واشنطن | تتحدث تقارير استخبارية أميركية وغربية عن مساعٍ سورية إيرانية لنقل أسلحة إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة عبر الأردن، فيما تشير في الوقت نفسه إلى ازدياد مشاعر القلق لدى الملك الأردني عبد الله الثاني، إزاء إمكان فقدانه السيطرة على جزء كبير من أراضي بلاده بسبب تصاعد الحرب الدائرة في سوريا. وقال مصدر استخباري إن «الملك عبد الله يراقب بلا حول ولا قوة عناصر أجانب ينتشرون في معظم أنحاء البلاد، ويجرّون الأردن إلى حرب لا يريدها». واضاف إن «الملك كان دائماً مؤيداً للولايات المتحدة، لكنه على مدى العامين الماضيين، بدأ يشعر بأن الولايات المتحدة تدير ظهرها باستمرار لأصدقائها، فيما تعمل على ترويج جماعة الاخوان المسلمين المعادية».
ويؤكد مركز «ستراتفور» الأميركي للتحليلات الاستخبارية ازدياد الأدلة على أن سوريا وإيران تعملان على بناء قدرات عسكرية في الضفة الغربية المحتلة، بما يمثل تهديداً للاحتلال الإسرائيلي، وأن الأسلحة تُرسَل ليس فقط إلى حركة «حماس»، التي ذكرت أنباء أنها عملت على إعادة العلاقات مع إيران، بل أيضاً تُرسَل إلى حركة فتح، التي تهيمن على السلطة الفلسطينية في رام الله.
وكانت السلطات الأردنية قد أعلنت خلال الأيام القليلة الماضية عن كشفها على الأقل حادثتين منفصلتين تمثلتا في قيام مجموعات بتهريب أسلحة من سوريا، وأنه أُلقي القبض على خمسة سوريين في هذه القضية يوم 6 آب الجاري قرب مدينة مأدبا، التي لا تبعد كثيراً عن العاصمة عمان.
وتشمل الأسلحة المُهرّبة صواريخ مضادة للدبابات وصواريخ أرض جو وبنادق. ويحمل المهرّبون السوريون الخمسة بطاقات تعريف أردنية، وكانوا يخبئون الأسلحة المهربة في سيارتي «بيك آب» تحملان كميات من البطيخ. واشتبهت الشرطة فيهما عندما تجاوزتا سوق الخضار والفواكه، حيث كان يفترض أن تفرغا حمولتهما.
ويكشف تحقيق خاص أجراه «ستراتفور» حول آخر شحنة أسلحة نُقِلت عبر الأردن عن هدف مختلف تماماً: حيث إن من جرى الاتصال بهم في المنطقة ادّعوا بأن المهربين الذين أُلقي القبض عليهم يوم 6 آب كانوا فلسطينيين من سوريا ينتمون إلى الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة. وادّعو أنهم كانوا يحملون أسلحة جرى الحصول عليها من مستودعات الجيش السوري في السويداء في جنوب غرب سوريا لنقلها عبر الأردن، وذلك من الحدود السورية جنوباً إلى الكرك، للالتفاف على وجود أمني كبير على طول وادي نهر الأردن. والوجهة النهائية لهذه الأسلحة، وفقاً لمن جرى الاتصال بهم، هي مدينة الخليل في الضفة.
ويشير تقرير «ستراتفور» إلى أن نأي حركة حماس، ذات الجذور الإخوانية، بنفسها عن سوريا وإيران لم يمنع طهران من بذل الجهود لإبقاء علاقات معها، حيث زودت إيران الحركة بصواريخ «فجر-5» استخدمت لقصف أهداف إسرائيلية في تل أبيب وغيرها رداً على العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في أواخر العام الماضي.
في الوقت نفسه، تحاول إيران تعويض التحديات المذهبية التي تواجه حلفاءها في سوريا ولبنان والعراق من خلال توسيع شبكة حلفائها المسلحين حيثما يمكن، وجزءاً من هذه الاستراتيجية يقوم على بناء وجود في الضفة الغربية المحتلة لتهديد إسرائيل. وتتقاطع هذه الاستراتيجية مع مصلحة «حماس» في تقويض نفوذ وسلطة حركة فتح التي من خلال هيمنتها على السلطة الفلسطينية تنخرط في مفاوضات سلام مع إسرائيل.
غير أن التقرير يشير إلى أن من غير السهل على إيران وسوريا تنفيذ خططهما في الضفة، حيث تسيطر «فتح» وتقوم قوات الأمن التابعة للسلطة بين الحين والآخر باعتقال أعضاء «حماس».
لكن تشديد اجراءات السلطة الفلسطينية والمراقبة الأمنية الاسرائيلية على الحدود يمثلان تحديات لم تردع إيران وسوريا من محاولة استخدام الشبكات المحلية لبناء مخابئ الأسلحة في الضفة، بحيث تمكنت الفصائل الفلسطينية في نهاية المطاف من العمل على نصب كمائن لدوريات قوات الاحتلال الإسرائيلي.