محمد بدير
قدمت معطيات التقدير الاستخباري السنوي، الذي تعده شعبة الاستخبارات العسكرية التابعة للجيش الإسرائيلي، دليلاً إضافياً على الفشل الاستراتيجي الذي مني به العدوان على لبنان، إلى جانب فشله على المستوى التكتيكي. ويظهر ذلك من خلال سقوط أهدافه الاستراتيجية الرئيسية، وتحديداً استعادة قدرة الردع، وتجنب حصول حرب أو مواجهة جديدة، وتقديم حلول بعيدة المدى للتحديات الأمنية التي تشكلها حركات المقاومة في لبنان وفلسطين.
ويتبين من التقديرات التي يجري التداول فيها لدى محافل التقدير الاستخباري في الجيش الإسرائيلي، تمهيداً لصدور التقدير السنوي للعام المقبل، أن هناك احتمالاً قائماً من ناحية عملية لتتجدد الحرب على الجبهة الشمالية عام 2007، وذلك بتأثير من الحرب الأخيرة مع حزب الله، وعدم استعادة قدرة الردع حيال الدول العربية بنتيجتها.
وينقل المراسل العسكري لصحيفة «معاريف»، عامير ربابورت، أن "المداولات التي تجري في الجيش الإسرائيلي استعداداً للتقدير الاستخباري لعام 2007، تظهر توقعات غير متفائلة لجهة إسرائيل، ويتوقع أن يستأنف القتال في الجبهة الشمالية بالتوازي مع تعاظم تهديد الإرهاب العالمي على إسرائيل".
يتبين من التقديرات لعام 2007، التي تثير اهتماماً خاصاً لدى محافل التقدير الاستخباري الإسرائيلي في أعقاب نتائج العدوان على لبنان، أنه "رغم كون استعادة قوة ردع إسرائيل حيال الدول العربية كانت أحد الأهداف الأساسية للحرب (مع حزب الله)، إلا أن التهديد بنشوب حرب أخرى لا يزال قائماً من ناحية عملية، على عكس توقعات العام الماضي، التي رأت احتمالية منخفضة للحرب على الجبهة الشمالية".
وينقل ربابورت عن مصادر عسكرية على صلة بالتقديرات قولها إن "الجيش الإسرائيلي يربط بين احتمال الاشتعال على الجبهة الشمالية والجهود التي تبذلها إيران وسوريا لتجديد ترسانة الصواريخ البعيدة المدى لدى حزب الله، مثل صواريخ فجر وصواريخ زلزال، وخاصة في ظل عدم وضوح نجاعة الرقابة الدولية على المعابر الحدودية اللبنانية في منع حزب الله من تجديد مخزونه من الصواريخ".
ويظهر أيضاً من مداولات التقدير الاستخباري السنوي، المفترض أن يصدر في الخريف المقبل، "الخشية من أن تحاكي سوريا النموذج اللبناني وأن تستخدم منظمات الإرهاب لتنفيذ عمليات ضد الجيش الإسرائيلي في هضبة الجولان، وهي الساحة التي بقيت هادئة طوال 30 عاماً، ومن شأن ذلك أن يدفع باتجاه مواجهة وحرب شاملة بين إسرائيل وسوريا".
وتنشغل التقديرات أيضاً بالملف النووي الإيراني وانعكاسه على إسرائيل، إذ تنقل الصحيفة عن مصادر مرتبطة بالتقديرات "خشية الجيش الإسرائيلي من تسخّن المواجهة بين الغرب وإيران في العام المقبل، وأن يؤدي ذلك إلى إطلاق الصواريخ الإيرانية باتجاه إسرائيل إذا هاجمت الولايات المتحدة إيران أو هاجمها التحالف الغربي، سواء هذا العام أو خلال العامين المقبلين".
وتنبه التقديرات الاستخبارية من سيناريو صعب يتعلق "بعملية تقوم بها منظمات دولية ترتبط بالقاعدة ضد هدف إسرائيلي، داخل إسرائيل أو خارجها، يؤدي الى التتسبب بالكثير من الإصابات ضد هدف إسرائيلي، وهو تهديد يتعاظم بسبب التصريحات الجديدة لزعماء القاعدة" التي أُطلقت أخيراً.
وتبحث التقديرات في مستقبل المواجهة على الجبهة الفلسطينية، فترسم صورة ضبابية غير واضحة تجاهها، رغم أنها تشدد على ضرورة دراسة تأثير حكومة الوحدة بين فتح وحماس على إسرائيل، والخشية من أن "تتمكن حكومة الوحدة من إحداث صدع في السور الدولي ضد حماس، من دون أن تنبذ طريق الإرهاب".