لم تكن مضامين كلمات القادة المشاركين في افتتاح قمة منظمة التعاون الإسلامي هي التي خطفت الأضواء في افتتاح القمة أمس. فقد خيم طيف الخلفاء الراشدين على قمة منظمة التعاون الإسلامي أمس بعدما عمد الرئيس المصري محمد مرسي للدعاء لهم في افتتاحه أعمال القمة، في خطوة يبدو أنها جاءت في مناسبة حضور الرئيس الإيراني أحمدي نجاد على غرار ما حدث في اجتماعات حركة عدم الانحياز في طهران في آب الماضي.
أما الطيف الثاني في القمة، فكان للرئيس المصري المخلوع، حسني مبارك عندما أخطأ الرئيس الفلسطيني بتوجيهه التحية له عوضاً عن مرسي في افتتاح كلمته قبل أن يتدارك خطأه على وقع ضحكات الحاضرين.
زلّة سرعان ما تكررت خلال رئاسة عباس جلسة خاصة عن فلسطين عقدت على هامش القمة، عندما شكر «الملك محمد الخامس (توفي عام 1961) على الكلمة التي قرأها نيابة عنه رئيس الوزراء المغربي عبد الإله بنكيران» في الجلسة، ما دفع بنكيران إلى تصحيح خطأ عباس قائلاً: «محمد السادس سيدي الرئيس».
ثالث الأطياف بدا أنه لتقارب إيراني بحريني، بعدما خطف العناق الحار بين وزيري الخارجية البحريني، الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة ونظيره الإيراني علي أكبر صالحي على هامش القمة الأضواء وسط علامات الدهشة التي علت وجوه الحاضرين، وفقاً لما أكدته وكالة أنباء الأناضول.
أما وزيرة خارجية باكستان، حنا رباني خار، فنجحت في لفت أنظار رؤساء الوفود المشاركة بعدما جلست وسط الرئيس الإيراني أحمدي نجاد، ووزير خارجية البحرين نيابة عن الرئيس الباكستاني. كذلك كانت لافتة المغادرة السريعة للوفود الخليجية، وتحديداً ولي العهد السعودي، الأمير سلمان بن عبد العزيز، إلى جانب أمير قطر حمد بن خليفة آل ثاني وأمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح.
وهيمنت الأزمة السورية على كلمات الجلسة الافتتاحية. الرئيس المصري دعا في كلمته فصائل المعارضة السورية التي لم تنضم إلى الائتلاف الوطني المعترف به دولياً، إلى «التنسيق معه ومؤازرة جهوده لطرح رؤية موحدة وشاملة لعملية البناء الديموقراطي لسوريا الجديدة». وأضاف: «أُهيب بالمعارضة السورية أن تشرع في اتخاذ الخطوات اللازمة لتكون مستعدة لتحمل المسؤولية السياسية بكافة جوانبها حتى إتمام عملية التغيير السياسي المنشود بإرادة الشعب السوري وحده».
ومن دون أن يسمي الرئيس السوري، بشار الأسد، قال إنه يتعين على «النظام الحاكم في سوريا أن يقرأ التاريخ ويعي درسه الخالد، أن الشعوب هي الباقية وأن من يعلون مصالحهم الشخصية فوق مصالح الشعوب ذاهبون لا محالة».
وفيما تجنب التطرق إلى التدخل الفرنسي في مالي، أكد مرسي دعم مصر لوحدة الأراضي المالية وسلامة شعبها وتراثها الثقافي.
من جهته، شدد ولي العهد السعودي، الأمير سلمان بن عبد العزيز، على ضرورة أن تساند القمة «انتقال السلطة» في سوريا، مشيراً إلى أن «دعم البعض للنظام السوري لا يُسهم في حل هذه المشكلة»، في إشارة إلى إيران.
وأضاف أن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الذي لا يزال مشلولاً حتى الآن بسبب معارضة روسيا والصين للعقوبات يجب أن يتحرك لإنهاء نقل السلطة، داعياً «المجتمع الدولي، وخاصة مجلس الأمن إلى اتخاذ القرارات اللازمة لوقف العنف، وإنهاء انتقال السلطة في أسرع وقت». وفيما حذر من أن الأزمة تتفاقم وتنذر بعواقب وخيمة، أكد «دعم بلاده الكامل للشعب الفلسطيني وكذلك السوري على كافة المستويات لتحقيق أهدافه بعيداً عن أي تدخل أجنبي».
