القاهرة ــ الأخبار ... وسقط مرشد جماعة «الإخوان المسلمين، محمد بديع في قبضة الشرطة المصرية، في مشهد دراماتيكي، حيث اقتيد في شقة موجودة في عقار يحمل الرقم 84 بالقرب من «رابعة» وفي السنة 84 لتأسيس الإخوان، وفي ليلة ميلاد الرئيس المعزول محمد مرسي. اعتقل بعد منتصف الليل، عقب ثلاثة أيام من البحث والمراقبة، وفق مصادر «الأخبار». وبعد ذلك، نُشر له شريط مصور بدا فيه الرجل، الذي كان يتوعّد الانقلابيين قبل أيام خلت على منصة «رابعة» ويهدّد ويهتف «مرسي مرسي» والجماهير تردّد وراءه بحماسة، بائساً بثوب فضفاض ونظرة يائسة.
يأتي هذا الاعتقال بعد حملة أمنية تخللها فض اعتصامات مناصري «الإخوان» بالقوة، وفرض حالة الطوارئ ومنعهم من التجمهر وقمع مسيراتهم، وشُبهات حول تصفية كوادرهم في السجون بعد ما حصل في منطقة سجون أبو زعبل، إضافة الى اعتقال الآلاف من قيادات الصفين الثاني والأول، ممهدةً لاحتمال فرط عقد الجماعة وتحولها نحو التطرف، خصوصاً بعد الإعلان عن تعيين محمود عزت مرشداً عاماً مؤقتاً؛ عزّت الذي يعدّ المرشد الفعلي للجماعة منذ زمن، ويدير الأزمة من مخبئه في الخارج، كما يروي العارفون.
لكن إعلان تعيين عزّت، عاد ونُسف، بنفي من الجماعة نفسها، وهو ما يعني ارتباكاً داخل الجماعة حول من يقودها في المرحلة الآتية، خصوصاً أنّ تعيين عزت يعني اختيار سبيل المواجهة والتطرّف. وفي ظل تواصل الحملة الأمنية على الجماعة وحملة التجييش والتحريض عليها واحتمال حظرها، فهذا قد يفتح الباب واسعاً امام انصراف أفراد الجماعة الى المواجهة المسلحة والعمل الجهادي، مع ما يعنيه ذلك من حرب قد تطول على ما يسمى الإرهاب في مصر، وهو ما سبق أن أعلنه أول من أمس وزير الداخلية اللواء ابراهيم.
وبحسب مصادر «الأخبار» المطلعة، فان عملية التحضير للقبض على بديع، كانت قد بدأت قبل ثلاثة أيام، حين توجه أحد المواطنين من ساكني العمارة التي تحوي الشقة التي يختبئ فيها بديع الى أقرب قسم، وأبلغ أنه شاهد المرشد العام وهو يُصلي حين كان واقفاً على الشرفة. وبعدها قام القسم بالتحفّظ على الرجل، ثم بدأت المباحث السرية بجمع المعلومات من خلال وحدة عمليات خاصة، لوحظ على اثرها أن غالبية الشباب في المنطقة ينتمون الى جماعة «الإخوان»، وأنهم يتحركون بشكل سري ومريب، فالتقطت لهم صور وقورنت مع الصور التي يحتويها الأرشيف الخاص بالإخوان في المديرية بمساعدة مباحث أمن الدولة والمكتب الخاص.
وتلفت المصادر الى دور خاص في تنفيذ العملية لعناصر الأمن الوطني، وتضيف أنه عند بعد منتصف الليل دهمت القوات الأمنية الشقة وقبضوا على بديع، الذي كان غارقاً في سبات عميق رُحّل بعدها الى سجن «طرة».
وبحسب مصادر أمنية أخرى، فان مساعد أول الوزير لقطاع القاهرة، اللواء أسامة الصغير، هو الذي قاد بنفسه المأمورية الأمنية. كما اعتقل مع بديع مرافقين له كانا متواجدان في غرفة مجاورة.
