غزة | تضع «وكالة غوث وتشغيل اللاجئين» (الأونروا) موظّفيها في مناطق التشغيل الخمس، تحت ضغط نفسي سنوي، إذ تَشكو في مثل هذا التوقيت من كلّ عام، من عدم تَوفّر السيولة النقدية اللازمة لديها لتأمين رواتب شهر كانون الأول. وأعلن المتحدّث باسم الوكالة، عدنان أبو حسنة، أخيراً، أنه على رغم تقلّص العجز المالي من 100 مليون دولار، إلى ما بين 50 و80 مليوناً، فإنه ما زالت هناك مشكلة كبيرة تعترض تأمين رواتب الشهر الأخير من العام الجاري. وأوضح أبو حسنة، في تصريحات صحافية، أن «الأونروا» وضعت ميزانية الحدّ الأدنى البالغة 817 مليون دولار لخمس مناطق، يستفيد منها أكثر من 550 ألف طالب، «غير أنها عجزت عن تأمينها كاملة (...) لا حديث عن تحسّن الوضع المالي حتى الآن، ونحن في صراع وكفاح من أجل جلب التمويل». محمد أحمد (اسم مستعار)، وهو أحد معلّمي الوكالة، يلفت إلى أنه اعتاد خلال عشر سنوات من عمله في مدارس «الأونروا»، الحديث عن أزمة في مِثل هذا التوقيت من العام، والذي «أصبح تقليداً حفظه الموظفون». ويضيف، في حديثه إلى «الأخبار»، أنه «لا أحد ينكر أن الاحتضان الدولي للوكالة وصل إلى أدنى مستوياته، خصوصاً بعد تلكّؤ المانحين العرب عن دفْع التزاماتهم النقدية بعد توقيع اتفاقيات التطبيع، إلّا أننا اعتدْنا أن تتهرّب الوكالة من التزاماتها بالتذرّع بالأزمة المالية، ولا سيما أن ثمّة المئات من الشواغر التي تغطّيها الأونروا بموظّفي المياومة والعقود، والمئات من الموظفين على قوائم التثبيت، والذين اختلقت الوكالة نظاماً جديداً للتهرّب من المسارعة في توظفيهم، عبر إعطائهم ما يسمّى ضمان تثبيت، يُنفّذ بعد سنة أو سنتين».
وكان رئيس دائرة شؤون اللاجئين في «منظّمة التحرير الفلسطينية»، أحمد أبو هولي، كشف، مطلع الشهر الجاري، أن مؤتمر المانحين الذي عُقد أخيراً على المستوى الوزاري في نيويورك، لم يَخرج بتعهّدات مالية إضافية كافية لتقليص العجز المالي الذي يزيد عن 100 مليون دولار، فيما نبّه المفوّض العام لـ«الأونروا»، فيليب لازاريني، إلى أن «الوكالة تعاني من تهديد وجودي، لأنه في العقد الأخير لم يَعُد الصراع الفلسطيني الإسرائيلي على رأس سلّم الأولويات الدولية».
تقدّم «وكالة الغوث» خدماتها إلى نحو 5.6 ملايين لاجئ في المناطق الخمس


وعن انعكاس الأزمة الراهنة على الخدمات التي تقدّمها «الأونروا»، مِن مِثل «كابونات» التموين والخدمات الصحية، أشار أبو حسنة إلى «أننا نكافح لتحصيل التمويل وتغطية العجز»، مستدركاً بـ«(أننا) لن نستطيع إنهاء ملفّ العجز، ما دامت أعداد اللاجئين ومتطلّباتهم في تزايد، وما دامت الميزانية لا توازي هذه المتطلّبات». ولفت إلى أن «هناك مشكلة تتمثّل في أن 95% من ميزانية الأونروا هي تبرّعات طوعية»، مضيفاً أنه «يجري العمل على استراتيجية جديدة لتوفير الدعم، من خلال توسيع قاعدة المانحين والتوجّه إلى القطاع الخاص العربي والإسلامي ومؤسّسات الزكاة، إلى جانب الحصول على تمويل مستدام من موازنة الأمم المتحدة».
ويُضاف إلى ما تَقدّم، أن الأزمات الدولية الأخيرة تسبّبت بمضاعفة الخسائر في مدّخرات موظفي «وكالة الغوث». وفي هذا الإطار، توضح سناء محمد، وهي معلّمة شارفت على التقاعد، أن الخسائر في المدّخرات وصلت في العام الجاري إلى مستويات قياسية، إذ خسر الموظفون نحو 20% من قيمة أموالهم، مُبيّنةً، في حديثها إلى «الأخبار»، أن تلك النسبة تناهز في المتوسّط 50 ألف دولار. وتَلفت إلى «(أننا) طالبْنا الجهات المعنيّة بتمديد عقود الموظفين، الذين من المقرّر أن يتقاعدوا في هذا العام لعامَين إضافيَّين، أو إلى حين تعويض الخسائر، غير أن الأونروا لم تردّ بشكل إيجابي على ذلك الطرح». ويرى مراقبون لشؤون «الأونروا» أن الأزمة المالية التي تلوّح بها الوكالة سنوياً، في مِثل هذا التوقيت، تأتي لإلقاء «العصا أمام الراعي»، تمهيداً لتسويف الإيفاء بتعهّدات التوظيف، وتقليص الخدمات المُقدَّمة للاجئين. وتقدّم «وكالة الغوث» خدماتها إلى نحو 5.6 ملايين لاجئ في المناطق الخمس، وهي غزة والضفة الغربية وسوريا ولبنان والأردن. وتشمل الخدمات قطاعات الإغاثة، والبنية التحتية، وتحسين المخيمات، والدعم المجتمعي، والإقراض الصغير، والاستجابة الطارئة في أوقات الحروب.