توالت ردود الأفعال العربية والعالمية، على اغتيال قائد قوة القدس في الحرس الثوري الجنرال قاسم سليماني، ونائب رئيس الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس، اللذين استُشهدا فجر اليوم في غارة أميركية قرب مطار بغداد. وانقسمت الردود بين مؤيد للعملية التي تبنّتها الولايات المتحدة وبين معارضٍ ومستنكر ومتوعد بالرد، فيما سيطر القلق في كثير من دول العالم التي دعت إلى ضبط النفس وتجنّب التصعيد.
أبرز هذه الردود:
الولايات المتحدة:
كانت واشنطن أول من شهد انقساماً حول عملية التي نٌفذّت بإيعاز من الرئيس دونالد ترامب، وفق ما أعلنت وزارة الدفاع (البنتاغون)، إذ تباينت ردود الأفعال بين «الديمقراطيين» الذين استقبلوا الخبر بالانتقاد و«الجمهوريين» الذين أعلنوا التأييد، وإن كان معظم «الديمقراطيين» هلّلوا لاغتيال سليماني لكن انتقاداتهم صبّت على توقيت الضربة وتداعيتها.

* «الجمهوريون»: أشاد الساسة الجمهوريون بالغارة الأميركية، وقال السيناتور ليندسي غراهام (حليف ترامب المقرب) : «أنظر بتقدير إلى العمل الشجاع للرئيس دونالد ترامب ضد العدوان الإيراني». وأضاف: «أقول للحكومة الإيرانية: إذا كنتم تريدون المزيد فستحصلون على المزيد»، مؤكداً أنه «إذا تواصل العدوان الإيراني وكنت أعمل في مصفاة إيرانية للنفط، فسأفكر في تغيير عملي».
السيناتور ماركو روبيو علّق بالقول إن «التحركات الدفاعية التي تقوم بها الولايات المتحدة ضد إيران ووكلائها تطابق مع التحذيرات الواضحة التي تلقوها، لكنهم اختاروا تجاهل هذه التحذيرات لأنهم يعتقدون أن انقساماتنا السياسية الداخلية تمنع رئيس الولايات المتحدة من التحرك». وأضاف: «لقد أساؤوا التقدير». فيما رأى السناتور توم كوتون أن الجنرال سليماني «نال ما يستحقه».

*«الديمقراطيون»: دان خصم ترامب، والمرشح المحتمل في الانتخابات الرئاسية، جو بايدن الغارة، وقال إن «ترامب ألقى للتوّ أصبع ديناميت في برميل بارود وعليه أن يقدم توضيحات للشعب الأميركي»، مؤكداً أن الخطوة الأميركية هي «تصعيد هائل في منطقة خطيرة أساساً».
كذلك الأمر بالنسبة إلى رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي التي رأت في اغتيال سليماني «ضربة أميركية تهدد بإحداث تصعيد خطير للعنف». وأضافت في بيان أن «أميركا والعالم لا يمكنهما تحمل تصعيد في التوتر يصل إلى درجة اللاعودة».
من جهته، أكد بيرني ساندرز المرشح للانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي أن «التصعيد الخطير لترامب يقربنا أكثر من حرب كارثية أخرى في الشرق الأوسط.... ترامب وعد بإنهاء الحروب التي لا تنتهي، لكن عمله هذا يضعنا على طريق حرب أخرى». فيما عبّر الرئيس الديمقراطي للجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب إليوت إنجل، عن أسفه لأن ترامب «لم يبلغ الكونغرس بالغارة الأميركية في العراق».

إيران:
أكّد الرئيس حسن روحاني أن بلاده «والدول الحرة في المنطقة ستنتقم» للجنرال سليماني. وفي رسالة نُشرت على الموقع الإلكتروني للرئاسة أضاف أنّه «من المؤكد أنّ الأمة الإيرانية الكبيرة والدول الحرة الأخرى في المنطقة ستنتقم من أميركا على هذه الجريمة البشعة». أما المرشد الأعلى السيد علي الخامنئي، فتوعّد بـ«انتقام قاسٍ»، وقال في بيان إن «انتقاماً قاسياً ينتظر المجرمين الذين لُطخت أيديهم بدمائه». كما أعلن الحداد الوطني لثلاثة أيام. وأصدر الخامنئي قرار تعيين العميد إسماعيل قاآني قائداً جديداً لقوة القدس خلفاً لسليماني. وشهدت شوارع العاصمة طهران ومدن أخرى تظاهرات غاضبة تنديداً بالضربة الأميركية، وردّد المتظاهرون هتافات معادية لأميركا وإسرائيل.