أما أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، فرأى أنه «لا تلوح في الأفق بوادر حل قريب، رغم الجهود الكبيرة والمتواصلة التي بذلت على المستويين الإقليمي والدولي». ورأى أن «مجلس الأمن الدولي أمام مسؤولية تاريخية تتطلب توحيد الصفوف وتجاوز بعض العقبات والمسارعة في إيجاد حل سريع يحقق للأشقاء مطالبهم ويحقن دماءهم ويعيد الأمن والاستقرار إلى وطنهم».
من جهته، رأى رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، أن سوريا «في حاجة إلى حل سياسي سلمي يؤمِّن وحدة شعبها وسلامة أراضيها». وفيما أعرب المالكي عن أمله أن «يتوقف نزف الدم السوري»، أكد وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري، أن البيان الختامي للقمة يجب أن يصدر بإجماع الآراء، وأنه سيشدد على الحاجة إلى الحوار والوصول إلى حل سياسي في سوريا.
وتحث مسودة البيان السوري، التي تتجنب ذكر الرئيس بشار الأسد، «النظام السوري على التحلي بالحكمة». وتدعو أيضاً «إلى حوار جاد بين التحالف الوطني للثورة السورية وقوى المعارضة وبين ممثلي الحكومة السورية الملتزمين التحول السياسي في سوريا والذين لم يتورطوا بكيفية مباشرة في أي شكل من أشكال القمع».
أما إكمال الدين إحسان أوغلو، الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، فعبّر عن «استياء» شعوب الأمة الإسلامية من «عجز» مجلس الأمن الدولي أمام الأزمة السورية.
وبعيداً عن الأزمة السورية، لفت إلى وجود «تفكير في إنشاء مؤسسة أكبر مما نحن عليه تلبي احتياجاتنا» دون مزيد من التوضيح.
كذلك دعا الدول الأعضاء إلى عقد مؤتمر مانحين خاص بمدينة القدس، وإنشاء شبكة أمان إسلامية لتلبية الاحتياجات الرئيسية للشعب الفلسطيني.
وفي الشأن الفلسطيني، كشف الرئيس الفلسطيني محمود عباس في كلمته أن القاهرة ستشهد بعد يومين لقاءً للفصائل الفلسطينية لإتمام الإجراءات الخاصة بإنهاء الانقسام وإتمام ملف الانتخابات الرئاسية والتشريعية المتزامنة. وانتقد عباس الزعماء الذين يقومون بزيارات رسمية لقطاع غزة، بقوله إن «هناك فرقاً بين تقديم مساعدات إنسانية لغزة والزيارات السياسية التي تأخذ طابعاً رسمياً، وكأنّ هناك كياناً مستقلاً في قطاع غزة».
أما رئيس منظمة التعاون الإسلامي الذي انتهت ولايته، رئيس السنغال ماكي سال معسكره، فطالب القمة خصوصاً بدعم مالي كي تتمكن من استعادة سيادتها المهددة من قبل «مجموعات إرهابية ترتكب جرائم ضد الشعب المالي».
وعلى هامش القمة، قال الرئيس الإيراني، في لقاء مع الصحافيين المصريين إن من غير الممكن أن يكون هناك حل عسكري في سوريا.
ونقل موقع لصحيفة «الأهرام» المصرية قول نجاد: «من حسن الحظ في سوريا حالياً أن الأمور تتجه بين الطرفين ــ المعارضة والحكومة ــ إلى تكريس فكرة الحوار والحديث معاً». ودعا نجاد إلى تحالف استراتيجي مع مصر، مقراً بأن تقدماً محدوداً حدث بشأن استئناف العلاقات بين البلدين. ونقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط عن نجاد قوله: «يجب أن نفهم جميعاً أنه ليس أمامنا إلا القيام بهذا التحالف لأنه يصب في مصلحة الشعبين المصري والإيراني وغيرهما من شعوب المنطقة». وأشار نجاد إلى أنه عرض تقديم قرض لمصر التي تعاني أزمة مالية، لكن الرد كان فاتراً. وقال: «أعلنت من قبل أننا يمكن أن نقدم خطاً ائتمانياً كبيراً للأخوة المصرييين، وكذلك خدمات عديدة».
وعن مشكلة إطلاق اسم خالد الإسلامبولي الذي قاد اغتيال الرئيس أنور السادات على أحد الشوارع في إيران، قال نجاد إن مسألة اسم الشارع ستعالج تلقائياً، فيما أبلغ الرئيس المصري نظيره الإيراني عزمه على زيارة طهران مرة ثانية، من دون أن يحدد موعداً لتلك الزيارة.
(الأخبار، أ ف ب، رويترز)