مهدي السيد
مسرورة بـ«خط» السنيورة وتحذره من «التراجع عنه»
يسود الأوساط الإسرائيلية المختلفة انطباع مفاده أن الوضع الآخذ في التبلور على الحدود مع لبنان، لا يشبه أبداً الصورة التي رسمها المستويان السياسي والعسكري في أذهان الرأي العام الإسرائيلي بشكل عام،ولا يتطابق مع التقديرات الإسرائيلية التي كانت تأمل رؤية الجانب اللبناني من الحدود خالياً من أي وجود مدني أو عسكري لحزب الله.
توقفت الصحف الإسرائيلية أمس باهتمام عند القلق الذي تثيره عودة المظاهر التي تدل على وجود حزب الله على الحدود مع فلسطين المحتلة، لما لهذا الوجود من دلالات أمنية وسياسية ومعنوية، وهي دلالات تشتد تداعياتها على الداخل الإسرائيلي في ظل الخيبة الإسرائيلية من حقيقة احتفاظ حزب الله بسلاحه الخفيف والثقيل على حد سواء.
وفي هذا المجال، ربط موشيه ايشون، في صحيفة «هتسوفيه»، بين التأخير الذي طرأ على انسحاب الجيش الإسرائيلي من لبنان ورفض حزب الله إلقاء سلاحه، وقال إن قادة الحزب الذين انتشروا على طول خط الحدود لم يخرقوا الاتفاق فحسب، حيث ينص الاتفاق على تراجعهم عن الحدود، بل إنهم مزوّدون أيضاً بالسلاح.
وأضاف إيشون أنه «في ظل هذه الظروف قررت إسرائيل تجميد انسحابها مؤقتاً إلى أن تتضح الأمور على المستوى العالي، وفقاً لاتفاق وقف النار. وليس واضحاً كيف سينتهي الأمر، ولا سيما أن تأثير العناصر الدولية طفيف جداً على حزب الله».
وأشار إيشون إلى أنه «إذا لم يلق حزب الله سلاحه كلياً، كما جاء في اتفاق وقف النار، فسيبقى الخطر محدقاً بدولة إسرائيل».
وإزاء الإجراءات التي يتعين على الجيش الإسرائيلي اتخاذها لمنع وجود أنصار حزب الله ومؤيديه وأعضائه على الحدود، ولا سيما بعد المسيرة التي قام بها عدد من مؤيدي الحزب في المنطقة وهم في طريقهم إلى مهرجان الانتصار قبل نحو أسبوع، أشارت «معاريف» إلى أن وزير الدفاع عمير بيرتس، وفي تقدير للوضع، عقد مع قادة الجيش الاسرائيلي اجتماعاً تقرر فيه اعتماد «يد من حديد ضد استفزازات عناصر حزب الله على طول الحدود». ولفتت «معاريف» إلى أن «مؤيدي الحزب عادوا، في الاسابيع الاخيرة، للتظاهر على طول الجدار واستفزاز جنود الجيش الاسرائيلي، وتقرر في المؤسسة الامنية عدم التحلي بضبط النفس بعد الآن». ولهذه الغاية، ذكرت «معاريف» أن قيادة المنطقة الشمالية تفكر بتدريب القوات الموجودة على خط الحدود على تفريق التظاهرات، بشكل يشبه التدريب الذي يجتازه الجنود في الضفة وغزة.
ونقلت «معاريف» عن مصادر قي قيادة المنطقة الشمالية قولها إن «الجيش الاسرائيلي لا يعتزم المرور مرور الكرام على تظاهرات رجال حزب الله. تجاهلنا التظاهرات ورشق الحجارة بعد خروج القوات في أيار ألفين، وهذه الظاهرة لن تكرر نفسها الآن. أوضحنا لرجال اليونيفيل ولضباط الجيش اللبنان أنه اذا تواصلت التظاهرات بعد خروج كل قواتنا من الاراضي اللبنانية، فنحن سنعمل على تفريقها وابعاد رجال حزب الله مع اعلامهم عن الجدار الفاصل».
وأضافت «معاريف» أن محافل رفيعة المستوى في قيادة المنطقة الشمالية تفكر، وفي اطار السياسة الجديدة، في تزويد قوات الجيش الاسرائيلي بوسائل لتفريق التظاهرات تتوافر لدى الوحدات العاملة في المناطق الفلسطينية.
من جهتها، تطرقت صحيفة «هآرتس» إلى الوضع في لبنان عموماً، وعلى الحدود خصوصاً، مشيدة بالخط الذي يتبعه رئيس الحكومة فؤاد السنيورة، ومحذرة، في الوقت نفسه، من مغبة تراجع السنيورة عن خطه لئلا يتحمل المسؤولية عن رد الفعل الإسرائيلي.
وقالت «هآرتس»، في افتتاحيتها، إنه «من الضروري استيضاح السياسة في الجبهة الشمالية. تلوح هناك، في الايام الاخيرة، مؤشرات تنذر بالشر. فحزب الله ينتعش بالتدريج من الضربة القاسية التي تلقاها، وهو يبعث بمؤيديه لاستفزاز اسرائيل ـ حالياً من دون سلاح ـ ويستفز بذلك الجيش الاسرائيلي، والجيش اللبناني، وحكومة فؤاد السنيورة التي بعثت به الى الجنوب، واليونيفيل».
وبحسب «هآرتس»، فإن اسرائيل، «التي يوشك آخر جنودها على الخروج من الاراضي اللبنانية، لا يحق لها التحلي بضبط النفس تجاه الاستفزازات والسماح بالتحصن الزاحف لحزب الله على الحدود، بينما يعيد تسليح نفسه بالصواريخ».
وتنطلق «هآرتس»، في دعوتها هذه، من اعتبار أن «ضبط النفس لا يمنع التصعيد، بل يؤجله فقط الى موعد مريح لحزب الله وسوريا وايران». وعليه، فإن المهمة الفورية للحكومة ولهيئة الأركان ولقائد المنطقة الشمالية الجديد «هي تصميم أنظمة سلوك واضحة وحازمة تجاه حزب الله منعاً لحرب اخرى». واقترحت الصحيفة، لهذه الغاية، ضرورة أن تكون منطقة الحدود ممتلئة بنشاط مدني مطَمئن، تحت رقابة الجيش اللبناني واليونيفيل، ومن دون ان يعود حزب الله ليلقي الذعر في قلوب السكان.
وفي تهديد واضح إلى رئيس الحكومة اللبنانية، وفي محاولة لنفخ نار الفتنة مع حزب الله، قالت «هآرتس» إن «الادارة الاميركية ومعها المجتمع الدولي أيّدا حكومة السنيورة، التي تنطوي على أمل في صحوة لبنانية. اعترفت اسرائيل بأهمية الحفاظ والتشجيع لخط السنيورة. ولهذا فقد امتنعت عن المس بالبنى التحتية الرسمية في لبنان كوسيلة ضغط على حزب الله. واذا ما تراجع السنيورة عن خطه السابق، وسمح لحسن نصر الله بإعادة ترميم نفسه وتهديد اسرائيل، فإنه سيتحمل المسؤولية عن التدهور الخطير الذي من شأنه ان ينشأ عن ذلك».