العراق:

أول رد فعل عراقي رسمي كان على لسان رئيس الوزراء المستقيل عادل عبد المهدي، الذي رأى أن الضربة «تشكّل تصعيداً خطيراً يُشعل فتيل حرب مدمرة في العراق». تبع تصريح عبد المهدي بيان صدر عن الرئيس برهم صالح نعى فيه الشهيدين، معتبراً أن «الاعتداء الأميركي ستترتب عليه تداعيات أمنية في العراق والمنطقة».
أما قائد «عصائب أهل الحق» قيس الخزعلي، فدعا كل «المجاهدين (عناصر الحشد) إلى الجهوزية للرد على الضربة الأميركية».
من جانبه، دعا رئيس تحالف «الفتح» هادي العامري القوى الوطنية إلى توحيد صفوفها، وإخراج القوات الأجنبية من العراق.
المرجع الديني الأعلى في العراق آية الله السيد علي السيستاني، وصف الضربة بـ«الاعتداء الغاشم». فيما نعى زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر، الشهداء، وقال إن «استهداف سليماني استهداف للجهاد والمعارضة والروح الثورية لكن لن ينالوا من عزمنا وجهادنا».
في السياق، ندّد الجيش العراقي باغتيال القيادي أبو مهدي المهندس وقال إنه «خروج واضح عن مَهام القوات الأميركية المحددة». وأضاف: «نؤكد أن ما حصل هو انتهاك صارخ لسيادة العراق وخروج واضح عن مهام القوات الأميركية المحددة لمكافحة داعش وتقديم الدعم والإسناد للقوات العراقية».
في المقابل، حثّت السفارة الأميركية في بغداد جميع مواطنيها إلى مغادرة العراق على الفور، مؤكدة في بيان أنه «نظراً إلى تصاعد التوترات في العراق والمنطقة تحث السفارة الأميركية جميع الرعايا على الامتثال لإرشادات السفر في كانون الثاني/ يناير 2020 ومغادرة العراق على الفور».


لبنان:
نعى الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، الشهيدين، وقال إنه «يغبط سليماني على هذه الشهادة العظيمة وهذه العاقبة». كما وصف الغارة الأميركية بأنها «جريمة كبيرة»، مشدداً على أن واشنطن لن تستطيع تحقيق أيّ من أهدافها بهذه الخطوة. ودعا إلى «القصاص العادل».
بدوره، قال رئيس الجمهورية، العماد ميشال عون، في برقيتَي تعزية إلى نظيرَيه الإيراني حسن روحاني والعراقي برهم صالح، إن «اغتيال سليماني ورفاقه يأتي في توقيت بالغ الدقة في منطقة الشرق الأوسط، وبما يمكن أن يرفع حجم التحديات التي تواجهها دول المنطقة، ومنسوب التوتر والتهديدات الأمنية».
من جهتها، استنكرت الخارجية اللبنانية في بيانٍ اغتيال سليماني والمهندس، واعتبرته «انتهاكاً لسيادة العراق وتصعيداً خطيراً ضد إيران من شأنه زيادة التوتر في المنطقة».


فلسطين:
قالت لجان المقاومة في قطاع غزة، إن دماء سليماني ستكون «لعنة على أميركا وإسرائيل»، مؤكدة أنهما «ستدفعان ثمناً غالياً» على ما وصفته بالجريمة النكراء.
من جهتها، أدانت حركة «حماس» ما وصفته بـ«العربدة والجرائم الأميركية المستمرة في زرع وبث التوتر في المنطقة خدمة للاحتلال الإسرائيلي»، وحمّلت الحركة واشنطن «المسؤولية عن الدماء التي تسيل في المنطقة العربية، وأنها بسلوكها العدواني تؤجّج الصراعات من دون أي اعتبار لمصالح الشعوب وحريتها واستقرارها».
أما حركة «الجهاد الإسلامي»، فأكدت أن سليماني كان «رأس حربة في مواجهة الهيمنة الأميركية في المنطقة»، وشدّدت على أن المواجهة «لا تنتهي إلا بانتهاء الهيمنة ورحيل الاحتلال والاستعمار عن البلاد العربية». فيما رأت «سرايا القدس» الذراع العسكرية لـ«الجهاد الإسلامي» أن «سليماني أشرف على امتداد عقدين من الزمان على الدعم المباشر لفلسطين ونقل الخبرات العسكرية والأمنية إلى مجاهديها».
«الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين» بدورها قالت إن «اغتيال سليماني وانفلات الإدارة الأميركية يستدعيان رداً منسقاً وشاملاً ومتصلاً من قوى المقاومة ومن جميع الوطنيين في المنطقة».

سوريا:
كتب الرئيس السوري في برقية تعزية وجّهها إلى مرشد الجمهورية الإسلامية، قال فيها إن «ذكر الشهيد سليماني سيبقى خالداً في ضمائر الشعب السوري الذي لن ينسى وقوفه إلى جانب الجيش العربي السوري في دفاعه عن سوريا ضد الإرهاب وداعميه، وبصماته الجلية في العديد من الانتصارات ضد التنظيمات الإرهابية».
كذلك، دانت دمشق بشدة عملية الاغتيال، واعتبرت «أن العدوان الأميركي الجبان هو تصعيد خطير للأوضاع في المنطقة». وقال مصدر في وزارة الخارجية السورية إن سوريا «واثقة بأن هذا العدوان الأميركي الجبان الذي أدى إلى ارتقاء كوكبة استثنائية من قادة المقاومة لن يؤدي إلا إلى مزيد من الإصرار».

