بات واضحاً أنّ الحراك الدبلوماسي والإقليمي باتجاه «جنيف 2» تقوده مجموعتان، تسعى الأولى إلى عقده وانجاحه، فيما تعمل الثانية على عرقلته، أو بالحد الأدنى رفع سقف مطالبها لإجهاضه. الفريق الأول تقوده روسيا، بالتعاون والتنسيق مع الولايات المتحدة، ومعهما إيران ومصر والنظام السوري وبعض أطراف المعارضة الداخلية. أما الفريق الثاني، فتقوده تركيا بدعم وتشجيع قطري وتواطؤ سعودي وغطاء أوروبي وبالتنسيق مع فصائل معارضة الخارج والمجموعات المسلحة. اللعبة لعبة سقوف ومفخخات سياسية. دعاة انجاح المؤتمر يعرفون أنه صمم لتحقيق النتيجة التالية: حل عبر حوار سوري ــــ سوري تحت سقف بشار الأسد. خلاصة هي السبب الأساس الذي يجعل الفريق الآخر يعمل على منع انعقاده، أو اجهاضه. اللافت في كل هذه المعمعة الاطمئنان الإيراني إلى الموقف الأميركي. ارتياح ليس وليد القراغ، بل نتيجة رسالة روسية حاسمة في مضمونها: الولايات المتحدة أبلغتنا رسمياً أنها حسمت خيارها وقررت تغيير موقفها من الأزمة السورية.
على الأقل هذا ما تفيد به المعلومات الواردة من طهران، التي تشير إلى أن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أبلغ السلطات الإيرانية تفاصيل المحادثات مع نظيره الأميركي جون كيري في موسكو، التي زارها في السابع من الشهر الجاري. وتكشف الرسالة الروسية، على ما تفيد مصادر وثيقة الاطلاع، أن كيري أبلغ القادة الروس أن الولايات المتحدة قررت الاستدارة في ما يتعلق بموقفها من الأزمة السورية. وقال كيري، بحسب تلك الرسالة، لمضيفيه الروس: «عليكم أن تعرفوا أن الولايات المتحدة ليست دراجة نارية يمكنها تبديل خط سيرها 180 درجة، وهي واقفة في أرضها. إن الولايات المتحدة أشبه بشاحنة كبيرة، قاطرة ومقطورة، تحتاج، من أجل الاستدارة، إلى القيام بلفة كبيرة، في خلالها يمكن أن تعبر أحياءً وشوارع ضيقة، وتتسبب بأضرار لبعض المنشآت والأبنية والسيارات المتوقفة على جانبي الطريق، لكنها في النهاية ستستدير». من مصاديق هذه الرسالة، ما كشف عنه أخيراً عن أن الولايات المتحدة وافقت على دعوة إيران إلى حضور «جنيف 2» رغم رفض العديد من الأطراف، وفي مقدمتهم السعودية، التي يبدو أنها لا تزال مترددة وتسعى إلى كسب المزيد من الوقت بانتظار تحقيق مكتسبات يمكن صرفها على طاولة الحل. ومع ذلك فإن التعامل معها، حتى هذه اللحظة، لا يزال يقوم على سياسة اليد الممدودة، خلافاً للوضع مع قطر.
ولعل هذا الاطمئنان إلى الموقف الأميركي، ومعه التقدم الذي يحققه الجيش السوري في الميدان، معطوفاً على ما ثبتته معطيات ما بعد الغارة على سوريا من خشية إسرائيلية من تدحرج الأمور نحو حرب، يفسر محاولات قطر إعادة مد الجسور مع إيران، وإصرار تلك الأخيرة على عدم الاستجابة لطلب الشيخ حمد زيارتها، وإرجاء الموعد أكثر من مرة بحجج واهية. المعنيون في هذا الملف في طهران يؤكدون أنها مستاءة جداً من السياسة القطرية القائمة على «اللعب على الحبلين»، وأنها تشترط، من أجل استضافة حمد، موقفا قطرياً حاسماً تحدد فيه الدوحة خياراتها الاستراتيجية في كل الملفات المتنازع عليها، ويتقدمها الملف السوري، مع تأكيد على الاستعداد لقبول دور للإمارة الخليجية في المنطقة يتناسب مع حجمها وقدراتها. مسؤول خليجي رفيع المستوى يؤكد أنه نقل رسالة بهذا المعنى، قبل إعراب حمد عن رغبته في زيارة طهران بأسابيع، عنوانها تحذير للسلطات القطرية من أنها ستدفع ثمن أدائها أدواراً لا تناسب حجمها. يقول هذا المسؤول إن نظراءه القطريين وقتها استمعوا إلى كلامه ولم يردوا عليه: «أداروا الأذن الصماء. اعتقد أنهم باتوا الآن مستعدين لإدارة الأذن الأخرى».
في المقابل، هناك تركيا التي يجمع المعنيون على أن قيادتها بلغت في معاداتها للنظام السوري حداً بات من الصعب إيجاد صيغة للتفاهم بينهما من أي نوع كان، وخاصة أن الاتصالات بحكومة أنقرة سبق أن انتهت أكثر من مرة إلى وعود تركية بمرونة أكبر وبمراجعة للمواقف من نظام الأسد، لتترجم عبر الممارسة بسلوك أكثر تشدداً وعدوانية. ومع ذلك طفا إلى السطح مجدداً المخرج الذي بُحث أكثر من مرة خلال العام الماضي، ويقوم على تحميل وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو مسؤولية المقاربة التركية للملف السوري، ونفض يد رجب طيب أردوغان وعبد الله غول منه، من دون أن يتضح مدى جديته حالياً.
