ريف دمشق | بعد أن عمدت تشكيلات المعارضة المسلحة إلى قطع الطريق الواصل بين منطقتي نوى وإزرع في محافظة درعا الجنوبية، أطلق الجيش شارة البدء بعملياته الموسعة في المدينة، حيث أحرزت قواته تقدماً حذراً شرق المدينة. ويعود سبب التقدّم الحذر إلى تفخيخ عدد من الأبنية السكنية، ومداخل الحارات الفرعية على الطرق الرئيسية، بالإضافة إلى زرع ألغام على مجمل مداخل نوى.
«هذا ما جعل التقدم على تلك الجبهة بطيئاً ومحسوباً، حيث ينتظر الجيش انتهاء أعمال الكشف عن تلك الألغام، في ظل استمرار المعارك على مناطق أخرى من نوى»، حسب مصدر في قوات «الدفاع الوطني». وفي ردّ المعارضة على تقدم الجيش، استهدفت الفصائل المسلحة نقاطاً عدة في المحافظة بالسيارات المفخخة لفك الضغط عن نوى، إذ فجّر «لواء عاصفة حوران»، إحدى السيارات بالقرب من طريق نوى، ما أدى إلى استشهاد أكثر من أربعة مدنيين، وجرح العشرات. وتزامن التفجير مع تفجير آخر كانت قد أعدّت له «كتيبة الشهيدين أحمد وحمدي الحمصي» و«كتيبة أسيل الجبر»، عبر تجهيز لغم أرضي على طريق المدينة، ما أدى إلى إصابة عشرات المدنيين بجروح.
وعقب تردي الأوضاع في نوى، هدّد قائد «فرقة اليرموك» ومساعد قائد الجبهة الجنوبية في «الجيش الحر» بشار الزعبي، «النظام السوري باستهداف مساكن ضباطه في منطقتي إزرع والصنمين، حتى لو اضطر الأمر إلى العمليات الانتحارية». وكان لتوسيع الجيش عملياته شمال مدينة درعا، انعكاس في أداء المعارضة المسلحة هناك، حيث خسر مقاتلوها أكبر مستودعات الذخيرة والأسلحة الخفيفة والمتوسطة في مدينة داعل.

خسرت المعارضة
أكبر مستودعات الأسلحة في مدينة داعل

على صعيد آخر، استهدف سلاح الجو تحصينات المعارضة في بلدة داريا، التي تشهد تصعيداً متواصلاً في الاشتباكات الدائرة على الجبهة الشمالية الغربية للمدينة. واستطاعت وحدات الجيش تدمير أحد مستودعات الذخيرة و«مقر الارتباط» التابع لمقاتلي «الجيش الحر». مصدر عسكري مسؤول كشف لـ«الأخبار» أن «التوجه العام للجيش يذهب نحو حسم الصراع على جبهة داريا»، غير أن «هذا الكلام لا يعني أن المعركة ستحسم خلال يومين، والسبب في ذلك يعود لاتخاذ المسلحين من الأبنية السكنية مقارّ لهم، لهذا يجب أن تتّسم تحركات الجيش وضرباته بالكثير من الدقة». ويؤكد المصدر ذاته أن العديد من مقاتلي المعارضة «باتوا يبحثون جدياً الانتقال إلى أماكن أخرى، لكننا لن نسمح بذلك، فالاستراتيجية المطروحة هي إما حسم المعركة أو الاتجاه نحو تسوية أوضاع من يريد». وفي الجبهة الشمالية للغوطة الشرقية، ثبّت الجيش مواقعه التي تمكن من دخولها منذ بداية الشهر إلى جوبر، ففيما نظّفت وحداته جيوب المسلحين في الأحياء الشمالية، تقدمت العناصر الراجلة باتجاه الشرق، في محاولة لمنع وصول الإمدادات من جهة عين ترما التي تحاول بعض «كتائبها» إحداث خرق على الطريق الدولي. وفي المليحة، قتل أكثر من عشرة مسلحين خلال الاشتباكات التي تشهدها مزارع الطباخة، في القسم الشرقي من المدينة. وفيما استمر القصف المروحي على المزارع الشرقية للمليحة، أغار سلاح الجو على أطراف منطقة زبدين، التي شهدت محاولات لتسلل المسلحين منها في اتجاه عمق المليحة.
وفي ما بدا أنه إطلاق لصفارة الإنذار بفرط عقد التسوية في معضمية الشام، شهدت الأطراف الشرقية من المدينة اشتباكات عنيفة، هي الأولى من نوعها منذ أن جرى الاتفاق على التسوية أواخر العام الماضي.

«إرادتنا أقوى من سلاحكم»

على صعيد آخر، خرج العشرات من أبناء منطقة الزبداني، شمالي دمشق، في تظاهرات جالت بعض الشوارع ظهر أمس، مطالبين بمواصلة المباحثات الساعية إلى إنجاز التسوية في المنطقة. وأتت التظاهرات عقب تعثّر شهدته التسوية، عندما كان من المقرر التوصل إلى اتفاق واضح للمصالحة، غير أن «غياب وزير المصالحة (علي حيدر) عن الاجتماع، بعد وعده لنا بالحضور، دفع الطرف الآخر إلى تأجيل العملية حتى إشعار آخر»، يقول عمار مهنا، أحد مسؤولي لجنة التواصل بين الطرفين. ويؤكد مهنا لـ«الأخبار» أن التظاهرات لم تكن مع أحد الطرفين، بل رفعت شعار «إرادتنا أقوى من سلاحكم». وحول التسوية، أكد مصدر مطلع أنها لم تنتهِ بعد، والتواصل سيستمر خلال الأيام المقبلة، كاشفاً أنه «قد نسمع عن الانتهاء من البنود خلال أسبوع واحد».