محمد بدير
ترى «مطالب» الأسد للسلام «غير مقبولة» وتعتبر بلاده «عاصمة الإرهاب»

حسم رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت الجدل الدائر في إسرائيل حيال كيفية التعاطي مع دعوات السلام السورية، فاستبعد خيار التفاوض مع دمشق التي وصفها بأنها «عاصمة الإرهاب» ضد إسرائيل، بالتزامن مع تغيير التقدير الاستراتيجي لدى جيش الاحتلال بشأن احتمالات الحرب على الجبهة السورية، لجهة ارتفاع درجة الواقعية في أعقاب نتائج العدوان على لبنان.
وشنّ أولمرت هجوماً عنيفاً على سوريا ورئيسها بشار الأسد، ووصف دمشق بأنها «عاصمة الإرهاب ضد إسرائيل ومصدر الدعم الرئيسي للمنظمات الإرهابية الفلسطينية».
وقال أولمرت، في مقابلتين إذاعيتين مع «صوت إسرائيل» وإذاعة الجيش الإسرائيلي أمس، إن «مسألة المفاوضات مع سوريا ليست واقعية... لأننا ننتمي إلى العالم الذي يحارب الإرهاب ولا يُسلِّم به أو يتهاون في هذا الموضوع».
وأضاف أولمرت «هذا البلد يمارس نشاطات إرهابية مستمرة ضد إسرائيل من طريق حماس والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين... وكل هذه الوقائع تدل على أننا لا يمكن أن نأخذ على محمل الجد تصريحات القادة السوريين».
وتابع رئيس الوزراء الإسرائيلي، معلّقاً على دعوات الرئيس السوري لاستئناف المفاوضات مع إسرائيل، «الأسد يقول شيئاً ويفعل عكسه. يجب التوقف عن الاستماع إلى شتى أنواع الأوهام والخدع. لقد دعم السوريون حزب الله بمستوى لا يقل عن الإيرانيين. كان الأسد المزوّد الرئيسي لحزب الله بالسلاح. إنه يمارس يومياً نشاطات إرهابية، والقول إن هذا الرجل ينوي التوصل إلى سلام مع إسرائيل أمر غير جدي».
وكرر أولمرت موقفه من هضبة الجولان المحتلة، معتبراً أنها «جزء لا يتجزأ من دولة إسرائيل». وقال، رداً على سؤال عن احتمال الانسحاب منها مستقبلاً، «إن رئيس الوزراء لا يتحدث بشكل افتراضي، ولست ملزماً بإطلاق تصريحات مشروطة، لأن الوقت برأيي ليس ناضجاً لذلك».
وفي السياق نفسه، وصف نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي شمعون بيريز السوريين بأنهم «رافضو سلام»، معتبراً أنهم «لو كانوا يريدون السلام لكانوا فعلوا ذلك منذ أمد طويل، ولما كانوا قدّموا ملاجئ آمنة لفصائل الرفض الفلسطينية».
وقال بيريز، في محاضرة في لندن، إن «الأسد يطالبنا بإعادة مرتفعات الجولان بأكملها واستعادة الحقوق العربية وحل المشكلة الفلسطينية قبل الدخول في أي مفاوضات، ونحن نعتبر ذلك أمراً غير مقبول لأنه لا يمكن تقديم مطالب قبل الجلوس إلى طاولة المفاوضات».
واشترط بيريز «جدية سوريا»، لإبرام اتفاق سلام مع سوريا، داعياً دمشق «التي تستضيف حماس» إلى ممارسة الضغوط عليها «من أجل العودة إلى طاولة المفاوضات».
وقدّم بيريز مطالعة تاريخية حول فرص السلام، التي فوّتتها سوريا بحسب نظرته، بدءاً من اتفاق كامب ديفيد، الذي رفض الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد مرافقة نظيره المصري في حينه أنور السادات إليه، ومروراً باستعداد أبداه «كل من إسحق رابين وبنيامين نتنياهو، خلال رئاستهما للحكومة الإسرائيلية، لإعادة جزء كبير من هضبة الجولان»، وانتهاءً بوعد، قال بيريز إنه أعطاه إلى الأمم المتحدة بخصوص الجولان، وطلب رداً سورياً عليه قبل انتخابات عام 1996 في إسرائيل، مشيراً إلى أن الجواب الذي حصل عليه هو أن «الرئيس حافظ الأسد على استعداد للقائي، لكنه لم يكن قادراً وقتها على تحديد موعد».
وكانت رئيسة الكنيست الإسرائيلية داليا إيتسيك (كاديما) قد انضمت إلى الداعين إلى مفاوضة سوريا، معتبرة أن على إسرائيل عدم تفويت هذه الفرصة التاريخية. وقالت إيتسيك، لصحيفة «معاريف»، «قد توجد هنا فرصة لمعاهدات جديدة. فسوريا تلمّح كل الوقت، ولست واثقة بأننا نملك ترف أن نكون مبذّرين لمثل هذه الفرص. تصوّر معاهدة جديدة مع سوريا. هذا ممكن. فماذا تريدون، أن نفوّت هذا؟»
ورداً على سؤال عن الموقف الأميركي الرافض لأي مفاوضات بين إسرائيل وسوريا، قالت إيتسيك «أعتقد بأن الأميركيين أيضاً يفكرون الآن تفكيراً آخر. إذا ربحنا سوريا، فسنربح الكثير من الأمور. لقد أصبحت معقلاً لحماس، للمتمردين في العراق، لحزب الله». وأضافت «يمكن أن نربح كل هذا اذا ما ساعدنا سوريا على التخلّص من محور الشر. يجب دقّ إسفين بين سوريا والعناصر السلبية. لا ينبغي رفع الأيدي الآن. حتى بعد 1973، عندما كان يخيّل للمصريين أنهم انتصروا علينا، وكان يخيل أن اسرائيل في وضع غير جيد، صنعنا السلام. وعلى هذا السلام البارد، الجامد أوقّع بكلتا يدي».
وفي ظل الجدل الدائر على المستوى السياسي في إسرائيل في كيفية التعاطي مع سوريا في المرحلة المقبلة، برز أمس خبر «التغيير الجوهري»، الذي قالت «معاريف» إنه طرأ على التقدير الاستخباري الاستراتيجي في الجيش الإسرائيلي بشأن احتمال لجوء سوريا إلى الخيار العسكري في مقابل إسرائيل.
فبحسب الصحيفة، غيّرت شعبة الاستخبارات العسكرية تقديرها ورفعت احتمالية اندلاع حرب أو أعمال عدائية مع سوريا من درجة «منخفض» الى «مرتفع». وقالت الصحيفة إنه «على مدى سنوات طويلة، كانت فرضية العمل والتقدير الاستخباري للجيش الاسرائيلي شبه الدائم هي أنه ليس لسوريا خيار عسكري حقيقي حيال اسرائيل. وبحسب هذا التقدير، فإن إمكانية شن حرب على اسرائيل أو محاولة خطوة عسكرية خاطفة محدودة لا تدرس بجدية في القيادة السورية ولا توجد في نطاق الخيارات ذات الصلة. أما الآن، فقد طرأ تغيير جذري على هذا الموقف. وفي شعبة الاستخبارات يعتقدون الآن بأن الخيار العسكري طرح خياراً حقيقياً في دمشق، وأن القيادة السورية تدرسه بجدية».
على هذه الخلفية، فإن احتمال اندلاع حرب أو أعمال هجومية محدودة حيال سوريا لم يعد يوصف بأنه «منخفض».