أظهر استطلاع الرأي العام الشهري، الذي يجريه مركز «تامي شتاينمتس لأبحاث السلام» التابع لجامعة تل أبيب تحت عنوان مقياس السلام، حملة من المعطيات الكفيلة بدق ناقوس الخطر في إسرائيل نظراً لكونه مس مسألتين بالغتي الحساسية في الوجدان اليهودي ــ الإسرائيلي العام، وهما ارتفاع معدل فقدان الثقة بالجيش الإسرائيلي، «قدس أقداس المجتمع الإسرائيلي»، وزيادة الاعتقاد بتآكل قدرة الردع الإسرائيلية، بوليصة تأمين هذا المجتمع في وجه المخاطر المختلفة.
وقد أجمل البروفيسوران افرايم ياعر وتمار هرمن، نتائج مقياس السلام بالإشارة إلى أن الانتقاد الذي يوجهه الجمهور اليهودي في إسرائيل تجاه المؤسسة السياسية والأمنية تعزز كثيراً على خلفية حرب لبنان الأخيرة. وبحسب ياعر وهرمن، ثمة أجزاء كبيرة من الجمهور لا تثق بأهلية التنفيذ وبنقاوة المعايير لدى المؤسسات الرئيسية، وبينها الجيش الإسرائيلي والحكومة والكنيست والمحكمة العليا ووسائل الإعلام؛ فبحسب سلم درجات من صفر إلى مئة نقطة، حصل الجيش الإسرائيلي من الجمهور اليهودي على 63 نقطة (81 نقطة في كانون الأول 2001)، وحصلت محكمة العدل العليا على 48 نقطة (66.5 نقطة في السابق) والحكومة على 28 نقطة (38 سابقاً) ووسائل الإعلام على 40 نقطة (48 سابقاً) والكنيست على 27 (30 سابقاً)، الأمر الذي يوضح انعدام الثقة والسبب الذي يجعل غالبية الجمهور تعتقد أنه لا يمكن الاعتماد على الحكومة والجيش الإسرائيليين كي يتوليا التحقيقات المناسبة ويستخرجا العبر من العدوان على
لبنان.
وبحسب 68 في المئة من المستطلعين، إن قوة الردع الإسرائيلية قد تراجعت بعد الحرب على لبنان، بينما رأى 23 في المئة أنها تعززت، وهو الأمر الذي يفسر التأييد الواسع لزيادة ميزانية الأمن، طالما لا يؤدي ذلك إلى تقليص ميزانية الرفاه الاجتماعي أو زيادة الضرائب.
وبحسب ياعر وهرمن، تنظر غالبية الجمهور اليوم بشكل سلبي إلى القرار الذي اتُخذ عام ألفين بالانسحاب الأحادي الجانب من الجنوب، من دون اتفاق مع سوريا ولبنان. ومع ذلك، لا تعتقد غالبية الجمهور أنه لو أظهرت حكومة إسرائيل في الماضي مرونة أكبر في المفاوضات حول هضبة الجولان مع سوريا، لأمكن منع الحرب الأخيرة وتعاظم قوة حزب الله.
وحول القوة الدولية التي تواصل انتشارها حالياً في جنوب لبنان، أيد 71 في المئة من المستطلعين هذه الخطوة كانعكاس مباشر للحرب وتأثيراتها على الرأي العام الإسرائيلي، والذي يُعد أيضاً تراجعاً للمعارضة التقليدية في إسرائيل للتدخل الدولي بكل ما يرتبط بأمنها، علماً أن مؤشر تشرين الأول 2002 اظهر تأييد 25 في المئة ومعارضة 58 في المئة لخطوة كهذه.
علاوة على ذلك، ورغم الضعف الذي أصاب قدرة الردع، يعارض الجمهور اليهودي، بحسب الاستطلاع، اليوم أكثر من السابق التوصل إلى اتفاق سلام مع سوريا في مقابل انسحاب كامل من الجولان؛ إذ تظهر معطيات المؤشر معارضة 71 في المئة من الجمهور الإسرائيلي للانسحاب من الجـــولان، فــــي مقــــابل موافقة 14 في المئة وامتناع البقية عن إبداء رأي.
(الأخبار)