وفي خضم الحديث عن الحل السوري والمرحلة الانتقالية التي يتفق الجميع على مبدئها، لكنهم ينقسمون حول طبيعتها، يقول دبلوماسي عربي محسوب على الفريق المؤيد للمعارضة السورية، إن الأوروبيين فكروا في بادئ الأمر، يوم بدأ الحديث عن تسوية، بوليد المعلم رئيساً للحكومة الانتقالية، لكن إطلالة إعلامية تلت ذلك أظهرت أنه يتبنى الخطاب نفسه الذي يقوله الرئيس بشار الأسد، كما أنه شوهد، بعد ذلك، يجلس في الصف الأمامي في خلال خطاب علني لهذا الأخير، فصرفوا النظر عنه. ويضيف أنه «من بعد حديث (نائب الرئيس فاروق) الشرع إلى جريدتكم («الأخبار»)، صار المرشح الأول لهذا المنصب، لكن سرعان ما صرف النظر عنه لكونه ليس لديه الكثير من المحبين والمؤيدين في الداخل. اليوم تجهد الاستخبارات الألمانية للترويج لعبد الله الدردري ليتولى هذا المنصب في أي مصالحة مقبلة».
8 تعليق
التعليقات
-
القاطرة و المقطورةالذكاء و قوة الذكرة من صفات الانسان الواعي و الناجح و من يارهن على الوهم من امثال من يتبى و او يدعي انه معارض للدولة السورية بقيادة الرئيس بشار الاسد و لا يفهم مجريات السياسة و على ما تبنى عليه لايستطيع ان يقرأ بشكل جيد من يتمول من مصادر خليجة تسبح و تتغذى على بقايا خنازير الولايات المتحدة الاميريكية في المنطقة فهو لايعرف او لايريد ان يعرف ماذا يجري على الارض من يرى بعين الحمار لايرى الا التبن حوله و الايستطيع التمييز بين البشر فمن يأتي يركب و يقود المهم من يمون التبن لهذا الحمار و فهمكم كفاية
-
سمعنا هذه التحليلات الايرانيةسمعنا هذه التحليلات الايرانية الشبيهة بلتمنيات غير المرتبطة بلواقع.
-
مبروووك لأميركامبروك عليكم إذاً إنظمام (((( الشيطان )الأكبر))) أميركا ل حلف المقاومة
-
سيدي ايلي هذا المقال يعبر عنسيدي ايلي هذا المقال يعبر عن ماتتمناه وليس ماهو واقع فعلا ! الوضع مختلف تماما عن ماذكرت . الروس الان يجهدون عرض بضاعتهم وهي بيع الاسد ويطلبون السعر ؟ المشكله ان لااحد يريد شراء هذه البضاعة المزجاة ! اخيرا سيتعاملون مع الاسد كما تعاملوا مع القذافي. يبيعونه مجانا !
-
نعم هي القاطرة ولكنالذين ذكروا من "حلفائها" في المجموعتين "المتخاصمتين دبلوماسيا"! مركونين في مقطورتها الخلفية, فلو ارادت فعلا الاستدارة, استداروا غصبن عنهم.. -مثلا, يشكو "الثوار" ليل نهار,ويبكون حالهم ويندبون حظهم ويلطمون خدودهم..بسبب احجام "المجتمع الدولي" عن تسليحهم بأسلحة نوعية يقولون انها ستمكنهم من حسم المعركة مع النظام.. وبغض النظر عن نقطة انهم مليؤن بالهراء,فالسؤال يطرح نفسه, ولماذا "دول الخليج" التي تسلحهم حاليا لا تعطيهم هذه الأسلحة؟, وما فائدة تصدرها المراكز الأولى سنويا في top10 مستوردي السلاح في العالم إذا؟! هل لغياب الرغبة عند قادتها؟! ام بسبب انهم وببساطة نواطير {بلا حرية} على هذا السلاح كما هم نواطير على آبار النفط؟ ونفس التساؤل ولكن بتعجب اكبر واسف ايضا على ان يحكم دولة مثل تركيا تابع موتور مثل اردوغان! هل ينقصه الشبق او تنقص جيشه الإمكانات؟! ام ببساطة ايضا لأن قرار دولته مرتبط بما يقرره حلف الناتو (يعني اميركا) في قضايا الحرب والسلم؟ واشياء اخرى لا يسعها المقام.. اما عن "فصائل معارضة الخارج" ووقوفهم في وجه "قرار اميركا بالاستدارة", فا"!LOL",لأنه هنا السؤال يطرح نفسه ويتفعفل على الأرض كإضافة! من هو بل ما هو غسان هيتو مثلا؟! (اقرأ سلام فياض إذا لم تعرف الإجابة!) -اما لماذا لا تسلحهم نوعيا -او تسمح "لحلفائها"- فيحسمون كما يدعون؟ ولماذا تقول انها تريد الاستدارة؟ ولماذا ستستدير مرغمة لاحقا؟ ولماذا لا يمكنها الاستدارة 180 درجة بسرعة؟ فهذا حديث آخر, ليس فيه حرية حقيقية إلا لها ولأعدائها الذين يردون ادواتها المجرمة عن سوريا.
-
سؤال ينكزني مؤخراً...سؤال يطرح نفسه مؤخراً... أين هو عقاب صقر داعم الثورة السورية بالحليب و الحفاضات؟؟؟؟؟