موشيه أرينس ـــ هآرتس
حان الوقت لممارسة لعبة الاتهامات. فمن المعروف أن أياً من السياسيين الضالعين مباشرة في إخفاق حرب لبنان الثانية، ليس مستعداً لتحمل المسؤولية عن المصيبة. فلماذا لا يتم إذن إلقاء المسؤولية على أحد المسؤولين من الماضي؟
سنبدأ برئيس الحكومة الذي خدم عام ألفين، إيهود باراك. فهو وعد خلال الحملة الانتخابية بسحب قوات الجيش الإسرائيلي من الحزام الأمني في لبنان؛ وهذا الوعد ساعده على ما يبدو على أن يُنتخب، وقد نفذ كلامه في 24 أيار 2000، وفي اليوم التالي رفرفت أعلام حزب الله في مقابل مستوطنات إسرائيلية في الشمال، وشبّه حسن نصر الله إسرائيل ببيت العنكبوت الذي يمكن تمزيقه إلى أشلاء من دون صعوبة. كانت هذه بداية عملية انتشار حزب الله في مواقع محصنة في جنوب لبنان، ولولا الانسحاب من الحزام الأمني، لما كانت غالبية المنطقة الشمالية في إسرائيل موجودة ضمن مدى جزء من صواريخ حزب الله، ومن المحتمل أيضاً أن الحرب ما كانت لتندلع أصلاً. لكن هل يعني هذا أن باراك هو المسؤول؟ ليس بالضرورة. بعد الانسحاب من الحزام الأمني في جنوب لبنان، كان بإمكان حكومات إسرائيل السابقة شن عمليات عسكرية من أجل منع حزب الله من بناء مواقع محصنة قرب الحدود وجمع المزيد من الصواريخ التكتيكية. لكن هل يعني هذا مسؤولية أرييل شارون ووزيري دفاعه بنيامين بن اليعيزر وشاؤول موفاز، عن الإخفاق الأخير وعن الكارثة؟ ليس بالضرورة.
وماذا بالنسبة إلى قلة التدريبات التي يخضع لها رجال الاحتياط في السنوات الأخيرة؟ وماذا بالنسبة إلى الوضع البائس لوحدات تخزين الطوارئ التابعة للجيش الإسرائيلي، والنقص الذي نجم عن ذلك على مستوى العتاد وتزويد وحدات الاحتياط عند اندلاع الحرب؟ هل يتعين إلقاء مسوؤلية الفشل على قادة هيئة الأركان الذين خدموا في السنوات الأخيرة، موفاز وموشيه يعلون؟ ليس بالضرورة.
هل يعني ذلك أن لا حاجة إلى لجنة تحقيق رسمية؟ هذا كان صحيحاً لو أن أولمرت وبيرتس وكل المجموعة قد تحملوا المسؤولية عن أخطائهم واستقالوا. ولكنهم يفضلون جر الدولة الى دائرة الاتهامات وتأليف لجنة تحقيق اختار رئيس الوزراء أعضاءها، رغم أنه سيكون الشاهد الرئيس أمامها. الآن، يدعو أولمرت الى إقامة نظام رئاسي يضمن فيه رئيس الوزراء مدة أربع سنوات، ذلك لأنه اذا ثبت تحمله المسؤولية عن الإدارة الفاشلة للحرب، فلن يكون بالإمكان إبعاده. الجمهور ليس بحاجة الى هذه العقوبة الإضافية.
المسألة تتعلق بقضية جدية فعلاً: قدرة إسرائيل على حماية نفسها من العمليات الهجومية المستقبلية تعتمد على تطهير الأجواء واتخاذ خطوات تعديلية في الجيش وقيادة مسؤولة جديدة للبلاد. من دون لجنة تحقيق رسمية لن يحدث ذلك، وكلما كان ذلك أسرع، كان أفضل من دون إهدار للوقت.