رام الله | أسبوع مواجهات عنيفة عاشته مدينة القدس المحتلة في ظل تصعيدٍ إسرائيلي غير مسبوق تجاه المسجد الأقصى و"مرابطيه" الذين أدّوا معظم صلواتهم خلف أبواب المسجد بعدما أغلقها الاحتلال أمامهم، وشرّعها أمام المستوطنين في "عيد العرش اليهودي".
القدس صرخت كثيراً، لكنّ ذلك لم يجد صدىً في الضفة غير مسيرة "خجولة" شارك فيها العشرات في رام الله، وأخرى مماثلة نظّمتها الأطر الطلابية في جامعة بيرزيت.
تماماً كانت الضفة كما كتب إبراهيم نصر الله في إحدى رواياته "نصف نائمة كعادتها"، وضفةً من "ديناميت مبتل، تلزمها شمس كبيرة قبل ذلك كي تنفجر". فبعد أسبوع "الصمت المُطبق" الذي عاشته الضفة، خرجت مسيرات بعد صلاة الجمعة (يوما الإجازة) تنديداً بأفعال الاحتلال في القدس، لتواجهها الأجهزة الأمنية الفلسطينية، بالقمع والملاحقة وإطلاق الغاز المسيل للدموع كما حدث في نابلس والخليل، وأيضاً فرض "مكافحة الشغب" طوقاً على مسجد البيرة في رام الله، واعتقال المُنظمين قبل انطلاق المسيرة.
ممثل حركة "حماس" في رام الله سائد أبو البها، الذي اعتقلته الأجهزة الأمنية، كان قد تحدّث لـ"الأخبار" عن "تنسيق فصائلي، للخروج بمسيرات موحدة دعماً للقدس، تكون بمستوى الهجمة الإسرائيلية"، لكنّه أشار أيضاً إلى أن أطرافاً لم يُسمّها "غير معنية بمواجهة مع المحتل"، وتسعى إلى "إجهاض حراك الشارع الفلسطيني الذي كان يهبّ سريعاً في مثل هذه الأحداث". وذكّر أبو البها بـ"هبّة النفق" واقتحام "أريئيل شارون" للمسجد الأقصى عام 2000، والحدث الأخير أشعل شرارة الانتفاضة الثانية.
أما ممثل "الجهاد الإسلامي"، أحمد العوري، فقال إن الوضع في الضفة يشير على الأسف بسبب "التقاعس" المترافق مع غياب وتقصير فصائلي يوازيه تقصير في الموقف السياسي والرسمي الفلسطيني المُكتفي ببيانات الاستنكار، مُرجعاً، خلال حديثه لـ"الأخبار" ضعف التحركات المناصرة للأقصى إلى "ملاحقة الأجهزة الأمنية للمشاركين في هذه الاعتصامات".
في السياق، لخّص الكاتب والمحلل السياسي جهاد حرب، غياب فعاليات مناصرة الأقصى بثلاثة أسباب "أبرزها أنّ القيادة السياسية الفلسطينية ليس لديها توجهات واضحة في كيفية التعامل مع الإجراءات الإسرائيلية، وليست معنية بحراك شعبي"، وثانياً أنّ الشارع الفلسطيني، تحديداً في الضفة، "أصبح غير مبالٍ ولديه تخوّفات كبيرة". وفي النقطة الثالثة يشير حرب لـ"الأخبار" إلى "غياب قيادة سياسية فلسطينية ملهمة تقود الشعب لمواجهة شعبية".
في موازاة ذلك، يرى الناشط الشبابي، علي قراقع، أن للسلطة دوراً كبيراً في "تمييع" معاني الانتماء لدى المواطن، "وتجلّى ذلك في تراجع دور مجالس الطلبة في الجامعات الفلسطينية التي كان لها باع طويل في مسيرة المواجهة مع الاحتلال". وقال قراقع لـ"الأخبار": "تركنا المقدسيين يخوضون معركتهم وحدهم، فيما قيادتنا مُنشغلة بحكومة التوافق، وإعادة إعمار غزة واقتسام أموال المانحين"، مطالباً باستراتيجية واضحة في ملف القدس، وألا يكون العمل مجرّد رد فعل على الهجمة الإسرائيلية التي تسير وفق خُطط مدروسة. أما القيادة السياسية فهي ضائعة بين دهاليز الجمعية العامة في الأمم المتحدة".
ويذكر المقدسيون كيف كان يحتل خبر القدس، مهما بدا صغيراً، عناوين الأخبار. واليوم صارت محاصرة "داعش" لـ"عين العرب" هي الخبر الأوّل، فربّما لم تعد القدس عين العرب، وربما لم تعد عيوننا ترحلُ إليها كل يوم.