strong>شكّل قرار القوى الفلسطينية الرئيسية تأليف حكومة وحدة وطنية، والرد الإسرائيلي السريع والمتحفظ عليه، مادة جديدة للنقاش السياسي داخل إسرائيل، حيث تراوحت التعليقات بين متفهم لهذا الرد ومتحفظ عليه، مع الدعوة إلى ضرورة الاستفادة من هذه الفرصة لفتح آفاق المسار الفلسطيني.مهدي السيد

تصاعدت الدعوات في الصحف الإسرائيلية، أمس، إلى إعطاء الأولوية للاستقرار في الأراضي الفلسطينية على الاعتراف بإسرائيل، على قاعدة أن التجارب السابقة أثبتت أن الدولة العبرية تحصل على «الفشل» في كل مرة ترفض فيها الفرصة المتاحة أمامها.
وفي تعليقها على الرد الإسرائيلي على تأليف حكومة الوحدة الفلسطينية، رأت «هآرتس»، في افتتاحيتها، أن الرد كان " تلقائياً ومتوقعاً، مفاده أنه حتى مع وجود حكومة كهذه، ليس ثمة أساس لإدارة المفاوضات". وعللت الصحيفة الرد الإسرائيلي باعتبار أنه "بالنسبة إلى إسرائيل، فإن الاعتراف الفلسطيني بقرارات مؤتمر قمة بيروت لعام 2002، أو تبني الحكومة الجديدة لوثيقة الأسرى، لا يستجيبان للشروط الإسرائيلية الأساسية الثلاثة. ذلك أنه من دون اعتراف صريح بإسرائيل، ومن دون تبني الاتفاقات التي وُقعت بين إسرائيل وبين الفلسطينيين في السابق، ومن دون نبذ العنف، فإن الحكومة الفلسطينية الجديدة لا تختلف بشيء عن الحكومة السابقة". ولا تقف الصحيفة عن هذا الحد، بل تحاول تبرير "مطالب إسرائيل" من خلال اعتبارها "مشروعة" بحجة أن "الدولة لا تستطيع أن تجري مفاوضات سياسية مع حكومة لا تعترف بها أو بحقها في الوجود".
وترى الصحيفة أن حكومة الوحدة الفلسطينية "لا تشكل بالضرورة شريكاً تستطيع إسرائيل أن تُجري معه مفاوضات سياسية والتوصل إلى تسوية دائمة". ومع ذلك ترى «هآرتس» أن "هناك مصلحة حيوية لإسرائيل في أن تسيطر على المناطق الفلسطينية حكومة مستقرة، مسؤولة، قادرة على الاهتمام بمواطنيها. فهذه حكومة من شأنها على الأقل تحرير إسرائيل من ضرورة إدارة شؤون السكان الفلسطينيين بشكل مباشر، وحتى التوصل لاحقاً إلى ترتيبات أمنية تتيح بناء ثقة في المستقبل".
على هذا الأساس، ترى الصحيفة أنه "لا يجوز لإسرائيل أن ترفض هذه الفرصة، وأن تغرق كعادتها في تفسير برنامج الحكومة الجديدة وتتجاهل الأصوات في العالم العربي التي تدعو إلى استئناف المبادرة السعودية، والتي من شأنها منح الأمل للجمهور الإسرائيلي والفلسطيني".
في السياق ذاته، علقت «يديعوت أحرونوت» على الموقف الإسرائيلي، فرأت أن "المراسم تُكرر نفسها، حيث إنه قبل أن ينتهي الفلسطينيون من بلورة ووضع لائحة يُقدمونها الى الجمهور حول قرار تأليف حكومة وحدة وطنية، سارعوا في إسرائيل، الى الإعلان أن لا قاعدة وأساساً لإجراء مفاوضات سياسية مع هذه الحكومة الجديدة".
وتضيف «يديعوت» أنه "رغم أن هذه الحكومة ليست تلك الحكومة التي أردنا أن تكون عندنا، حيث إن خطوطها السياسية الأساسية لا تشتمل على بند واضح ينص على الاعتراف بدولة إسرائيل، ولا التزام كل الاتفاقات التي سبق أن وقعت بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، ولا تعهد بالتخلي عن العنف الذي لا يقتصر صراحة على مناطق الضفة الغربية، إلا أن تجربة الماضي علمتنا أنه كلما رفضنا الاعتراف بما هو جيد تقريباً حصلنا على ما يكفي بالكاد، وفي كل مرة لم يلب هذا مطالبنا حصلنا على الفشل".
وبحسب الصحيفة نفسها، "فقد حان الوقت للتركيز على الممكن وليس على المخاطرة، والإعلان عن أنه مع نصف الكأس المليئة ثمة اعتراف غير مباشر بدولة إسرائيل ووجودها، وهو اعتراف مختلط باتفاقات الماضي، وأنه في هذه الحكومة، حتى، وإن لم يكن فيها ممثلون عن محبي صهيون، فإنه لا أكثرية لحركة حماس".
وإذ تعترف الصحيفة بأن هذا الواقع "صعب فعلاً"، إلا أنها ترى أنه "مقارنة بالبديل، وهو التصعيد في الجنوب، أو استئناف العمليات الانتحارية داخل إسرائيل، وبالثمن الذي سندفعه، فإن هذه الحكومة، كما هي الحال مع جميع الحكومات الأخرى، لا تمتلك الحق بالرفض التام لهذا الاحتمال بالتغيير".
بدورها، أجرت «معاريف» جردة حساب أمنية وسياسية بعد مرور عام على الانسحاب من غزة، فأشارت إلى "أن صواريخ القسام تواصل الانطلاق باتجاه المستوطنات الإسرائيلية في منطقة غلاف غزة، ورئيس الشاباك، يحذر من مغبة تحول غزة إلى لبنان، فيما أن أحداً لا يعرف كيف ستنتهي قضية أسر الجندي جلعاد شاليط، وهي القشة التي قصمت ظهر الجيش الإسرائيلي ودفعته الى أن يدفع مرة أخرى بمئات الدبابات الى داخل القطاع».
تضيف معاريف أنه "بات واضحاً أن هذا الأمر أدخل الشرق الأوسط في دائرة دموية جديدة وأضرم بشكل غير مباشر نار حرب لبنان الثانية. ومع ذلك، فإن تحليلاً كمياً للأحداث الأمنية يفيد بأن الوضع حيال قطاع غزة قد تحسن بالذات".
أما على الصعيد السياسي، فترى الصحيفة أن "الفشل في القطاع كان سياسياً بامتياز: فالانسحاب اعتبر في نظر الفلسطينيين كنتيجة للضغط العسكري، وقد واصلوا ملاحقة إسرائيل وإطلاق الصواريخ نحوها؛ حكومة حماس صعدت الى السلطة؛ ولم يكن لإسرائيل تقريباً لحظة واحدة من الهدوء منذ فك الارتباط".