بغداد | في الوقت الذي يبرر فيه قادة «الحشد الشعبي» والمتحدثون باسمه تباطؤ عمليات الأنبار وتوقفها بالوضع الإنساني ومنح الأهالي والمدنيين فرصة للخروج من أقضية ومدن المحافظة وأبرزها الرمادي، مع اكتمال وصول عشرات آلاف من مقاتلي «الحشد» وبقية الأجهزة الأمنية العراقية، علمت «الأخبار» من مصادر مطلعة أن الجانب الأميركي بدأ قبل فترة اتصالات مع جماعات وفصائل مسلحة كانت تدّعي مواجهة الأميركيين إبان سنوات احتلالها للعراق (2003 ــ 2011) وذلك بغية تشكيل قوة «سنية» موازية لـ«الحشد»، في وقت أكد فيه مصدر سياسي رفيع المستوى أنه تجري تفاهمات حالياً لإنشاء قوة دولية كبيرة، بينها قوات عربية للتدخل في الأنبار.
وقالت المصادر في حديثها إلى «الأخبار» إن اتصالات أميركية جرت مؤخراً بواسطة زعماء سياسيين وشيوخ عشائر من غرب العراق مع قيادات في «الفصائل السنية» المسلحة المنشقة عن تنظيم «القاعدة» لتشكيل قوة كبيرة «مشذبة» إلى حدّ ما لتكون موازية لقوات «الحشد الشعبي». وتأتي الخطوة على الرغم من انضمام عشرات الآلاف من أبناء المحافظات الغربية إلى «الحشد» ومشاركة بعضهم في هيئة الرأي فيه.
المصادر بيّنت أن الاتصالات تجري عبر سياسيين وزعماء بارزين، وأن عرابها القيادي البارز في «تحالف القوى العراقية» والمطلوب للقضاء رافع العيساوي الذي كان قد أجرى زيارة مثيرة للجدل إلى واشنطن الشهر الماضي بالتزامن من زيارة محافظ نينوى المقال أثيل النجيفي، مشيرة إلى أنه يحاول أن تتصدر حركة «حماس العراق»، التي تردد أن العيساوي ينتمي اليها، تلك المجاميع والفصائل.
حديث عن محاولات لإنشاء قوة إقليمية للتدخّل في الأنبار

في موازاة ذلك، كشف مصدر محلي في كركوك لـ«الأخبار» أن شخصيات أميركية (لم تعرف أسماؤهم ومناصبهم) أجروا زيارات «شبه سرية» للمدينة خلال الأسابيع القليلة الماضية، وأجروا عبر وسطاء لقاءات مع «الفصائل السنية» التي هربت من الأنبار ونينوى، وأبرزها «النقشبندية» و«كتائب ثورة العشرين» و«كتائب ثوار العشائر».
النائب عن «تحالف القوى العراقية»، عبد العظيم عجمان، أكد صحة تلك المعلومات والتحركات، لكنه ربط تلك التحركات والمساعي بتحالف القوى (الذي يضم جميع القوى السنية المشاركة في الحكومة والبرلمان)، مبيّناً في حديث إلى «الأخبار» أن من بين هذه الفصائل التي ستضم إلى هذه القوة «كتائب ثورة العشرين» و«الجيش الإسلامي».
من جهته، بيّن الخبير الأمني والمختص في الجماعات المسلحة، هشام الهاشمي، لـ«الأخبار»، أن الجماعات التي يجري التحرك والتفاوض معها من قبل واشنطن حالياً هي «جماعة أنصار السنّة»، و«حماس العراق»، و«الجماعة الاسلامية للمقاومة العراقية (جامع)».
بدوره، أوضح الباحث في الشؤون السياسية والاستراتجية، عبد العزيز العيساوي، أن التحركات الأخيرة للإدارة الأميركية وزيادة وجودها تشير إلى «تقاسم نفوذ» بين أميركا وتركيا، حيث الأنبار أميركية ونينوى تركية، وهذا يشير إلى الضغوط التركية والأميركية لمنع دخول «الحشد الشعبي» إلى الأنبار ونينوى.
العيساوي أشار في حديث إلى «الأخبار» إلى أن جميع التحركات الأميركية الأخيرة وسعي الصحافة الأميركية والغربية إلى بث رسائل بعدم تفكير إدارة الرئيس باراك أوباما في التدخل برياً في العراق يؤكد «انفتاح الشهية الأميركية للتدخل البري ومن أوسع أبوابه. حتى إن التسريبات تشير إلى رغبة الكونغرس في إرسال 10 آلاف عسكري أميركي إلى العراق تحت عناوين مختلفة».
وكانت صحيفة «ذي إندبندنت» البريطانية قد رأت أن استراتيجية الولايات المتحدة لمواجهة «داعش» في العراق تكمن في تجنّب إرسال جنود أميركيين إلى هناك للمشاركة في حرب برية أخرى، مشيرة إلى أن الرئيس الأميركي لديه استراتيجية ما، وهي القيام بأي مجهود يذكر للحفاظ على مصداقية الولايات المتحدة، بينما تظل بلاده بعيدة عن خوض أي حرب برية مدمرة أخرى في الشرق الأوسط.
ورأى أستاذ الجغرافيا السياسية والمتخصص في الشؤون الأميركية، زيد الخفاجي، أن تلك القوة ستكون نواة لـ«الإقليم السنّي» المزعوم الذي تنادي به أطراف سياسية بدعم من دول إقليمية. الخفاجي أشار خلال حديث إلى «الأخبار» إلى «إدامة الأزمة العراقية وإدارة اللعبة وفق نظرية لا غالب ولا مغلوب. وبالتالي فإن الاستعانة بأعداء الأمس المفترضين ليس مستغرباً أو مستبعداً وفق قاعدة عدو عدوي صديقي».
على صعيد آخر، أعلن رئيس اللجنة الأمنية لقضاء الخالدية، إبراهيم الفهداوي، عن وصول أسلحة ومعدات عسكرية متطورة لقاعدتي «الحبانية» و«عين الاسد» (غرب الأنبار) استعداداً لاستئناف العمليات العسكرية لتحرير المحافظة. وأكد الفهداوي في حديث إلى «الأخبار» أن «القوات الأمنية مسنودة بأبناء العشائر والحشد الشعبي استكملت استعداداتها لشنّ هجمات استباقية واستئناف عمليات التحرير».