وضع النظام المصري جانباً جميع مآزق البلاد وقرّر التفرّغ لملاحقة أعضاء مجموعة «بلاك بلوك»، محاولاً الإيحاء بأنهم السبب الرئيسي في ما تشهده البلاد، فيما ظهرت مجموعات جديدة، تحت شعار «وايت بلوك»، فضلاً عن عودة الحديث عن دور للجان الشعبية، ما يهدد في إدخال البلاد في أتون العنف الأهلي. النائب العام المصري، طلعت عبد الله، توعد أول من أمس مجموعة «بلاك بلوك» بضبط جميع أفرادها «الإرهابيين» وطلب مساعدة المواطنين في القبض على أعضائها، فيما أكد أمس أنه لا يخشى تهديداتها، بعدما دعت الأخيرة إلى التجمع أمام مكتبه.
لكن النائب العام عجز عن مواجهة أعضاء «بلاك بلوك»، واكتفى بالخروج من مكتبه من باب خلفي حتى قبل وصول مسيرتهم، التي كان في انتظارها رجال أمن بلباس مدني نجحوا في القبض على بعض أفراد المجموعة، وذلك بعدما حاول التخفيف من وطأة تصريحاته بقوله «إن المناشدة التي أطلقتها النيابة العامة للمواطنين بطلب معاونتهم لمأموري الضبط القضائي في ضبط عناصر مجموعة «بلاك بلوك» يشترط فيها ارتكاب المشتبه فيهم بأعمال إجرامية تشكل جناية أو جنحة تخول المساهمة والمعاونة من جانب المواطنين في إلقاء القبض على عناصر تلك المنظمة».
لكن المجموعة لم تكتف بالتجمع أمام مكتب النائب العام، بل نشرت على موقعها رداً أكدت فيه أن «بلاك بلوك فكرة مش هتموت». وطالبت الصفحة الرئيس المصري محمد مرسي بالإعلان عن كيفية هروبه من السجن كشرط لتسليم أنفسهم إلى النائب العام، الذى اتهمته المجموعة بـ«التواطؤ» لصالح جماعة الإخوان المسلمين.
ويبدو أن مواجهة «بلاك بلوك» لن تكون مقتصرة على رجال الأمن، اذ كشفت صحيفة «الوطن» المصرية أمس عن تقدم ائتلاف اللجان الشعبية، الذي يرأسه القيادي الإخواني سيد عباس، بطلب رسمي إلى رئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء ووزير الداخلية، للاستعانة بأفراد اللجان لمواجهة «حالات الانفلات الأمني والفوضى التى تشهدها البلاد»، وتوظيفهم في «أي مهمة وطنية لوقف النزف ومساعدة الداخلية فى أعمال الحماية»، مع ما تحمله هذه الخطوة من خطر اقتتال أهلي في الشارع.
وهو ما دفع الخبير الأمني، اللواء محمود قطري، إلى التحذير من أن الطلب المقدم من «الائتلاف» «سيؤدي إلى عواقب وخيمة على الدولة، ويفتح مجالاً للفوضى والعشوائية والإجرام»، منبهاً إلى أن «إشراف الإخوان على تلك اللجان، وتشكيلها من قبلهم، سيؤدي في المقابل إلى تكوين جماعات مواجهة لهم، الأمر الذي يأخذنا إلى حرب أهلية».
وترافق طلب القيادي في جماعة الإخوان مع تدشين ناشطين إسلاميين عدداً من الصفحات على موقع التواصل الاجتماعي «فايسبوك» تحمل اسم «وايت بلوك» هدفها «توحيد الصفوف والعمل جنباً الى جنب مع أبناء الوطن الشرفاء والمخلصين في صد أي هجمات تخريبية لمجموعات البلاك بلوك الإرهابية المنظمة».
ورأى أستاذ الإعلام السياسي في جامعة القاهرة، صفوت العالم، في حديث الى هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي»، أن ظهور مثل هذه الحركات هو نتيجة للانقسام السياسي الحالي في المجتمع في الفترة الأخيرة. كما تجسد هذه الحركات الشبابية الجديدة في المجتمع المصري، وفقاً للعالم، فكرة تحدي السلطة وقيود الواقع في مرحلة ما بعد الثورة.
(الأخبار)