القاهرة - ما بين قرار بحل جماعة «الإخوان المسلمين»، تلوّح به حكومة حازم الببلاوي ثم تعدل عنه، وأحكام قضائية مرتقبة بحل جميع الأحزاب ذات المرجعيات الدينية والمؤسسة على فكر ديني، ومسودة أولية للدستور تمكّن القضاء والحكومة الحالية من حل جميع الأحزاب الدينية، تقف الجماعة وذراعها السياسية، «حزب الحرية والعدالة»، في طريق العودة إلى استعادة لقبها التاريخي: «المحظورة».
رغم أن قانون الأحزاب السياسية المطبق في مصر، الذي وافقت عليه لجنة شؤون الأحزاب قبل عامين على تأسيس ما يقرب من 40 حزباً دينياً بموجبه، يحظر قيام الأحزاب على أساس ديني، غير أنّ سيطرة الإسلاميين في حينها على غالبية مجلسي الشعب والشورى، ووصول مرشح جماعة «الإخوان المسلمين»، الى منصب رئيس الجمهورية بعد ذلك، جعل اللجنة تتغاضى عن هذا النص، وتوافق على تأسيس حزب «النور»، الناطق بلسان الدعوة السلفية، و«الحرية والعدالة»، الناطق بلسان جماعة «الإخوان المسلمين»، صاحبة الشعار التاريخي «الإسلام هو الحل»، الى جانب أحزاب مثل «البناء والتنمية» و«الاصالة»، الناطقة بلسان الجماعة الإسلامية والسلفية الجهادية. غير أن تغير الحقبة السياسية، وخروج المصريين لإسقاط حكم «الإخوان» ودستورهم، دفعا لجنة الخبراء العشرة الى تضمين الدستور الجديد مادتين (54 و55) تحظر قيام الأحزاب والجمعيات الأهلية على أساس ديني، وتمكن القضاء من إصدار أحكام بحل الأحزاب والجمعيات المخالفة، وهذا ما دفع حزب «النور» السلفي الى نفي أن يكون حزباً دينياً، ودلّل على ذلك بدعوة الأقباط إلى الانضمام إليه.
الحكومة، من جانبها، لم تشر سوى الى جماعة «الإخوان المسلمين»؛ فبعدما طالب رئيس الوزراء حازم الببلاوي، وزارة التضامن الاجتماعي في 17 من شهر آب الجاري ببحث الوضع القانوني لجماعة «الإخوان» والمضي قدماً نحو حلّها، عاد وتراجع عن تصريحاته وقال إن حل الحزب أو الجماعة ليس هو الحل، مضيفاً «مدى التزام حزب الحرية والعدالة أو جماعة الإخوان وشبابها وأعضائها، سيكون هو المفصل في استمرارها من عدمه». وزير التضامن الاجتماعي أحمد البرعي، القيادي السابق في جبهة الإنقاذ، قال لـ«الأخبار»، إن جماعة «الإخوان المسلمين ليس لها وجود قانوني، وما يتبع الوزارة هو جمعية تسمى جمعية «الإخوان المسلمين»، وسبق أن وافقت عليها الوزارة في عهد محمد مرسي في ظروف غامضة، وقد وجهت النيابة الى تلك الجمعية اتهامات لا تزال قيد التحقيق»، مضيفاً إن القضاء ينظر في قضايا تطالب بحل جماعة «الإخوان المسلمين»، وحزب «الحرية والعدالة» الناطق بلسانها، والوزارة تنتظر كلمة القضاء.
كلام البرعي يتوافق مع الواقع القانوني الحالي للجماعة وحزبها؛ فبحسب المستشار محمود ذكي، نائب رئيس مجلس الدولة قانون الجمعيات الأهلية الحالي، بإمكان وزير التضامن الاجتماعي حل جماعة «الإخوان»، إذا أثبتت التحقيقات أن هذه الجمعية اشتغلت بالسياسة أو مارست عنفاً واستخدمت السلاح في ترويع المواطنين.
بدوره، أوضح المتحدث الرسمي باسم لجنة الحريات في النقابة العامة للمحامين، أسعد هيكل، أنّ قانون الجميعات الأهلية، يعطي الحق للجهة التنفيذية، وهي الحكومة، بتجميد نشاط جمعية «الإخوان المسلمين» لحين الفصل القانوني فيها، لافتاً إلى أنّ وزير التضامن الاجتماعي تقاعس عن التعامل مع هذا الملف. هذا بالنسبة إلى جمعية «الإخوان المسلمين»، أما حزبها «الحرية والعدالة»، فهو الآخر مرتبط بالقضاء الذي ينظر في دعاوى حلّه. أما باقي الأحزاب الأسلامية الأخرى، التي حظرت مسودة الدستور الجديدة تأسيسها، فيحدد مصيرها مدى تكيفها مع الوضع الحالي، وقدرتها على تعديل برامجها، أو أن تحذو حذو حزب «النور»، الذي أعلن أن المادة المتعلقة بحظر الأحزاب الدينية في مسودة الدستور لا تنطبق عليه، لأنه ليس حزبا دينيا من الأساس، وأن الأحزاب القائمة التي تنص في لائحتها على أن الشريعة الاسلامية مرجعية لها تطبق المادة الثانية في الدستور.
ورغم أن احتمال عودة الجماعة الى ما كانت عليه قبل ثورة «25 يناير» بات وشيكا، غير أن البعض يحذر الحكومة الحالية من تلك الخطوة، مطالبين النظام باللجوء الى الحل السياسي بدلاً من الإقصاء.