وفي آخر رسائله الإلكترونية تحت عنوان «أمة الأهداف السامية والتضحيات الغالية»، قال بديع: «ماذا فعلنا في من حاكمونا محاكمات عسكرية بلغت أحكامها أكثر من 15 ألف سنة سجن، بل علقونا على أعواد المشانق وقتلونا تحت التعذيب في السجون والمعتقلات وقتلونا في المظاهرات والاعتصامات السلمية وحرقونا مع كل المصريين الشرفاء السلميين، وحرقوا ممتلكاتنا ومن قبلها من قتلونا بأيدي بلطجيتهم أثناء تزوير الانتخابات ومن زوروا الانتخابات بالكلية، وحصلنا على ستة آلاف حكم قضائي لصالحنا لم ينفذ منها حكم واحد».
ومضى يقول وهو يرثي نجله، الذي قتل مطلع الأسبوع الجاري: «لك يا رب مزيد وجزيل الحمد والشكر، فنحن كلنا عبيدك أبناء عبيدك أبناء إمائك»، داعيا أن تكون كل التضحيات والمواقف والطاعات والقربات والدعوات من كل المسلمين والمسلمات هي «ضريبة تحرر الأمة من كل عبودية إلا لله، وحصولها على كل حقوقها المشروعة، وهي رئيسها المنتخب ودستورها المستفتى عليه ومجلسها التشريعي المنتخب». وأمرت النيابة العامة بحبس بديع 15 يوما على ذمة التحقيقات لاتهامه بالتحريض على قتل المتظاهرين في أحداث المقطم، والاتحادية، وبالتحريض على اقتحام دار الحرس الجمهوري.
وكانت النيابة قد ذهبت إلى سجن طرة، للتحقيق مع بديع، في قضايا التحريض على أحداث العنف، التي وقعت أمام دار الحرس الجمهوري، ووقائع التعذيب والاحتجاز للمتظاهرين أمام قصر الاتحادية، بالإضافة إلى تهمة «التخابر مع دولة أجنبية». وأنكر بديع كل الاتهامات المنسوبة له.
في غضون ذلك، أعلن نائب رئيس الوزراء، زياد بهاء الدين، مناقشة الحكومة، في اجتماعها أمس، مبادرة سياسية تتضمن اقتراحا بإلغاء حالة الطوارئ، في أقرب وقت ممكن، ووضع ضمانات قانونية تضمن الالتزام بخارطة الطريق. وقال «طالب (مجلس الوزراء) بإلغاء الطوارئ في أقرب فترة ممكنة، وذلك وفق مبادة مطروحة على الحكومة، ستناقش غدا في اجتماع للحكومة، وهي رؤية الحكومة كلها ولا ترتبط بشخص معين».
وفي سياق آخر، تنظر نيابة الأموال العامة العليا اليوم في التظلم المقدم من فريد الديب، محامي الرئيس المخلوع حسني مبارك، في أمر حبسه 15 يوماً على ذمة التحقيقات فى قضية «هدايا الأهرام» وهي القضية الوحيدة التي يستمر مبارك محبوساً على ذمتها. حيث يتوقع أن يحصل على تسوية مالية، وأن يتم الإفراج عنه.
من جهة ثانية، أعلنت الأمم المتحدة أن مساعد الأمين العام للمنظمة الدولية للشؤون السياسية جيفري فيلتمان، وصل أمس، الى القاهرة لاجراء محادثات حتى الجمعة مع السلطات المصرية ومع مسؤولين في جماعة الاخوان المسلمين.
وقالت إن هذه الزيارة تهدف الى محاولة «تحديد كيفية قيام الأمم المتحدة بدعم مبادرات بهدف استعادة السلم والعمل على (تحقيق) مصالحة في مصر»، وإن فيلتمان سيجتمع بـ«السلطات الموقتة والاخوان المسلمين».
الى ذلك، أكد وزير الدفاع التركي، عصمت يلماظ، أنه لا يوجد تفكير حاليا في إلغاء أي اتفاقات عسكرية، أو تعاون عسكري مع مصر، مشيرا في الوقت نفسه إلى أنه لا يوجد تفكير في البدء بأعمال عسكرية مشتركة جديدة بين البلدين.