تواصلت سلسلة الغارات الإسرائيلية على غزة، وآخرها فجر أمس حين شنّت الطائرات الحربية غارات عنيفة على 12 موقعاً وأرضاً في القطاع أدت إلى إصابة مواطن بجراح وآخرين بالهلع. وبدأت طائرات غاراتها على قطعتي أرض خاليتين، الأولى شرق البريج وسط القطاع، والثانية في بيت حانون (شمال). وانتقلت الغارات بعد ذلك لتستهدف بثلاثة صواريخ موقعي «القادسية» و«الأحرار» غربي خانيونس (جنوب)، ما أحدث دوي انفجارات ضخمة، كما تم استهداف ثكنة «سعد صايل» شرق رفح وموقع «حطين» التابع لسرايا القدس (جنوب).
يأتي هذا التصعيد بعدما أصيب ثلاثة عمال في مصنع إسرائيلي بجراح طفيفة، جراء سقوط صاروخ على مصنع في مستوطنة سديروت في النقب الغربي. وذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية أن النيران اشتعلت في المصنع وامتدت إلى بعض المصانع القريبة.
وتعقيباً على تصاعد التوتر مع غزة، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو «إن تل أبيب تستعد لتوسيع العملية العسكرية في غزة وفق الحاجة»، في حين دعا وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان إلى النظر في إعادة احتلال قطاع غزة بوصفه بديلاً مناسباً عن «العمليات المحدودة ضد حماس التي لا تزيدها إلا قوة». وقال ليبرمان، في حديث مع الإذاعة العسكرية أمس، «يجب علينا أن نقرر إن كنا متجهين نحو خيار احتلال كامل لغزة»، وأردف: «لقد شاهدنا أن حملة عسكرية محدودة تقوي حماس فقط، لذلك الخيار واضح، ولا يوجد سيناريو وسطي».
وشهدت نهاية الأسبوع الماضي إطلاق أكثر من عشرة صواريخ من قطاع غزة تجاه المستوطنات الإسرائيلية في جنوب فلسطين المحتلة، ردّاً على اغتيال أسامة الحسومي 29 عاماً، ومحمد الفصيح 24 عاماً، اللذين قال الاحتلال إنهما متورطان في الهجمات الصاروخية المتكررة خلال الأسابيع الماضية.
في السياق نفسه، أكد وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه يعلون أن الجيش الإسرائيلي «يعمل من أجل استعادة الهدوء في الجنوب»، مشدداً بالقول: «لن نتسامح مع محاولات المنظمات الإرهابية في غزة تعطيل الحياة اليومية لسكان الجنوب». وأضاف يعلون: «سنعمل بقوة ونهاجم الذين يطلقون النار على إسرائيل وسنضربهم ضربة موجعة».
وذكرت تقارير إعلامية إسرائيلية أن رئيس هيئة الأركان، بيني غانتس، أجرى مشاورات مع كبار ضباط الجيش لتقييم الأوضاع، في ظل تصعيد الهجمات الصاروخية من غزة. ووفق الإذاعة العبرية، قال مصدر عسكري إن غانتس أصدر تعليماته بتكثيف الرد العسكري على هذه الهجمات. وذكر المصدر أن فئات لا تنتمي إلى «حماس» أو «الجهاد الإسلامي» تقف وراء الهجمات الصاروخية، «لكن إسرائيل تعتبر حماس مسؤولة عن كل ما يحدث في القطاع».
بالإشارة إلى تلك الجهات، نفى المتحدث باسم وزارة الداخلية في حكومة «حماس» السابقة، إياد البزم، وجود أي عناصر من تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام «داعش» في غزة. وقال في بيان صحافي إنه «لا صحة لمزاعم دخول عناصر من داعش إلى القطاع الذي تحاصره إسرائيل منذ عام 2006». مكملاً: «ما تحدث عنه مصدر مصري بشأن دخول عناصر داعش عبر أنفاق غزة كذب وافتراء ويأتي استمراراً لسياسة تشويه القطاع». ومضى البزم قائلًا: «كل الأنفاق بين غزة ومصر مغلقة كلياً، ولم يعد لها أي وجود بعد أن دمرها الجيش المصري»، مؤكداً أن الحدود تخضع لمراقبة مشددة من قوات الأمن الوطني التابعة للداخلية في غزة.
في إطار آخر، وصلت مساء أمس عبر معبر رفح البري قافلة «أميال من الابتسامات 28» التضامنية، وتضم على متنها نحو 18 متضامناً عربياً وأجنبياً من جنسيات مختلفة. واستقبل وفد القافلة التي حملت شعار «مصر وفلسطين يداً واحدة» أعضاء اللجنة الحكومية لكسر الحصار برئاسة علاء البطة، ووزارة الخارجية برئاسة غازي حمد، ووفد من إدارة معبر رفح وهيئة المعابر، وعدد من الشخصيات الاعتبارية في حكومة «حماس». وهذه القافلة هي الثانية تقريباً التي سمح لها بالعبور إلى القطاع بعد عزل الرئيس المصري محمد مرسي.
أما في الضفة المحتلة، فأعلن المدير العام لهيئة المعابر والحدود الفلسطينية، نظمي مهنا، أن إسرائيل سمحت لأهالي مدينة الخليل بالسفر عبر معبر الكرامة بدءاً من أمس. ونقلت وكالة «معا» المحلية عنه قوله: «الجهات الإسرائيلية المعنية أبلغت وزير الشؤون المدنية حسين الشيخ قرار السماح لأهالي الخليل بالسفر عبر معبر الكرامة وعودة الحركة إلى ما كانت عليه سابقاً من دون مضايقات»، وذلك بعد أن منعوا من السفر والتنقل بين محافظات الضفة أو العمل داخل إسرائيل، ضمن إجراءات عقابية رداً على اختفاء ثلاثة مستوطنين قبل 20 يوماً.
وفي ما يتعلق بتداعيات البحث عن المستوطنين، قال رئيس المعارضة الإسرائيلية إسحاق هرتسوغ إن الرئيس الفلسطيني محمود عباس تعهد له بـ«التعاون مع إسرائيل لإيجاد المستوطنين الثلاثة». وذكرت «يديعوت أحرونوت»، أمس، أن هرتسوغ أكد خلال كلمة ألقاها في منتدى ثقافي في مدينة حولون أن «عباس تعهد أيضاً بإزالة تهديدات حماس ضد المستوطنين».
بالتوازي مع ذلك، ذكرت مصادر فلسطينية، أمس، أن جيش الاحتلال اعتقل عمر أبو عيشة، وهو والد أمير أبو عيشة أحد الشخصين اللذين تتهمهما إسرائيل بالانتماء إلى «حماس» والمسؤولية عن عملية المستوطنين الثلاثة. وأشارت تلك المصادر إلى أن الهدف من اعتقال أبو عيشة الضغط على ابنه الذي اختفت آثاره ليلة عملية الأسر، مضيفة أن الجيش الإسرائيلي كان قد فتش المنزل أكثر من مرة خلال الأيام القليلة الماضية وخلّف دماراً كبيراً وراءه.
(الأخبار)