صنعاء | يبدو أن سفينة «جيهان 1»، التي أوقفتها السلطات اليمنية الشهر الماضي واتهمت إيران بإرسالها، لم تنقل على متنها شحنة أسلحة فقط، بل نقلت الأزمة الدبلوماسية المستمرة بين صنعاء وطهران منذ سنوات إلى مستوى جديد، ساحته مجلس الأمن الدولي. ويبدو أن اليمن أصبح جزءاً من الضغط الدولي الرامي إلى فرض عقوبات على إيران، إذ توجهت صنعاء إلى مجلس الأمن الدولي في السادس من الشهر الحالي بطلب المشاركة في التحقيقات الجارية بعد مصادرة حمولة السفينة والقبض على طاقمها.
«الأخبار» حصلت على نسخة من الرسالة التي وجّهها وزير الخارجية اليمني أبو بكر القربي، إلى غاري فرانسيس كوينلان، مندوب أوستراليا الدائم لدى الأمم المتحدة، رئيس لجنة مجلس الأمن المنشأة بموجب قرار المجلس رقم 1737 بشأن فرض عقوبات على إيران. كما حصلت «الأخبار» على رسالة التغطية المرفقة برسالة الوزير اليمني والموجهة من ممثل اليمن الدائم لدى الأمم المتحدة إلى رئيس اللجنة المنشأة بموجب القرار رقم 1929 لعام 2010 المعنيّة أيضاً بمتابعة العقوبات.
وتسلط الرسالتان الضوء على مساعٍ تبذلها الحكومة اليمنية، بالتعاون مع فريق خبراء دوليين، من أجل تحويل هذه القضية إلى ورقة إضافية في يد المجتمع الدولي لإعمال قرار مجلس الأمن رقم 1737 بشأن فرض عقوبات على إيران الذي يتضمن حظراً على تصدير أسلحتها إلى الخارج.
وتكشف رسالة وزير الخارجية اليمني عن زيارة قام بها فريق من الخبراء الدوليين، بعيد اعتراض السفينة الإيرانية قبالة السواحل اليمنية في 23 كانون الثاني الماضي، تخللتها لقاءات أجراها الفريق مع عدد من الجهات الرسمية اليمنية في إطار إعمال القرار 1737.
وأشارت رسالة القربي صراحة إلى أن سفينة الأسلحة آتية من إيران بخلاف المعلومات التي تداولتها وسائل الإعلام اليمنية والدولية القائلة بأن شكوى اليمن لمجلس الأمن لم تتضمن إشارة صريحة إلى أن السفينة «جيهان ١» آتية من إيران. وأشارت الرسالة إلى أنه «خلال الزيارة أثار الفريق مع الجهات الرسمية اليمنية موضوع عملية احتجاز سفينة تحمل شحنة أسلحة، بما فيها صواريخ سام 2 وسام 3 المضادة للطائرات، والتي تم تسليمها في إيران لثمانية بحارة يمنيين لإيصالها إلى اليمن».
واختتمت الرسالة بتقديم صنعاء طلباً إلى مجلس الأمن للمشاركة في التحقيقات «للاستفادة من الخبرات الكبيرة التي تتوافر لدى الأمم المتحدة في هذا المجال». وقد لبى المجلس، هذا الأسبوع، طلب اليمن، حيث أفادت أنباء صحافية بأن فريقاً دولياً، يتكون من لجنة العقوبات على إيران، سيزور اليمن قريباً.
وأثار التحول في أسلوب تعاطي اليمن مع حادثة السفينة هذه المرة التساؤلات، إذ إن الأزمة الدبلوماسية بين اليمن وإيران مستمرة منذ سنوات وهي متعددة الوجوه. وسبق أن اعترضت السلطات اليمنية في 27 تشرين الأول 2009، سفينة إيرانية محملة بالأسلحة تدعى «معان 1» قبالة سواحل جزيرة «ميدي» في البحر الأحمر. وأصدر القضاء اليمني أحكاماً بالسجن بحقّ طاقم السفينة، الذي كان يتكون من 6 بحارة إيرانيين.
كذلك أعلنت صنعاء أكثر من مرة خلال السنوات الماضية ضبط خلايا تجسس تعمل على أراضيها لصالح طهران، وأخضعت أعضاء هذه الخلايا لمحاكمات.
يحدث هذا في ظل اتهامات مستمرة توجهها صنعاء لطهران بدعم حركات داخل اليمن، وتحديداً الحوثيين والتيار المتشدد في الحراك الجنوبي، الذي يقوده علي سالم البيض. غير أن هذه هي المرة الأولى التي تتحول فيها الأزمة بين البلدين إلى مجلس الأمن الدولي. ففي حين كان الرئيس السابق علي عبد الله صالح يستثمر مثل هذه القضايا في ابتزاز أطراف الصراع الإقليمي، فإن التحول الذي شهده مسار الأزمة بين صنعاء وطهران لا يمكن فصله عن طبيعة المرحلة الانتقالية التي تمر بها البلاد برعاية المجتمع الدولي، وتحديداً السعودية والولايات المتحدة الأميركية.