عكيفا الدار ـــ هآرتس
منذ اندلاع الانتفاضة الثانية التي احتفلت هذا الأسبوع بالعام السادس من المعاناة والفقدان، اكتسب مخيم جباليا في القطاع لنفسه سمعة باعتباره إحدى بؤر الاحتكاك العنيفة بين الإسرائيليين والفلسطينيين. اعتاد الاسرائيليون قراءة الأنباء عن مقتل المزيد من الأطفال في المخيم خلال مطاردة أحد «المطلوبين»، والولايات المتحدة من ناحيتها سدت آذانها وأصبحت بليدة المشاعر أمام التقارير المتتالية حول الضائقة المتزايدة في غزة. تكتفي أوروبا بالمساعدات المالية القليلة التي ترسلها إلى السكان عبر قنوات التفافية على حماس، وتكتفي الأمم المتحدة بإصدار قرارات عقيمة ضد سياسة القبضة الحديدية التي تستخدمها إسرائيل من جهة وعجز السلطة من الجهة الأخرى. أما الرباعية فتشغل نفسها بخريطة الطريق، وأوروبا تكتفي بمجموعة من المراقبين على معبر رفح بين غزة ومصر.
سألت وزير الخارجية الإسباني (ميغل انخيل) موراتينوس عن سبب تدخل المجتمع الدولي في لبنان بعد أربعة أيام من المعارك في بنت جبيل، بينما لم يفعل ذلك خلال سنوات الانتفاضة الست في المناطق؟ ولماذا لم تقترح أوروبا حتى اليوم إرسال قوة عازلة لإبعاد تهديد صواريخ القسام عن سدروت ومساعدة السلطة، بما في ذلك في عهد فتح، من أجل تجسيد صلاحياتها وفرض إرادتها؟ قال السياسي الأوروبي، الذي يعرف خبايا الصراع الإسرائيلي العربي، «هناك فرق كبير بين لبنان وغزة»، «لبنان، خلافاً للمناطق المحتلة، هو دولة سيادية مع حكم مركزي وقانون وجيش منظم». وعد موراتينوس بأن يصبح من الممكن ارسال قوات دولية الى غزة والضفة لمساعدة الطرفين في المستقبل عندما يتوصل الإسرائيليون والفلسطينيون الى اتفاق. ذكر موراتينوس بأن الوثيقة الختامية لمحادثات طابا 2001 قد تطرقت الى هذه النقطةهذه دائرة مغلقة سحرية من الصراع الاسرائيلي ـــ الفلسطيني، فما دامت المفاوضات في شأن إقامة دولة فلسطينية عالقة، فلن تتوقف المقاومة العنيفة للاحتلال، وما دامت المقاومة مستمرة فسترفض اسرائيل استئناف المفاوضات لإقامة الدولة الفلسطينية. وما لم يتوصل الجانبان الى اتفاق سلام، فلن ترسل الأسرة الدولية قوة حفظ سلام الى المنطقة. التجربة المريرة تشير الى أن الجانبين لا ينجحان في وضع حد للعنف أو التوصل الى تسوية من دون مساعدة طرف ثالث.
تحطيم هذه الدائرة السحرية المغلقة هو مفتاح إنهاء الصراع. على الأسرة الدولية أن تقرر أن مفاوضات إقامة الدولة الفلسطينية ومساعي إنهاء العنف ونشر قوة متعددة الجنسيات ستستأنف دفعة واحدة. الصيغة موجودة في قرار مجلس الأمن الرقم 1701، المفروض فقط استبدال كلمة لبنان بعبارة «المناطق الفلسطينية المحتلة» وكلمة «حزب الله» بـ«حماس»، وكلمة «الخط الأزرق» بـ«الخط الأخضر»، وهكذا تصبح النتيجة على النحو التالي: «مجلس الأمن يدعو الى نشر قوات فلسطينية وقوات الأمم المتحدة في غزة والضفة والوقف الفوري لكل هجمات حماس والأعمال الاسرائيلية العسكرية. المجلس يدعو الجانبين الى تأييد وقف نار دائم وحل دائم يرتكز على احترام الخط الأخضر وتحديد ترتيبات أمنية تحول دون تجدد المواجهة بما في ذلك إقامة منطقة عازلة ونزع سلاح الفصائل المسلحة في المناطق. يصادق المجلس على قيام القوة الدولية المكونة من 15 ألف عنصر لمتابعة توقف الأعمال الهجومية وتنسيق عملياتها مع الحكومتين ومساعدة الأجهزة الأمنية الفلسطينية. المجلس يعود ويؤكد أهمية احترام الخط الأخضر ويطلب من الأمين العام للأمم المتحدة بلورة اقتراح لتحديد الحدود مع اللاعبين الدوليين ذوي العلاقة».
القرار 1701، مثل باقي القرارات المتعلقة بالصراع، ينتهي بعبارة «مجلس الأمن يؤكد الحاجة الهامة الى تحقيق سلام شامل وعادل في الشرق الأوسط بالاستناد الى القرارين ذوي العلاقة، 242 و338». اذا كانت هناك «حاجة هامة» فعلاً، فعلى الأسرة الدولية أن تبدأ اذاً بالتعامل الجدي مع هذين القرارين المفتقدين للأسنان. ما كان جيداً في العام الماضي لبنت جبيل لا يمكن أن يكون سيئاً لجباليا في العام المقبل.