strong>«يئس» من الجيش فاستقال... عله يكون مثالاً يحتذي به قادتهحيفا ــ الأخبار

عاصفة الأزمات السياسية التي تضرب المستويين السياسي والعسكري في إسرائيل بسبب الإخفاق في لبنان، وصلت إلى مرحلة المحاسبة، وتوالي الاستقلات، بإعلان استقالة قائد المنطقة الشمالية أودي آدم، أمس، غداة الكشف عن أن قائد منطقة الوسط في الجيش الإسرائيلي، الجنرال المتدين يئير نافيه، قدَّم هو أيضاً استقالته لرئيس الأركان دان حالوتس وأنه سينهي مهامه في كانون الثاني من العام المقبل.
ورغم اختلاف دوافع الجنرالين، إلا أنهما متفقان على أن «أجواء اليأس تسود الجيش الإسرائيلي»، وكلاهما يؤكد على أن هناك أزمة في «اتخاذ القرارات»، ملمحين إلى أن «حالوتس هو المسؤول».
وقدَّم آدم استقالته أمس إلى حالوتس، الذي قبلها فوراً، وخصوصاً أنَّ العلاقة بين الرجلين امتازت أخيراً بالتوتر نتيجة خلافات على قيادة المنطقة الشمالية في ظل العدوان الإسرائيلي على لبنان.
ورغم أن استقالة آدم كانت متوقعة، إلا أنها أحدثت ردود فعل ساخطة في المستويين العسكري والسياسي، فطالب مسؤولون إسرائيليون وزير الدفاع الإسرائيلي عمير بيرتس وحالوتس بـ «استخلاص العبر وتقديم استقالتيهما».
وكان وزير البنى التحتية وعضو المجلس الوزاري المصغر بنيامين بن العيزر، على رأس هؤلاء المطالبين. وقال، في لقاء أجرته معه الإذاعة الإسرائيلية الرسمية: «على حالوتس أن يتحمل المسؤولية عن الإخفاقات في حرب لبنان الثانية»، مشيراً إلى أن «حالوتس فشل في الحرب على لبنان، وعليه تحمل المسؤولية كاملة، وأن يقول للجيش شكراً وسلامات».
وأشار عضو الكنيست الإسرائيلي عامي أيالون (العمل)، الذي شغل سابقاً منصب قائد سلاح البحرية الإسرائيلي، إلى أن آدم «لم يكن المسؤول الوحيد عن أحداث الحرب في لبنان». وقال: هناك «مذنبون آخرون في المستوى السياسي، وأعتقد بأنَّ على بيرتس أن ينهي مهمته كوزير للأمن».
وكان آدم طرفاً في «حرب الجنرالات» في الجيش الإسرائيلي، التي تجلّت واضحة خلال العدوان الإسرائيلي على لبنان. وتأتي استقالته نتيجة ما شهدته الساحة العسكرية من توترات وعلاقات معقدة دفعته في حينه إلى التصريح لمقربيه بأنَّه سيترك الجيش الإسرائيلي «عندما يعود الجندي الإسرائيلي الأخير من أرض لبنان». وفي ظل «الضرورة للتعاون في ظل الحرب»، شهدت علاقة آدم وحالوتس أجواءً مشحونة للغاية وصلت إلى حد ما عادا يتبادلان الحديث.
وبدأت الخلافات عندما قرر حالوتس مع بداية العدوان على لبنان إقالة قائد لواء 91 من المنطقة الشمالية، غال هيرش، وهو الأمر الذي عارضه آدم جملة وتفصيلاً. وقال آدم لحالوتس: «إذا أقلت هيرش فإنني سأستقيل».
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، ففي الأيام الأخيرة للعدوان، ومع اقتراب المصادقة على «حملة عسكرية برية واسعة»، عيَّن حالوتس نائبه موشيه كابلينسكي «مندوباً» عنه في المنطقة الشمالية ليعمل إلى جانب آدم، وهو ما اعتبره الأخير «إهانة مهنية»، في ظل عدّ المحللين العسكريين هذه الخطوة «إقالة غير رسمية لآدم».
ويذكر أنَّ لآدم انتقادات شديدة لكيفية اتخاذ القرارات في القيادة العسكرية وأنه اختار ألا يكشف عنها خلال الحرب، رغم أن مقربين منه قالوا إنه «تأثر كثيراً بما يجري».
وعيّن آدم قائداً للمنطقة الشمالية قبل عامين تقريباً عندما كان شاؤول موفاز وزيراً للدفاع. وجاء تعيينه بعد خدمة 30 عاماً في الجيش الإسرائيلي. والده الجنرال يوكتوئيل (كوتي) آدم، الذي قتل على أرض لبنان في حرب العام 1982، عندما كان يشغل منصب نائب قائد الأركان.
ويذكر أن آدم الأب هو القتيل الإسرائيلي صاحب الرتبة العسكرية الأرفع في تاريخ إسرائيل، وابنه أصبح المستقيل الأول صاحب الرتبة الأعلى في الجيش.
وقال أحد المقربين من آدم: «لقد فضل آدم خلع ملابس الجيش والمضي. لقد انصاع على مدار عشرات السنين لأوامر الضباط وتعلم منهم وكانوا بالنسبة إليه مثالاً يقتدى به ويتمنى هذه المرة أن يكون هو مثالاً لقادته كي يقتدوا به».
قد تكون استقالة آدم جزءاً من عاصفة كبيرة تهب في المستوى العسكري الإسرائيلي وتقلبه رأساً على عقب.
وفي ظل أنباء عن استقالة واحد من أصحاب أكبر الرتب في الجيش، كشف المراسل العسكري لصحيفة «معاريف» عمير رابابورت أن قائد منطقة الوسط في الجيش الإسرائيلي يئير نافيه، قدّم استقالته إلى حالوتس في ظل «الأجواء السيئة التي تسود القيادة العسكرية».
ومن المتوقع أن ينهي نافيه مهامه في كانون الثاني المقبل. وتأتي خطوة نافيه، حسب مصادر مقربة منه، «احتجاجاً على ممارسات قائد الأركان دان حالوتس الذي لا يستشير أحداً». وقال المقربون أنفسهم إن قرار نافيه نبع من «الأجواء اليائسة» التي تسود الجيش الإسرائيلي والمتمثلة بـ «أزمة الثقة والعلاقات الصعبة بين قادة الجيش الإسرائيلي».
وحتى الآن لم يعلن حالوتس إذا كان سيقبل طلب استقالة نافيه أم لا. إلا أن من المؤكد أن حالوتس سيعرض عليه مهام أخرى، منها أن يكون قائداً لجناح الحملات في الجيش الإسرائيلي.
ويذكر أنَّ نافيه هو صاحب التصريحات التي أحدثت أزمة ديبلوماسية بين الأردن وإسرائيل، عندما قال، في محاضرة ألقاها بعد صعود حركة «حماس» إلى السلطة: «إن 80 في المئة من الأردن هم فلسطينيون والمملكة الهاشمية لن تصمد كثيراً»، وهو الأمر الذي دفع رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت في حينه إلى الاعتذار للأردن باسم الإسرائيليين. وسافر وفد إسرائيلي إلى الأردن ولم يستقبله الملك عبد الله الثاني نتيجة تصريحات نافيه.