ريف حماه | يختلف الوضع بين ساعة وأُخرى في ريف حماه الغربي. لا شيء يوقف تقدم الجيش السوري، الذي سيطر أخيراً على رحبة خطاب العسكرية على طريق عام حماه ــ محردة. معركة استغرقت ساعات قليلة، استطاع الجيش خلالها التقدم في اتجاه الرحبة عبر ثلاثة محاور، تحت غطاء ناري كثيف لسلاحي الجو والمدفعية.
التقدم المتواصل من الجهة الجنوبية لم يتوقف منذ استعادت القوات السيطرة على قرية أرزة قبل أيام. فيما بدأت القوات من قرية سوبين، جنوب غرب الرحبة، هجوماً مماثلاً، بالتزامن مع تقدم القوات الموجودة في خربة الحجامة من الجهة الشرقية، التي استعادها الجيش أيضاً، أول من أمس. سلاح المدفعية كان الفاصل، بالإضافة إلى ضربات حاسمة مرافقة من سلاح الجو، ما أفشل سريعاً قدرة المسلحين على صد قوات المشاة المتقدمة باتجاه بلدة خطّاب. ساعات طويلة من التمهيد الناري والمعارك، رصدت خلالها عيون رجال المدفعية حركة آليات كثيفة تنسحب من خطاب باتجاه اللطامنة وكفرزيتا وحلفايا، ما أفضى إلى استهدافها أيضاً. من خلال أجهزة اللاسلكي رصد العسكريون استغاثات المسلحين عقب استهداف مدفعي. أحد المسلحين يصرخ: «لقد كشفونا بعدما اضطررنا للهرب من عناصرهم المتقدمة. لدي 40 شهيداً عند الأشجار الكثيفة داخل الرحبة». عبارات التخوين في ما بينهم احتلت صيحاتهم عبر اللاسلكي. أصوات تابعها الجنود السوريون بحماسة. وبحسب مصدر عسكري، فإن «سقوط خطّاب كان أمراً حتمياً، بعد تحرير قريتي أرزة وخربة الحجامة، وسط التمهيد العسكري الكثيف داخل الرحبة». ويذكر المصدر أنّ «تحرّكات الجيش الأخيرة في معظم مناطق الريف الغربي والشمالي ولّد ارتياحاً شعبياً عارماً، كان أهم ما يحتاجه أهل المنطقة، الذين أنهكتهم هجمات المسلحين». قوات المشاة التابعة للجيش السوري أعلنت تحرير قرية خطّاب كاملة، عند الساعة الحادية عشر صباحاً، لتتبعها بشكل متسارع السيطرة على الرحبة، ثم مستودعاتها.

عبارات التخوين
حملتها صيحات المسلحين عبر اللاسلكي


التوجه من القرية إلى الرحبة، التي كانت قبل ساعات أخطر النقاط، له رهبته، بعدما توالت الخطط لتحريرها دون جدوى. الوصول إلى النقطة ذاتها يكشف ما وراء الأكمة، من كتل اسمنتية متباعدة تتخللها «هنغارات» كانت عبارة عن ورشات صيانة أفرغت من محتوياتها. أما المستودعات، فهي ليست إلا 11 بناءً، يبعد عن الرحبة مسافة 1 كلم شمالاً. وبحسب مصدر ميداني، فقد تم إفراغ المستودعات قبل هجوم المسلحين عليها، تحسباً لأي خطر متوقع. غير أن ذلك لا يلغي الأضرار المادية البالغة في كل مكان. أعمال التخريب تثير تساؤلات عن خسائر الدولة السورية، جراء سقوط الرحبة في يد المسلحين. أمرٌ يوضح حجم الإنجاز الحقيقي جراء السيطرة أخيراً على الرحبة، الذي لا يعدو كونه معنوياً. سرقة كافة المعامل والمخارط والورش التي كانت بين عتاد الرحبة، هي أهم ما يمكن ملاحظته داخل الرحبة حالياً. مصدر أهلي أكد لـ«الأخبار» أن «عتاد الرحبة بيع كاملاً في مزاد علني بقيمة 83 مليون ليرة، على أيدي المسلحين، قبل بدء الجيش تقدمه في الريف الغربي». الكتابات على الجدران ليست إلا تهديدات موقّعة باسم «القاعدة» و«جبهة النصرة»، فيما انتشال جثامين شهداء الرحبة كان المشهد الأقسى، إذ أقلتها سيارات الإسعاف بعد التعرف إلى أصحابها.
لم تكتفِ القوات بتحرير الرحبة العسكرية، إذ ما زالت تتابع إتمام انتصارها بالتقدم شمالاً، نحو تل الناصرية، فيما بدأت وحدات من الجيش التقدم على محور بطيش مجدداً، لتسيطر على أكثر من نصف أراضي القرية، بعد أيام من التراجع تحت وطأة ضربات المسلحين. التمهيد الناري المدفعي باتجاه مورك أقصى شمال حماه، لم يتوقف أيضاً، وسط معلومات عن توجّه وحدات برية شمالاً، دون إعلان أية خطوات لاحقة، ما يوحي بأيام طويلة من قلب مجريات الأمور في الريف الحموي كاملاً، لمصلحة الجيش السوري.