدف الأسمى هو تقوية قدرة الجيش الاسرائيلي، فلا بد من فحص الوجهة اللازمة بعقلانية واضحة، وإذا كانت الوسيلة الأساسية هي التوصل إلى إصلاح بنية تدفق عشرات المليارات من الشيكلات إلى ميزانية الأمن والدفاع، فلنفعل ذلك. ولكن إذا كان الهدف على نحو ما نراه، غير ذلك، فعلى الدولة أن توائم ما بين ميزانيتها للاحتياجات الأمنية المصححة وأن تكون مستعدة للتقليص في الموارد الموجهة لتغطية الخدمات الأخرى في الدولة.
ولكي نصحح الأوضاع بشكل مناسب لا بد من النظر إلى الاحتياجات الفعلية، ومن ثم اتخاذ القرار الصحيح والمناسب والذي يمكن أن يتفهمه الجمهور من خلال تسيير مصالح الدولة على نحو صحيح. لا تقوى الحكومة الحالية على الالتزام بموقف كهذا أو معالجته. فهي لا تعمل كجسم قيادي واحد، بل تعمل كتجمع لشظايا حزبية معينة ولسياسيين لهم أهداف ومصالح خاصة في التقليصات، وعلى نحو شخصي، ومع ذلك فهي تتوقع أن ينضم الجمهور إليها ويساندها في قراراتها. ولكنها هي نفسها ليست مؤهلة للتخلص من ثقافة السلطة القديمة المتغلغلة فيها، والتي يمكن أن تكون أضرارها الخطيرة قد بدأت تتكشف يوم 12 تموز الماضي.