لا تنفك جماعة الإخوان المسلمين تخرج من أزمة لتواجه أخرى، في ظل اتهامها بتعمد تغييب مبدأ الشراكة والعمل على اقصاء الآخرين، بالرغم من ما تفرضه ظروف البلاد المتدهورة من ضرورة تضافر في الجهود. أزمة الجماعة الأكثر تعقيداً تبرز من خلال العلاقة شبه المقطوعة مع أبرز تيار معارض، جبهة الانقاذ الوطني. والأخيرة تبدو مصممة على مقاطعة الانتخابات التي تعلن اللجنة العليا للانتخابات غداً عن جدول زمنياً لها.
وتتشبث المعارضة بموقفها بحجة غياب الضمانات الكفيلة بنزاهة الانتخابات، وفي مقدمتها تشكيل حكومة جديدة. وجاءت تصريحات مسؤولي حزب الوفد، المنضوي في الجبهة، أمس لتبدد المخاوف من احتمال تراجع الحزب عن قرار المقاطعة تحت وطأة الضغوط الغربية، وتحديداً الأميركية. وربط حسام الخولي، سكرتير مساعد حزب الوفد، حديث الإخوان والسلفيين عن امكان تراجع الجبهة عن قرارها بوجود معلومات لديهما من الرئاسة بأنها سوف تغير من سياستها وتعمل على تشكيل حكومة إنقاذ وطني. وهو شرط قد تجد الجماعة نفسها مضطرة إلى الرضوخ له في ظل وجود اصرار أميركي على ضرورة اجراء الانتخابات وارساء استقرار في البلاد. وهو استقرار من المتوقع أن يلجأ وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، الذي يزور القاهرة غداً إلى اعادة التشديد عليه أمام مستقبليه سواء أكانوا من المسؤولين في الدولة أم من المعارضة.
أزمة أخرى لا تقل أهمية على جدول مشاكل الجماعة، يعد الجيش طرفاً أساسياً فيها. والأخير لا يتردد في تمرير الرسائل المبطنة للجماعة وآخرها كان أمس من خلال تعهد وزير الدفاع، عبد الفتاح السيسي، أن «تظل القوات المسلحة محافظة على يمين الولاء للوطن واضعة مصر وأمنها القومي فوق كل اعتبار»، من دون أن ينسى الحديث عن «الوفاء بالمسؤوليات التي كلفه بها شعب مصر العظيم»، وذلك بالتزامن مع مطالب بتدخل الجيش تجلت في التوكيلات التي حررها البعض في بورسعيد للجيش لادارة البلاد. وترافق ذلك مع ابلاغ السيسي، وفقاً لما نقلته وكالة «رويترز»، رسالة لمرسي بأن «الأمن القومي في خطر بعد الفوضى والعنف الذي عم مدينتي السويس وبورسعيد»، وضرورة احتواء الاضطرابات في منطقة القناة. وهي نفس الرسالة التي أبلغت أيضاً لأقطاب المعارضة بعد دعوات العصيان المدني. وفي حين لا تلقي المعارضة بثقلها خلف دعوات العصيان كما هو واضح، فإن مرسي يتجه لتلبية جزء من مطالب المحتجين، بينها مصادقته السريعة أمس على عودة «المنطقة الحرة» إلى بورسعيد بعد موافقة «الشورى» على مشروع تقدمت به الحكومة لارضاء المحتجين.
لكن احتمالات عودة الجيش للحياة السياسية مباشرة تلقى رفضاً من الرئاسة والإخوان، وغالبية القوى المعارضة. وهو ما تجلى في رفض أحزاب وتيارات المعارضة المشاركة اليوم في مليونية دعم القوات المسلحة لمطالبة الجيش بإدارة البلاد، فيما تنظم التيارات السلفية اليوم تظاهرة أمام قصر عابدين للمطالبة بعودة الضباط الملتحين للعمل.
أزمة ثالثة تعجز الرئاسة عن ايجاد حل لها عنوانها حزب النور السلفي، الذي جدد أمس على لسان الأمين العام المساعد للحزب شعبان عبد العليم دعوته لمرسي «إلى اتخاذ إجراءات لوقف أخونة الدولة». ووسط مختلف هذه الأزمات، تتسلل المخاوف من اشتباكات طائفية جديدة، وخصوصاً بعد محاصرة مسلمين أمس لكنيسة ماري جرجس في مدينة كوم أمبو التابعة لأسوان بحجة الضغط على قوات الأمن للبحث عن فتاة مسلمة يزعمون أنها متواجدة داخل الكنيسة لاجبارها على اعتناق المسيحية. وأسفرت الاشتباكات عن اصابة 6 أشخاص نتيجة إلقاء الأمن قنابل مسيلة للدموع على المحتجين.
في غضون ذلك، استمرت حركة الاحتجاجات في عدد من المحافظات. ونظم عدد من المعتصمين في ميدان التحرير مسيرة «للمطالبة بالقصاص للشهداء والإفراج عن المعتقلين السياسيين وإقالة النائب العام»، فيما اندلعت اشتباكات بين المتظاهرين وقوات الأمن في ميدان الثورة في المنصورة بعد قيام مجهولين بإلقاء زجاجات المولوتوف حارقة على مبنى ديوان عام محافظة الدقهلية. وفي اليوم الثاني عشر للعصيان المدني في بورسعيد، أفيد عن غلاق مداخل ومخارج بورسعيد وتوقف العمل بالبنوك والمنافذ الجمركية.
أما أصحاب المخابز فعادوا للتهديد بالاضراب في حال لم تستجب الحكومة لمطالبهم التي تشمل تسليم حوافز مالية ممهلين الحكومة أسبوعين لحل مشاكلهم.
(الأخبار)