رغم ما يشهده الشارع المصري من اضطرابات وأحداث دامية، إلا أنّ المرحلة الانتقالية، كما حدّدها قائد الجيش عبد الفتاح السيسي بمعاونة الرئيس الموقت عدلي منصور ومشاورة القوى السياسية، تسير بخطى ثابتة. إذ أنهت لجنة تعديل الدستور الأولى عملها طبقاً للخريطة الزمنية للمرحلة الانتقالية «للقضاء على كافة آثار حكم الإخوان»، بفلترة دستور «الجماعة» الذي صوّت لصالحه المصريون في 15 ديسمبر/ كانون الثاني الماضي من كافة آثار سيطرة الإسلاميين تمهيداً لعرضه على ممثلين من مختلف فئات وأطياف المجتمع، قبل إعادة الاستفتاء عليه في غضون شهرين من الآن.
وانتهت، أمس، لجنة تعديل الدستور، التي تضمّ 10 من شيوخ القضاة وأساتذة القانون الدستوري في الجامعات المصرية، من المرحلة الأولى بإرسال مسودة الدستور المعدّل إلى الرئيس الموقت عدلي منصور تمهيداً لعرضه على «لجنة الخمسين»، التي تضم 50 ممثلاً عن قوى وأحزاب ومؤسسات المجتمع المختلفة لتقوم بدراسته واقتراح تعديله على مدار الشهرين القادمين، قبل إعادة مسودة الدستور مرة أخرى إلى «لجنة العشرة» لتقوم بالصياغة النهائية لجميع مواده قبل طرحه للاستفتاء على الشعب بحلول شهر تشرين الثاني المقبل.
عضو لجنة التعديلات الدستورية، المعروفة بلجنة الحكماء، المستشار عصام الدين عبد العزيز، قال لـ«الأخبار» إنّ اللجنة راعت جميع المقترحات التي قدمتها القوى والأحزاب السياسية وحتى من المواطنين العاديين، ووصلت الليل بالنهار لتنجز المهمة الموكلة إليها في الموعد المحدد وتخرج دستوراً يليق بالمصريين. وأضاف أنّ عمل اللجنة اتّسم بالتوافق التام بين جميع أعضائها، في كل المواد التي تم تعديلها. ولفت إلى أنّ اللجنة حذفت الكثير من مواد دستور 2012، وعلى رأسها المواد التى تتحدث عن وجود مجلس الشورى واختصاصاته، وألغت كذلك نسبة «الـ50% عمال وفلاحين»، كما قامت بتعديل اسم مجلس النواب الوارد بدستور 2012 ليعود باسم مجلس الشعب كما كان في دستور 1971. وتوصلت اللجنة، أيضاً، حسب النائب الأول لرئيس مجلس الدولة، إلى إلغاء جميع الأحكام الانتقالية بدستور «الإخوان» لتعارضها مع مبادئ وضع الدساتير وخاصة العمومية والتجريد. وأضاف عضو لجنة العشرة أنّ اللجنة قامت، أيضاً، بإلغاء نص المادة المفسرة لمبادئ الشريعة الإسلامية رقم 219 من الدستور: «مبادئ الشريعة الإسلامية تشمل أدلتها الكلية، وقواعدها الأصولية والفقهية، ومصادرها المعتبرة، في مذاهب أهل السنة والجماعة». كذلك أضافت اللجنة للدستور مادة تسمح للعاملين بأن يمثلوا في مجالس إدارات شركاتهم بنسبة 50% ، ووضعت اللجنة في الدستور نصاً صريحاً يحظر قيام الأحزاب على أساس ديني، كما أبقت على نصوص المواد الأولى: «جمهورية مصر العربية دولة مستقلة ذات سيادة، موحدة لا تقبل التجزئة، ونظامها ديمقراطي. والشعب المصري جزء من الأمتين العربية والإسلامية، ويعتز بانتمائه لحوض النيل والقارة الأفريقية وبامتداده الآسيوي، ويشارك بإيجابية في الحضارة الإنسانية»، والثانية: «الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع».
والثالثة: «مبادئ شرائع المصريين من المسيحيين واليهود المصدر الرئيسي للتشريعات المنظمة لأحوالهم الشخصية، وشؤونهم الدينية، واختيار قياداتهم الروحية».
وحسب عضو اللجنة فإنّ الدستور الجديد ينصّ على عودة النظام الفردي في الانتخابات وإلغاء نظام القوائم النسبية.
مسودة الدستور التي أرسلها أعضاء لجنة العشرة إلى الرئيس الموقت، أمس، تضم ما يقرب من 190 من مادة، حيث تم تقليص كثير من مواد دستور 2012 لعدم جدواها حسب عضو اللجنة.
وفي وقت لاحق، أعلنت رئاسة الجمهورية، في بيان، «أنّ المرحلة الأولى من الاستحقاق الدستوري قد تحققت، بالانتهاء من التعديلات المقترحة».