لم تمضِ بضع ساعات على ما قدّمه المبعوث الأميركي للقرن الأفريقي، جيفري فيلتمان، من اقترحات بشأن «حل إخراج البلاد من أزمتها الراهنة» خلال لقاء جمعه مع رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، وفق مكتب مجلس السيادة نفسه، حتى شهد السودان سلسلة اعتقالات، اليوم، طاولت رئيس الحكومة عبد الله حمدوك، ووزراء في حكومته وقيادات من قوى «إعلان الحرية والتغيير»، على أيدي «قوة من الجيش»، التي اقتادت حمدوك إلى «مكان مجهول بسبب رفضه تأييد الانقلاب»، بحسب وزارة الثقافة والإعلام السودانية.
وتتالت ردود الفعل الداخلية والدولية «القلقة» إزاء ما اعتبرته «انقلاباً عسكرياً»، فيما أفاد التلفزيون السوداني بأنّ رئيس مجلس السيادة الحاكم عبد الفتاح البرهان، سيلقي بياناً للشعب بعد قليل.

كما أصدرت وزارة الإعلام السودانية، بياناً، اتهمت فيه المؤسسة العسكرية بتدبير «انقلاب عسكري» على حمدوك. وفي هذا السياق، وجّه حمدوك رسالة من مقر إقامته الجبرية يطلب فيها من السودانيين «التمسك بالسلمية واحتلال الشوارع للدفاع عن ثورتهم»، وفق ما نقلت الوزارة.

وأضافت أن الجيش السوداني وقوات الدعم السريع شبه العسكرية ينتشران في شوارع العاصمة الخرطوم، ويقيدان حركة المدنيين، في الوقت الذي يخرج فيه محتجون يحملون علم البلاد ويحرقون إطارات في أنحاء مختلفة من المدينة.

وفي السياق، قالت وزيرة الخارجية السودانية، مريم الصادق المهدي، إنّ «أي انقلاب في البلاد مرفوض، وسنقاومه بكافة الوسائل المدنية».

غير أنها أكدت أنّ وزراء الحكومة غير المعتقلين سيجدون طريقة للتواصل، وترتيب الأمور خلال الساعات القادمة، محذّرة الجميع من «إراقة قطرة واحدة من دماء الشعب».

وأضافت المهدي، في تصريحات متلفزة، أنّ «احتجاز رئيس الوزراء عبد الله حمدوك في جهة غير معلومة أمر خطير جداً وغير مقبول»، مشيرة إلى أنها لا تعتقد أنّ حمدوك سيقبل الإملاءات لإقالة حكومته.

وحذرت من أنّ «الشراكة بين المدنيين والعسكريين أصبحت في وضع خطير»، مشيرة إلى أنّه «لا توجد أي اتصالات بين وزراء الحكومة، بسبب انقطاع وسائل التواصل المباشرة وإغلاق الجسور».

وإزاء ذلك، دعا «تجمع المهنيين السودانيين» إلى إضراب عام والخروج إلى الشارع واعتصام مدني في مواجهة «الانقلاب العسكري».

ردود الفعل
أعربت الولايات المتحدة الأميركية، اليوم، عن قلقها البالغ إزاء التقارير التي تتحدث عن «استيلاء عسكري» على الحكومة الانتقالية في السودان، معتبرة أنّ هذا «مخالف للإعلان الدستوري».

جاء ذلك بحسب ما نقل مكتب فيلتمان، علماً أنّه التقى، أمس، رئيس الوزراء السوداني، عبدالله حمدوك، ورئيس مجلس السيادة، عبدالفتاح البرهان، في العاصمة الخرطوم.

وأضاف: «هذا مخالف للإعلان الدستوري والتطلعات الديمقراطية للشعب السوداني، وغير مقبول بتاتاً»، مؤكداً: «كما قلنا مراراً، فإنّ أي تغييرات في الحكومة الانتقالية بالقوة تعرض المساعدة الأميركية للخطر».



كذلك، علق الاتحاد الأوروبي، على التطورات الأخيرة، إذ أكد الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية للاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، في تغريدة عبر «تويتر»: «نتابع بقلق بالغ الأحداث الجارية في السودان»، مشيراً إلى أنّ «الاتحاد الأوروبي يدعو جميع المعنيين والشركاء الإقليميين لإعادة العملية الانتقالية إلى مسارها الصحيح».

بدروها، أعربت الجامعة العربية، في بيان، عن «قلقها البالغ إزاء تطورات الأوضاع في السودان»، داعية جميع الأطراف إلى الالتزام باتفاقات الفترة الانتقالية في البلاد.

ونقل البيان عن الأمين العام للجامعة العربية، أحمد أبو الغيط، قوله إنه «من المهم احترام جميع المقررات والاتفاقات التي تم التوافق عليها بشأن الفترة الانتقالية، وصولاً إلى إجراء الانتخابات»، داعياً إلى ضرورة «الامتناع عن أي إجراءات من شأنها تعطيل الفترة الانتقالية، أو هز الاستقرار في السودان»، وفق البيان ذاته.

أما ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في السودان، فولكر بيرتس، فشدّد على أنّه «قلق جداً بشأن التقارير حول انقلاب جارٍ، ومحاولات لتقويض عملية الانتقال السياسي في السودان»، معتبراً أنّ «الاعتقالات التي طالت، بحسب ما أفيد، رئيس الوزراء والمسؤولين الحكوميين والسياسيين غير مقبولة»، داعياً إلى «الإفراج الفوري عنهم».

كما «حثّ جميع الأطراف على العودة فوراً إلى الحوار والمشاركة بحسن نية لاستعادة النظام الدستوري».