واجه حفتر توحداً لغالبية الميليشيات الفاعلة في طرابلس ومصراتة
مع ذلك، يمكن القول إن قوات حفتر، التي انتشرت أخبار بأنها تلقت أوامر بإرسال تدفقات جديدة من الجنود والعتاد تجاه طرابلس، لم تلقَ التفاعل الذي كانت تنتظره. فقد كان حفتر يأمل أن يدخل العاصمة من دون إراقة دماء، وفق ما أكد في حوارات كثيرة على امتداد الأشهر الماضية. وهو عمل على عقد تحالفات مع قبائل في المنطقة الغربية، وشراء ولاء تشكيلات عسكرية، وتحييد أخرى. وتصور أن سكان المنطقة سيرحبون به، وسيمثلون حاضنة شعبية له، بسبب الإعياء الذي سببته لهم الميليشيات التابعة لحكومة الوفاق. لكن الرجل واجه فعلياً توحداً للغالبية العظمى من الفاعلين في المنطقة الغربية، خاصة ميليشيات طرابلس ومصراتة، التي وضعت عداءها أو تحفظاتها تجاه الحكومة ورئيسها، فائز السراج، جانباً، وحشدت قواتها للقتال، وهذا أمر يتأكد يوماً بعد آخر، مع توافد وجوه وتشكيلات جديدة إلى الجبهات، ما قد يُفضي إلى تحول نوعي في الواقع الميداني.
بناءً على هذا الإصرار من الجانبين المتقاتلين على التصعيد، الذي يترافق مع انتشار أخبار عن رفض حفتر جهوداً دولية لعقد اجتماع بينه وبين السراج في جنيف للاتفاق على تهدئة، تأكد دخول البلاد في موجة ثالثة من الحرب الأهلية، بعد موجة عام 2011، التي أدت إلى إسقاط نظام معمر القذافي، وموجة عام 2014 التي خلقت انقساماً مؤسساتياً. ومن مظاهر إطالة أمد الحرب، إعلان المبعوث الأممي، غسان سلامة، أمس، تأجيل «الملتقى الوطني» الذي يريده سلامة «جامعاً» إلى وقت غير معلوم، ما يشي بأن محاولة حفتر تعزيز أوراق قوته قبيل المؤتمر الذي يهدف إلى إرساء خريطة طريق سياسية، قد أُجهضت بفعل الهجوم على طرابلس.