القاهرة | غزة | «حدودنا الشرقية مؤمنة بالكامل، ومن يقترب بقصد السوء هالك... أما الشحنات الطبية والأغذية فستصل إلى مستحقيها، كذلك العلاج في الأراضي المصرية يخضع للموافقه الأمنية»، هكذا تلخص مصادر أمنية مصرية لـ«الأخبار» الموقف المصري من الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة واستهداف حركة «حماس» بالذات.
وذكرت تلك المصادر أن الرئيس عبد الفتاح السيسي أوفد مدير الاستخبارات، فريد التهامي، إلى إسرائيل قبل أيام من بدء الأخيرة حربها على غزة، «والهدف كان التنسيق الأمني بين القاهرة وتل أبيب في ما يخص سيناء، مع العودة إلى تثيبت شروط التهدئة المتفق عليها في 2012»، مستدركة: «الغريب أن الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي تمسكا بشروط تعجيزية واشتعلت الحرب».
من تلك الشروط، كما تقول المصادر، أن «حماس طلبت الإفراج عن الأسرى المحررين الذين أعادت إسرائيل اعتقالهم في حملتها الكبيرة في الضفة المحتلة قبل أسابيع»، مضيفة: «من الشروط تحويل السلطة الفلسطينية رواتب الموظفين التابعين لحكومة غزة، وتسهيل حركة انتقال البضائع والأفراد عبر معبر رفح». أما إسرائيل، فطلبت من مصر «تعهدا بتوقف حماس عن إطلاق الصواريخ ومنع الحوادث الإرهابية خارج القطاع»، في إشارة إلى اتهامها بـ«خطف وقتل ثلاثة مستوطنين في الخليل».
وتستكمل المصادر الأمنية توْضيح جوانب مما يدور في كواليس المشهد، فتقول: «اتصل الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بالرئيس السيسي وطلب منه العودة إلى المربع الصفر، كما ضغط اتجاه تنفيذ القاهرة الاتفاق الذي وقع في عهد المعزول محمد مرسي عام 2012 والخاص بتحميل مصر موقف الضامن لما يجري بين حماس وإسرائيل». وتتابع: «انحصرت مطالب بان في تأكيد دور مصر للتهدئة بين حماس وإسرائيل، وتقديم إجراءات لدعم السكان المدنيين في القطاع مع فتح كامل لمعبر رفح دون التقيد بإجراءات الأمن القومي المصري».
السيسي حاول بدوره «الخروج من لعبة الشطرنج التي تدار على طاولة أميركية»، قائلا لبان، وفق المصادر، إنه مصرّ على إلزام الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي بوقف إطلاق النار حماية لأرواح الناس، «ثم نقل المفاوضات على عاتق مبعوث اللجنة الرباعية الدولية لعملية السلام في الشرق الأوسط، طوني بلير». ويتقاطع ما ذكرته المصادر مع الزيارة التي أجراها بلير (آتيا من موسكو) إلى القاهرة أول من أمس، وقيل إنه بحث خلالها مع مسؤولين مصريين الأوضاع في غزة.
بشأن اشتراطات الطرفين، علق الباحث في شؤون الأمن القومي، محمد إبراهيم، على تصريحات نسبت إلى أحد قادة حماس قال فيها إن حركته «ترفض الوساطة المصرية، وتفضل أن تتولى قطر أو تركيا إدارة المفاوضات بينها وبين إسرائيل»، بالتأكيد على أن «هذه التصريحات تظهر أن قادة حماس لا يزالون يعانون المراهقة السياسية»، لافتا إلى «أن التصريحات التي نسبت إلى شخصية بارزة دون ذكر اسمها محاولة لتهرب هذا المسؤول من تحمل تبعات تصريحه غير المدروس». وأضاف الباحث: «مصر طرف أصيل في حل مشكلات القضية الفلسطينية، لأنها بلد يتقاسم حدوده مع القطاع، وهي الآن مستمرة في اتصالاتها لتقليل وطأة الحرب وحماية الأبرياء»، وتابع: «لا يمكن خروج القاهرة من المعادلة، لأن بين يديها محاور كثيرة في القضية، سواء على الشق الحمساوي والفتحاوي أو الجانب الإسرائيلي».
من جهة «حماس» (أمجد ياغي)، ردّ النائب في المجلس التشريعي، مشير المصري، على اتهامهم برفض الوساطة المصرية، قائلا: «لا صحة لما نقل على لسان قيادي في حماس لم يذكر اسمه بشأن رفض وساطة القاهرة، لكن الأخيرة لم تقدم أي عرض بعد»، مشيرا إلى أن الحركة تقبل أي وساطة عربية أو إسلامية تضمن لها تحقيق شروطها.
وذكر المصري أنهم لا يزالون مستمرين في المواجهة، ومن شروطهم إطلاق الأسرى المحريين وإيقاف العدوان «وشروط أخرى ستظهر عند عقد الاتفاق».