معاريف ــ عمير ربابورت
مع اندلاع الحرب، طالبت إسرائيل بإعادة الجنديين المخطوفين فوراً وبلا شروط، وبإبعاد حزب الله عن الحدود ونزع سلاحه وانتشار الجيش اللبناني في الجنوب. ولكن رويداً رويداً، بدأت الحكومة تتنازل عن مطالبها، وهي الآن تتراجع وتنكفئ مرة أخرى.
يوجد اليوم في جنوب لبنان قوات غير كبيرة من الجيش الإسرائيلي، وآخر الجنود سيعودون إلى البلاد في غضون بضعة أيام وربما حتى قبل يوم الغفران. صحيح أن إسرائيل اشترطت الانسحاب الكامل بتفكيك البنى التحتية لحزب الله جنوبي نهر الليطاني، وهكذا أيضاً اتفق في مجلس الأمن في الأمم المتحدة. غير أنه يبدو الآن أنه ليس للحكومة أي نية للإصرار على هذا الشرط، وأنه، رغم تصريحاتها الحازمة، فإنها مستعدة للتسليم بوجود حزب الله في جنوب لبنان. ويمكن أن نجد تلميحاً إلى ذلك في ما نراه في المداولات قبل الانسحاب، والتي أجريت في الآونة الأخيرة مع الجيش اللبناني ومندوبي اليونيفيل. ولم تتركز المداولات على السلاح الكثير الباقي بيد حزب الله جنوبي الليطاني، بما في ذلك آلاف الصواريخ، بل فقط في مسألة كيف ستتصرف قوات يونيفيل والجيش اللبناني عندما ترى رجلاً من حزب الله مسلحاً يتحرك في المنطقة.
وبالمناسبة، في هذه المسألة أيضاً لم يتم الاتفاق. فإسرائيل تطالب بالطبع بمعالجة أمر مثل هذا الرجل على الفور، إلا أن حكومة لبنان تصر على أن يُنزع السلاح من قبل قوات الجيش اللبناني نفسه، وليس من قبل قوة اليونيفيل، التي ينحصر دورها في التبليغ عن المسلحين للجيش اللبناني.
وتعترف محافل الأمن بأن «الواقع الجديد الآخذ بالنشوء في جنوب لبنان بعيد عن آمالنا المسبقة. من الواضح أن نزع سلاح حزب الله ليس واقعياً مثلما جرى مع قرار مجلس الأمن للأمم المتحدة الرقم 1559 والذي اتخذ قبل سنوات وأساسه نزع سلاح حزب الله في كل لبنان وليس فقط في الجنوب، حيث يبقى على الورق. ومن الواضح أيضاً أن أياً من جنود يونيفيل لن يخوض اشتباكاً مع أي من رجال حزب الله المسلحين إذا ما التقى به». ولكن هناك أصوات أكثر تفاؤلاً، فقد قالت مصادر أمنية أخرى إنه حتى بعد استكمال الانسحاب العسكري الإسرائيلي إلى الجانب الإسرائيلي من خط الحدود الدولية، ستواصل إسرائيل المطالبة بتطبيق قرار الأمم المتحدة بكامله، وعلى رأس ذلك ــ إعادة الجنديين المخطوفين وتفكيك حزب الله. ولكنهم يعترفون أيضاً بأنه «لم تعد لدينا روافع ضغط هامة على لبنان، وسيكون من الصعب الفرض على حزب الله أياً من هذه القرارات».