ما لم يَقُله مؤتمر «وباء الانتهاكات»، هو أن «الوفاق» ثابتة في التفاصيل البحرينية، وأن حملات «التهويش» التي تمارسها حكومة المنامة، قد قدّمت براهين ذلك. وهذا الثبات ليس غريباً على تنظيم سياسي سَجّل حضوراً مرموقاً في الانتخابات النيابية لعام 2006، وأيضاً في الانتخابات التي تلتْها في عام 2010، بما نسبته 64% من الكتلة الانتخابية، بواقع 18 نائباً من أصل 40 عضواً في مجلس النواب، وهو ما ينسحب أيضاً على المجالس البلدية. ما سيبقى من مؤتمر «وباء الانتهاكات»، أن حكومة البحرين مُطالَبة بأن تتّجه إلى التصحيح السياسي في تعاملها مع المعارضة، وأبرزها جمعية «الوفاق». فالتحريض على الخصوم السياسيين لا يبني دولة، والمأساة لا تُحرّر وطناً - مع الاعتذار إلى الشاعر كريم العراقي -، والقمع لن يقضي على مظالم الناس، بل سيزيدها، كما قال المفوّض السامي السابق للأمم المتحدة، زيد بن رعد الحسين، في إشارة إلى البحرين.
ما لم يَقُله مؤتمر «وباء الانتهاكات»، هو أن «الوفاق» حاضرة في التفاصيل البحرينية
نصيحةٌ نسوقها لحكومة المنامة، بأن التعدّدية فضيلة، والقبول بمبدأ المشاركة في إدارة الدولة سلوك سياسي رصين. وليس مستبعداً في السياسة أن يتحضّر النظام ليقول كلاماً آخر غير الذي قاله عن مؤتمر «الوفاق»، إذا حانت الفرصة في عالم التسويات الكبرى في المنطقة. أمّا الإقصاء والاستفراد بالثروات فليسا من الدستور في شيء، كما ليسا عملاً مشروعاً. تَبقى الإشارة إلى أمرَين مهمَّين: الأوّل، أن جمعية «الوفاق» حاضرة في الوجدان الشعبي والسياسي، ولها تكوين عميق في أوساط الناس في مختلف المناطق، حتى مع سيادة المنهج الأمني الذي يزداد شراسة؛ والثاني، أن أمينها العام، الشيخ علي سلمان، المحكوم بالمؤبّد في القضية الكيدية المُدبّرة ضدّه بـ«التخابر مع قطر»، ربطاً بالمبادرة الخليجية - الأميركية في عام 2011، هو «الشخصية المفتاحية» في أيّ حلّ سياسي قادم، وذلك لما يتّصف به من قدرات وملَكات في الحوار والقبول والتفاوض.
إن الحكومات التي تتصالح سياسياً مع شعوبها في الداخل، تستطيع أن تنجح في الخارج، وتكون مقصودةً بالتقدير من الدول والمجتمعات، وهذا ما يبقى عصيّاً على حكومة البحرين.
* عضو «جمعية الوفاق» البحرينية