في الوقت الذي تواجه فيه حركة «النهضة» الحاكمة في تونس صعوبات كبيرة في المفاوضات مع شريكيها في الحكم، نجح عجوز السياسة التونسية والغريم الأول للحركة، الباجي قائد السبسي، في بناء جبهة سياسية معارضة تضم ثلاثة أحزاب من وسط اليسار. ووقع الباجي قائد السبسي، الوزير الأول السابق، ومية الجريبي، الأمينة العامة للحزب «الجمهوري»، وأحمد ابراهيم، الأمين العام للحزب «الديموقراطي الاجتماعي»، على جبهة سياسية ثلاثية مفتوحة على باقي الأحزاب والجمعيات والمنظمات، وسيلتحق بها مبدئياً الأسبوع المقبل حزبان من اليسار وهما «الاشتراكي» و«العمل الوطني الديموقراطي». الجبهة السياسية الجديدة مثلت تحدّياً حقيقياً للترويكا الحاكمة. اذ إن هذه الأحزاب الخمسة تمثل الحراك الأساسي في النخبة التونسية، كما لا يستبعد التحاق أحزاب أخرى بها من ضمنها الجبهة الشعبية، التي تضم أحزاباً يسارية مع البعثيين. وثيقة الجبهة، التي تم توقيعها ظهر الثلاثاء وتحمل عنوان «بيان الأمل»، تنص أساساً على التداول السلمي للسلطة وعلى الاستجابة للمطالب التي رفعها التونسيون في الثورة ولأهمها الحرية والتشغيل والديموقراطية. كما تطالب بتحييد الادارة والمساجد والتعجيل ببناء المؤسسات الديموقراطية، وأهمها هيئة عليا مستقلة للقضاء وأخرى للإعلام، الى جانب الهيئة المستقلة للانتخابات وتحديد موعد للانتخابات والتسريع بكتابة الدستور وحل الحكومة وتشكيل حكومة مصغرة من الكفاءات الوطنية بعيداً عن المحاصصة الحزبية. هذه المطالب، التي رفعتها الجبهة الجديدة، التي تحمل اسماً مؤقتاً «الاتحاد من أجل تونس»، هي المطالب نفسها التي طرحها الاتحاد العام التونسي للشغل، وحتى الرئيس المؤقت محمد المنصف المرزوقي في مبادرته للحوار الوطني. وتتبنى هذه المطالب معظم المنظمات والقوى الاجتماعية، التي تطالب بضرورة التسريع بالإعلان عن خارطة طريق تطمئن التونسيين.
هكذا نجح عجوز السياسة التونسية في بناء تحالف قوي، في الوقت الذي كانت فيه حركة «النهضة» تسعى الى عزله وإبعاد حزبه «نداء تونس» من الحوار الوطني. ويرى متابعون أن نجاح السبسي في بناء التحالف الخماسي مع أحزاب ذات مرجعية يسارية مع نجاحه في تحييد الجبهة الشعبية ذات الانتماء اليساري الراديكالي، زاد من عزلة «النهضة» التي اضطرت الى تقديم تنازلات لشريكيها في الحكم في ما يتعلق بالتعديل الوزاري، إذ تنبئ المؤشرات إنها ستتخلى عن وزارتي العدل والخارجية، كما قد تضطر للتنازل عن الداخلية أيضاً، بعد التصعيد الذي أعلنته نقابات الأمن ضدّ وزير الداخلية. كما تسعى الى شراكة حزب رابع وهو «التحالف الديموقراطي».
نور الدين...