في خطوة تطبيعيّة جديدة مع إسرائيل، حضر إلى المغرب وفد رياضيّ إسرائيليّ مؤلّف من تسع لاعبات للمشاركة في بطولة العالم لرياضة الجودو التي بدأت يوم الجمعة واستمرت ليومين. ومع أنّ الأمر لم يكن معلناً قبل انطلاق البطولة، فإنّه انكشف علناً عقب افتتاح الدورة وفوز رياضيّتين من ذلك الوفد بميداليّتين، الأمر الذي أعقبه رفع علم الكيان الإسرائيلي مرفقاً بنشيدها.وبمجرّد انتشار تسجيل فيديو للحدث، بدأت المواقف الرافضة والمنددة بالبروز، إذ عبّر محمد الغفري، وهو المنسق العام للائتلاف المغربي من أجل فلسطين، عن استنكاره للواقعة، وقال إنّها «تُعتبر إهانة للشعب المغربي الرافض للتطبيع»، وحمّل، في حديث إلى وكالة «الأناضول»، الحكومة المغربية المسؤولية عن هذه «الإهانة».
في السياق، أعلن رئيس «المجلس الجماعي لأغادير» (عمدة)، صالح مالوكي، عبر صفحته على موقع «فايسبوك»، أنّ «موقفنا (حزب العدالة والتنمية الذي يقود الحكومة) من الكيان الصهيوني ومن التطبيع معه معروف وثابت، وقد أكدنا عليه مراراً وفي مناسبات مختلفة»، نافياً في الوقت نفسه علمه بحضور الوفد الإسرائيليّ. ورمى المالوكي مسؤولية ما حصل على «جهات أخرى».
ليست المرّة الأولى التي تُقدِمُ فيها الرباط على أفعال تطبيعيّة


أيضاً، أصدرت «شبكة جمعيّات أغادير»، برفقة ثلاثين جمعيّة أخرى ناشطة في المدينة، بياناً بعنوان «الصهاينة يدنسون أرض أغادير»، اعتبرت فيه أن «كلّ مشاركة في أيّ نشاط جنباً إلى جنب مع صهاينة هو بمثابة خطوة في اتجاه التطبيع«، داعية «جميع الفرق البرلمانيّة إلى الإسراع بتبني قانون مناهضة التطبيع». وتقصد الجمعيات الموقعة على البيان التي من بينها «حركة التوحيد والإصلاح» التي تُمثِّلُ الذراع الدعويّة لـ«حزب العدالة والتنمية»، مشروع القانون الذي قُدِّم إلى البرلمان عام 2013 ويطرح التطبيع كمسألة قانونيّة موجبة للعقاب، وينصّ على معاقبة كلّ من يساهم أو يسعى إلى التطبيع مع إسرائيل بالحبس بين عامين وخمسة أعوام وتغريمه ماليّاً. ورغم مساندة عدد من الفاعلين السياسيّين، من بينهم «العدالة والتنمية» للمشروع، إلا أنّ أحزاباً برلمانيّة محسوبة على القصر رفضت المضيّ فيه، ما جعله يبقى مجمّداً في رفوف البرلمان.
وليست هذه المرّة الأولى التي تُقدِمُ فيها السلطات المغربيّة على أفعال تطبيعيّة. فإلى جانب العلاقات «المميزة» التي جمعتها بإسرائيل خلال فترة حكم الملك الحسن الثاني (1961 ــ 1999)، والتي كانت من أبرز محطاتها استقبال شمعون بيريز عام 1986، وتسهيل هجرة اليهود المحليّين، عُقدت في السنوات الماضية مناسبات حضرها إسرائيليّون وخلفت تنديداً واسعاً في الأوساط السياسيّة والمدنيّة.
وشملت المناسبات التطبيعيّة خلال العام الماضي وحده، مجالات الرياضة والفنّ والسياسة، إذ حضرت المغنّية الإسرائيليّة «فازانا» في مهرجان «طنجة جاز» الدوليّ، فيما شارك وفد برلمانيّ يتزعّمه عمير بيريتس في ندوة برلمانيّة، كما شهدت فعاليّة رياضيّة نظّمها الاتحاد المغربيّ لرياضة «التايكواندو» مشاركة وفد رياضيّ إسرائيليّ.
في غضون ذلك، تشير تقارير إلى وجود علاقات أعمق بين البلدين، وفيما تبرّر مصادر مقرّبة من القصر عمليات التطبيع بالشروط التي تضعها الاتحادات الرياضيّة الدوليّة، والتي تحظر منع دخول أيّ وفود مشاركة في المناسبات المسؤولة عنها، يقول المناهضون للتطبيع إنّ المغرب يقوم بذلك عن قصد، وهو يستفيد «من دعم إسرائيل في قضيّة الصحراء الغربيّة، إضافة إلى دعمه عبر مجموعات الضغط الصهيونيّة في أميركا وأوروبا».