من المنتظر أن يتسلّم رسمياً اليوم رئيس الحكومة الجديدة، يوسف الشاهد (41 عاماً)، وحكومته التي نالت ثقة 167 نائباً (من أصل 194 نائباً حضروا الجلسة) السلطة، وذلك بعدما خلطت نشأتها أوراق المشهد السياسي والحزبي في تونس وأعادت تفجير صراعات قديمة.وبرغم أنّ 167 نائباً منحوا الثقة للحكومة الجديدة، فإنّ تركيبتها لا تحظى بقبول مجمل الأطراف السياسية، حتى إنّ بعض المشاركين فيها لديهم تحفظات على التركيبة، فيما كان يروّج يوسف الشاهد ما مفاده أن رئيس الجمهورية، الباجي قائد السبسي، نصحه بإدارة ظهره لتلك لمطالب والتحفظات لعدم إضعاف موقعه.
ولعلّ اللافت أن على رأس الأحزاب التي كان لديها تحفظات، حزب السبسي "حركة نداء تونس". وكادت تركيبة الحكومة الجديدة أن تعصف بهذا الحزب مرة جديدة بعدما لوّح حوالى 20 نائباً بالاستقالة من الكتلة النيابية للحزب احتجاجاً على تركيبة الحكومة وعلى تجاهل الشاهد وجهة نظرهم.
بدوره، لم يكن حزب "النهضة" بعيداً عن ذلك المشهد، وخاصة بعدما كان رئيس "النهضة"، راشد الغنوشي، قد فوجئ في فترة سابقة بتمرّد نحو 20 نائباً خلال جلسة التصويت على منح الثقة لمواصلة حكومة الحبيب الصيد مهماتها، في حين أنّ التوجه العام والموقف الرسمي للحركة كان الانخراط في مبادرة حليفها قائد السبسي، بما في ذلك حجب الثقة عن حكومة الصيد. وفي جلسة منح الثقة لحكومة الشاهد، تغيّب عشرة نواب من "النهضة" لتجنب تظهير موقفهم الرافض لها أمام الإعلام.
في حديث إلى "الأخبار"، أشار المحلل السياسي، علية العلاني، إلى وجود خلافات حقيقية داخل الحكومة الجديدة، لافتاً على سبيل المثال إلى رفض "حزب آفاق تونس" المشارك في الحكومة تعيين عبيد البريكي على رأس وزارة الوظيفة العمومية، ومضيفاً في السياق نفسه أن الوزير المكلف بالعلاقة مع الهيئات الدستورية، مهدي بن غربية، "على خلاف شخصي حاد" مع رئيس "آفاق تونس"، ياسين إبراهيم، ما سيكون له تأثير على العمل الجماعي للحكومة والتضامن بين أعضائها.
من جهة أخرى، فإنّ خريطة المعارضة شهدت تبدلات، وخاصة أنّ الحكومة الجديدة تضم حزبي "الجمهوري" و"المسار"، فيما قد تكتفي "حركة الشعب" (التي كانت في المعارضة) بموقع المراقب في الفترة المقبلة لأنها ساهمت في صياغة "وثيقة قرطاج" التي تتضمن أولويات الحكومة الجديدة. وبخروج تلك الأحزاب الثلاثة من دائرة المعارضة، بقيت "الجبهة الشعبية" (الممثلة بـ15 نائباً في البرلمان) و"حراك تونس الإرادة" (حزب الرئيس السابق المنصف المرزوقي)، في الجهة المقابلة للحكومة.