اليمن:
أصدر زعيم حركة «أنصار الله» عبد الملك الحوثي بياناً، عزّى فيه إيران باستشهاد سليماني وأبو مهدي المهندس ورفاقهما. فيما من جهته نشر القيادي في «أنصار الله» محمد علي الحوثي تغريدة على «تويتر» قدّم فيها التعازي إلى خامنئي وروحاني والقيادة السياسية في العراق وإيران والشعبين العراقي والإيراني.


دولة الاحتلال:
سارعت دولة الاحتلال بعد الغارة الأميركية إلى إغلاق منتجع للتزلج في الجولان المحتل، خوفاً من أي رد. كذلك رفعت الحكومة من حالة التأهب، حيث استدعى وزير الدفاع القادة العسكريين والأمنيين إلى تل أبيب. وفي حين لم يصدر أي حديث إسرائيلي رسمي، ذكرت وسائل إعلام عبرية أن رئيس حكومة تصريف الأعمال في الكيان الغاصب بنيامين نتنياهو، سوف يختصر زيارته لليونان.

الإمارات:
دعا وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش، عبر «تويتر»، إلى ضرورة تغليب الحكمة والاتزان وتغليب الحلول السياسية على المواجهة والتصعيد.

مصر:
قالت وزارة الخارجية المصرية إن مصر «تتابع بقدر كبير من القلق التطورات المتسارعة في العراق»، داعية لاحتواء الموقف وتفادي أي تصعيد جديد.

روسيا:
حذّرت وزارة الخارجية من أن عملية الاغتيال من شأنها تصعيد التوتر في الشرق الأوسط. وقالت المتحدثة باسمها ماريا زاخاروفا إن «الغارة خطوة مغامرة ستفاقم التوتر في أنحاء المنطقة»، مضيفة أن «سليماني خدم قضية حماية مصالح إيران القومية بإخلاص. تعازينا الصادقة إلى الشعب الإيراني».
بدوره، قال الكرملين في بيان إنه «لوحظ أن هذا الإجراء يمكن أن يؤدي إلى تفاقم الوضع في المنطقة بشكل خطير»، مضيفاً أن الرئيس فلاديمير بوتين ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، أعربا خلال اتصال هاتفي بينهما اليوم عن «قلقهما» بعد الغارة الأميركية.

فرنسا:
تعليقاً على العملية، دعت باريس إلى «إحلال الاستقرار في الشرق الأوسط». وقالت وزيرة الشؤون الأوروبية أميلي دو مونشالان، إن «التصعيد العسكري خطير دائماً».

بريطانيا:
حثّ وزير الخارجية دومينيك راب، جميع الأطراف على نزع فتيل التوتر. وقال في بيان: «علمنا دوماً بالتهديد الخطير الذي يمثله فيلق القدس بقيادة قاسم سليماني. وبعد مقتله نحث جميع الأطراف على نزع فتيل التوتر. تصعيد الصراع ليس من مصلحتنا».

ألمانيا:
عبّرت برلين عن قلقها الشديد من التصعيد الأميركي الإيراني. وقالت المتحدثة باسم الحكومة أولريك ديمر، إن الضربة الأميركية«كانت رد فعل على الاستفزازات العسكرية الإيرانية». وأضافت: «كان التحرك الأميركي رد فعل على سلسلة من الاستفزازات العسكرية التي تتحمل مسؤوليتها إيران... نتابع أيضاً بقلق بالغ أنشطة إيران في المنطقة. نقف أمام تصعيد خطير». ولفتت إلى أن ألمانيا ستعمل على نزع فتيل التوتر.

الصين:
دعت بكين إلى ضبط النفس من جميع الأطراف «وخصوصاً الولايات المتحدة»، في معرض تعليقها على الغارة. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية غينغ شوانغ: «نحث الأطراف ذات الصلة، وخصوصاً الولايات المتحدة، على الحفاظ على الهدوء وممارسة ضبط النفس لتجنب مزيد من تصعيد التوتر».

الاتحاد الأوروبي:
حذّر رئيس الاتحاد، شارل ميشال، من حدوث دوّامة عنف بعد الضربة الأميركية، وقال إنه «يجب أن تتوقف دورة العنف والاستفزازات والضربات المضادة التي شاهدناها في العراق على مدار الأسابيع الماضية». وأضاف السياسي البلجيكي: «يجب الحيلولة دون حدوث تصعيد جديد، مهما كان الثمن».