القاهرة | سيد حجازي أول وزير إسلامي يتبوّأ حقيبة المال في تاريخ مصر الحديثة، لكنه «ليس عضواً في حزب الحرية والعدالة ولا جماعة الإخوان المسلمين». فعلى ما يبدو أن قضية الصكوك الإسلاميّة وخبرته في مجال التمويل هما ما دفعا الرئيس محمد مرسي لتعيينه في هذا المنصب خلفاً للوزير المُقال ممتاز السعيد.
عضو اللجنة الاقتصادية في حزب الحرية العدالة أحمد النجار أكد خلال حديثه مع «الأخبار» أن «الرجل أستاذ للاقتصاد والمالية العامة وصاحب باع كبير في التمويل الإسلامي... وهو ما يتيح بطبيعة الحال تفاهماً أكبر معه في هذا الصدد من آخرين لا يفقهون شيئاً في الاقتصاد الإسلامي».
مع ذلك، فأستاذ المالية العامة في كلية التجارة في جامعة الاسكندرية مجهول تماماً لوزير المال الأسبق حازم الببلاوي، الذي قال لـ«الأخبار» إنه يسمع للمرة الأولى باسمه. كذلك كان ردّ وزير المال الأسبق سمير رضوان، الذي شدد في حديثه مع «الأخبار» على أن الرجل لم يكن ضمن المشاركين حتى في الحوار المجتمعي الذي كان رضوان قد دعا اليه بعد الثورة للنقاش في الخيارات الاقتصادية.
يبدو الأمر إذن مبرراً في سياق التمويل الإسلامي فقط، في ظل الخلاف الحاد بين حزب الحرية والعدالة ووزير المال المُقال، بشأن مشروع قانون الصكوك الإسلامية، إذ يقول حجازي في بحث بعنوان «اتّساع نطاق الدين العام في دول العالم الإسلامي... المشكلة والحلول»، إن الحل الإسلامي، وهو «تفعيل أحكام الشريعة الإسلامية في المجال الاقتصادي، وخصوصاً صيغ التمويل الإسلامية القائمة على مبادئ المشاركة في الربح والخسارة، أو البيع، أو المشاركة والإنتاج أو في القروض الخالية من الربا، يمكن أن يحل المشكلة في ظل البيئة الإسلامية، خصوصاً مع تحمّل الدول الدائنة لجزء من المسؤولية». إلا أن مواقف الرجل بصورة عامة تبدو متّسقة بشدة كذلك مع مواقف حزبي الحرية والعدالة والنور السلفي والقوى الإسلامية بصورة عامة في الاقتصاد، خاصة في ما يتعلق بتضمين الزكاة مثلاً في مشروع الدستور. وهو توجه جرى التراجع عنه لاحقاً. فللرجل بحث آخر بعنوان «الزكاة والتنمية في البيئة الإسلامية». اللافت أن أول بيان صادر عن وزارة المال، بعد تولّي الوزير الجديد منصبه، كشف عن تلقّي الوزارة عروضاً من مستثمرين تصل إلى ما بين أربعة وستة مليارات دولار لتغطية أول اكتتاب مصري في هذه الصكوك، وأنها مستعدة فنياً «لإصدار صكوك بنظام الإجارة والتي تستحوذ على نحو 99 في المئة من سوق الصكوك الإسلامية عالمياً»، فيما نقل عن رئيس الوحدة المركزية للشراكة مع القطاع الخاص عاطر حنورة «أن عدداً من المصارف الأجنبية طلبت من مصر منذ فترة إدخال آليات التمويل الإسلامي في تمويل إنشاء تلك المشروعات، علماً بأن القانون والعقود الحالية لا تمنع ذلك» . وبالرغم من أن وزير المال المُقال أدلى بتصريحات لجريدة «الوطن» اليومية نشرتها أمس، قال فيها إنه كان يتوقع إطاحته على خلفية النزاع مع حزب الحرية والعدالة حول مشروع قانون الصكوك الإسلامية الذي لم يلق رضا الحزب، تدل الشواهد ربما على العكس، إذ قال مصدر نافذ في الوزارة لـ«الأخبار» إن السعيد كان قد تلقى تطمينات من رئيس مجلس الوزراء بالإبقاء عليه في منصبه، ولم يكن من ثمّ على علم مُسبق بأنه قاب قوسين أو أدنى من مغادرة منصبه إلا بعدما غادره.
فالرجل غادر ديوان الوزارة في السادسة من مساء أول من أمس، قبل أقل من ساعة من إعلان التعديلات الوزارية، بعدما قضى ثلاث ساعات في اجتماع مع جمعية رجال أعمال الإسكندرية في إطار «الحوار المجتمعي» حول القضايا الرئيسية. وكان من المُزمع أن تصدر وزارة المال بياناً حول مجريات الاجتماع، إلا أن إقالته اضطرت المكتب الاعلامي للوزارة إلى التراجع عن إصدار البيان.