strong>أثار الرد الإيراني على المقترحات الدولية اهتماماً واسعاً في الأوساط الإسرائيلية التي اعتبرته بمثابة رفض صريح لوقف تخصيب اليورانيوم، ومحاولة مكشوفة لكسب مزيد من الوقت على أمل الوصول إلى نقطة اللاعودة.
يحيى دبوق

توقف معلّقون بارزون في الصحف الإسرائيلية أمس عند الرد الإيراني، فدعا عدد منهم إلى وجوب ممارسة قدر أكبر من الضغط على إيران لمنعها من تطوير مشروعها النووي، مع التحذير من مغبة لجوء حزب الله إلى تصعيد الوضع على الحدود لحرف النظر عن إيران، في توجّه يلتقي مع رغبات عدد من الضباط الإسرائيليين الساعين إلى إعادة الاعتبار لهيبتهم.
وقال المراسل العسكري لصحيفة «معاريف»، عمير ربابورت، إن «سياسة العصا والجزرة لن تفلح في جعل إيران تتراجع عن استمرار مشروعها النووي. ولذلك فإن الجزء الفعّال من برنامج العالم ينبغي أن يكون العصا، أي تهديد إيران بأنها إذا لم تتماشَ مع العالم فستدفع الثمن باهظاً. وإلى جانب العصا يمكن أن يُعرض على إيران النبّوت فقط».
وأضاف ربابورت أنه «لا ينبغي أن يكون هناك أدنى شك في أن جواب الإيرانيين الحقيقي أمس هو لا مدوّية. يُضاف إلى ذلك أن استراتيجيا ممارسة الضغط على إسرائيل وعلى الغرب، بواسطة حزب الله، كوزن مضاد للتهديدات ضدهم، حظيت بنجاح كبير في الشهر الأخير، ولذا فما من سبب يدعوهم للانكفاء الآن».
وبحسب ربابورت، فإن «الجانب المشجّع في إدارة القضية الإيرانية يكمن في أن العالم أجمع، بهذا القدر أو ذاك، على محاولة لجم القنبلة النووية لدى طهران. فهذه ليست مشكلتنا فقط. وعلى رغم ذلك فإنها مشكلتنا قبل أي شيء، لأن الإيرانيين يهدّدون بمحو إسرائيل عن الخريطة علناً. وإذا لم يكن هذا كافياً فيبدو أنه كلما ازداد ضغط العالم على إيران سيزداد ضغط إيران على إسرائيل بواسطة حزب الله. والآن بعد كل ما مررنا به فإن العلاقة بين الخطر الوجودي الذي يتهدّدنا من جانب إيران مباشرة وخطر صواريخ حزب الله من الشمال، هي علاقة شفّافة جداً. وعملياً، فإن الرأي السائد في المؤسسة الأمنية والمستوى السياسي منذ البداية هو أن حزب الله بادر إلى اختطاف الجنديين في الشهر الماضي في توقيت محسوب، وهو قبل أيام من بحث دول الثماني قضية ملف إيران النووي».
وحذّر ربابورت من احتمال «أن تدفع إيران حزب الله إلى تصعيد الوضع من جديد في سبيل صرف الاهتمام الدولي عنها. ولن يكون صعباً دفع الوضع إلى التدهور من جديد بين إسرائيل وحزب الله لأن اتفاق وقف إطلاق النار مليء بالثقوب وهشّ، ولأنه سيكون في الجيش الإسرائيلي عدد كبير من الضباط المتلهّفين لأن يثبتوا أن الإخفاقات في الحرب الأخيرة كانت لمرة واحدة وأن بمقدور الجيش الإسرائيلي أن ينتصر».
بدوره، اعتبر محلل الشؤون الأمنية والاستخباراتية في «يديعوت أحرونوت»، رونين بيرغمن، أن «بيان إيران عن استعدادها للشروع في مفاوضات حثيثة على جملة الحوافز ليس سوى محاولة أخرى من سلسلة طويلة ومضنية من المحاولات، لتضليل الأسرة الدولية سعياً لكسب الوقت في الطريق الى اكتساب القدرة على إنتاج سلاح نووي».
وبحسب بيرغمن، فإن الرد الإيراني كان غامضاً، «وهو كل شيء عدا نعم». ورأى أن الغرب يقول إنه لا يصدق إيران، ومن الواضح أن المفاوضات التي تتحمس لها إيران جداً ستنتهي بانفجار.
وعن المدة الزمنية التي تحتاج إليها إيران للوصول إلى نقطة اللاعودة، وكم تبتعد إيران من القنبلة، يرى بيرغمن أن «هذا منوط بمن يطرح السؤال. ففي اسرائيل يعتقدون بأنها تبتعد بضعة أشهر فقط من نقطة اللاعودة».
كذلك، اعتبر تسفي برئل، في «هآرتس»، أن «ثمة فرضيتين أساسيتين ترافقان قرارات إيران في المسألة النووية. الأولى، تنص على أن الولايات المتحدة لن ترغب في شنّ حرب إضافية في المنطقة ما دامت قضية العراق لم تنتهِ. أما الثانية فتستند إلى الاعتقاد بأنه حتى لو نجح مجلس الأمن في بلورة مشروع قرار موحّد، فإنه لن يصل إلى مستوى فرض عقوبات وفقاً للفصل السابع».
ويرى برئل أن «الموقف الإيراني يدل على أن إيران لا تشاطر الآخرين الشعور بضرورة حل مسألة تخصيب اليورانيوم بشكل عاجل. فإيران تريد مواصلة الحوار الديبلوماسي لكنها غير مستعدة في هذه المرحلة للتنازل عن مواصلة تطوير التكنولوجيا النووية».
وبحسب برئل، «إيران ستواصل شدّ حدود البازار بقدر ما يسمح به مجلس الأمن، وهي حدود مرنة جداً عند الأخذ بالاعتبار الوضع الاقتصادي الجيد لإيران، التي يمكنها الصمود في وجه عقوبات اقتصادية فترةً طويلةً».