انتفضت وزارات الخارجية في العالم عن بكرة أبيها يوم أمس لاستنكار العملية التي جرت في القدس المحتلة (الشق الغربي المحتل) داخل أحد الكنس اليهودية التي يتخذها حاخامات متطرفون مقرا لهم، وهم على علاقة باقتحامات المسجد الأقصى المتكررة، كما كان يصلي في ذلك الكنيس بعض من شاركوا في قتل الطفل محمد أبو خضير وحرقه في تموز الماضي.
العالم الذي استنكر بشدة العملية هو نفسه الذي لم يتحرك مثل هذا التحرك منذ حرق الطفل أبو خضير والحملات الإسرائيلية الشديدة ضد سكان المدينة المحتلة، إذ لا يزال أكثر من 850 من أبناء القدس في سجون الاحتلال، فضلا على ما هدم من بيوت وسلسلة الاقتحامات المتكررة في الأقصى، والإعلانات المتتالية عن وحدات استيطانية جديدة والسيطرة على مبانٍ في أحياء فلسطينية.
ومن المعلوم أن غالبية الإسرائيليين يحملون جنسيات ثانية، وكان من قتلى الأمس ثلاثة يحملون الجنسية الأميركية وواحد يحمل الجنسية البريطانية، وهم حاخامات متطرفون كانوا، على ما يبدو، داخل قاعة مكتبة في الكنيس. ومنذ اللحظة الأولى لإعلان نتائج العملية ثارت مكاتب خارجية عدة دول، منها المحسوبة في صف الاحتلال دائما، وأخرى تظهر أنها تميل إلى جانب الفلسطينيين، لكنها كلها أجمعت على استنكار الحادث.
من لندن حيث كان وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، يجتمع مع نظيره المصري، سامح شكري، قال كيري، إن ما جرى «ليس له علاقة بأي سلوك إنساني، وهذه نتيجة مباشرة لتحريض أبو مازن»، داعياً القيادة الفلسطينية إلى التنديد بالهجوم. بعد ذلك، أعلنت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، جين ساكي، أن كيري «اتصل برئيس الوزراء الإسرائيلي (بنيامين نتنياهو) صباح اليوم (الأمس) وقدم تعازيه في ضحايا الهجوم».
كذلك قالت الخارجية البريطانية إنها علمت بمقتل أحد الإسرائيليين الذي يحمل جنسيتها في العملية، لكنها لم تعقب مباشرة على ما جرى، فيما سارع الرئيس الفرنسي، فرانسوا أولاند، إلى «استنكار» الهجوم والتعبير عن «قلقه من تصاعد حدة العنف في مدينة القدس»، مؤكدًا وقوفه إلى جانب «أسر الضحايا والشعب الإسرائيلي»، كما حذا حذوه سفير كندا وأستراليا لدى تل أبيب.
وإن كان مفهوما موقف هذه الدول، فإن ردود فعل أخرى أثارت استهجاناً فلسطينياً، ومنها تركيا التي استنكر وزير خارجيتها، مولود جاويش أوغلو، الهجوم على «معبد يهودي» في القدس. وأضاف جاويش أوغلو في مؤتمر مع نظيره الفنلندي اركي تيوميويا، إن «تركيا تعارض أي هجوم يستهدف دور العبادة... نعتقد أن هذا خطأ، وقد أدنا من قبل هجوما إسرائيليا على المسجد الأقصى»، معتبراً أنه ما من «ما يبرر مثل هذا الهجوم».
أما التصريح الأكثر «فجاجة»، فكان حديث وزير خارجية البحرين، خالد بن أحمد، الذي قال عبر الحساب الرسمي في «تويتر»: «جريمة قتل الأبرياء في الكنيس اليهودي، ومباركة تلك الجريمة لن يدفع ثمنها إلا شعبنا الفلسطيني بالعقاب الجماعي والمزيد من الظلم والعدوان»، وذلك في وقت لم يعقب فيه الحساب الرسمي للأمير القطري، تميم بن حمد، عبر «الفايسبوك»، سوى بالقول إنه «في القدس يشنقون الرجال لكنهم لا يستطيعون شنق الرجولة».
(الأخبار، رويترز، الأناضول)