أعلن عضو «اللجنة التحضيرية للاعتصام المفتوح لطلبة الجامعة الأردنية» (الجامعة الرئيسية الرسمية في البلاد)، هشام عياصرة، استمرار الاعتصام المفتوح لطلبة الجامعة الأردنية رفضاً لاستمرار قرار رفع رسوم الدراسة على نظام البرنامج الموازي والدراسات العليا، قائلا لـ«الأخبار»، إن الاعتصام «سيتواصل حتى التراجع عن قرار رفع الرسوم». ورفض عياصرة الاتهامات التي توجه للطلبة بتسييس الاعتصام، مشدداً على أنه «سلمي مطلبي».
وتاريخ رفع الرسوم الدراسية في الأردن مرّ بعدد من المراحل، لكن خطوات الرفع منذ عقد ونيف اتضح منها أن السياسة التعليمية برمتها تتغير في المملكة، لتصب في مصلحة المقتدرين فقط. والنظام الموازي هو الذي يدفع فيه الطالب أموالاً أكثر لأنه لم يحصل على معدل يخوّله دخول تخصص ما، فيدفع مقابل العلامات الفارقة.
مباشرةً جرى اتهام قوى سياسية بتحريك الطلاب لأهداف خاصة

في السياق، يقول منسق «الحملة الوطنية من أجل حقوق الطلبة ــ ذبحتونا»، فاخر دعاس، لـ«الأخبار»، إن مسلسل الرفع «تدرج منذ يناير (كانون الثاني) 2001، بعدما رفعت رسوم البرنامج العادي (التنافسي ــ مسابقة دخول) بنسبة 100%، صحيح أنه لم يتم منذ ذلك الحين أي رفع للرسوم على هذا البرنامج، لكن تم التحايل على هذه العملية بطرق متعددة، كاستحداث تخصصات جديدة برسوم عالية، كما الحال في الجامعة الهاشمية (حكومية) والصيدلة واللغات في الجامعة الأردنية».
وزاد دعاس بالأمثلة على تلك الزيادات بالإشارة إلى زيادة نسبة المقبولين على البرنامج الموازي والدولي على حساب العادي (التنافسي)، وأيضاً رفع رسوم البرنامج الموازي لكل التخصصات في الجامعة الأردنية بنسبة 30%-100%، والدراسات العليا بنسبة 100%-210% لكل التخصصات أيضاً، وهو القرار الذي تم تطبيقه للعام الدراسي 2014/2015.
رئيس الجامعة الأردنية، اخليف الطراونة، كتب منشوراً على صفحته على «فايسبوك» في اليوم الخامس عشر من الاعتصام تبنى فيه فكرة (الإلغاء التدريجي للموازي) من حيث الأصل والمبدأ، وهو البرنامج الذي أقر في الثمانينيات لتغطية رسوم العادي؛ ما يعني أن الفئة المستهدفة كانت المقتدرة مالياً كما يقول الطراونة. وأضاف: «أوجه الدعوة للجنة المشكلة من مجلس الأمناء للانعقاد من أجل استكمال فكرة اعتماد معاملة الطلبة المتميزين على البرنامج الموازي كالطلبة المقبولين في العادي من حيث الرسوم، وكذلك لإعادة النظر في رسوم الدراسات العليا»، وذلك في محاولة لتهدئة المعتصمين.
كذلك دعا الطراونة الطلبة إلى «تفويت الفرصة على المغرضين كي لا يختطفوا إنجاز الجامعة الأردنية»، علماً بأنه اتهم خلال مؤتمر صحافي قوة سياسية (الإسلاميون على الأغلب) وأطيافاً فكرية (اليساريون مشاركون) بتحريك اعتصام الطلبة. وقال: «المشكلة ليست مع الطلبة، وإنما مع من يريدون جر الوطن إلى مشكلات وصراعات عبر استغلال الطلبة داخل الجامعة».
لكن، لماذا يتحدث رئيس الجامعة في هذا الوقت عن إلغاء البرنامج الموازي من الأساس، وهل هذا نوع من التهديد المبطن؟ إلغاء الموازي في هذه المرحلة يثير الريبة، ففي الماضي كان يعني فتح المزيد من المقاعد لمصلحة البرنامج العادي والطلبة المتنافسين الحاصلين على معدلات عالية وبجهودهم الدراسية، لكنه في الأجواء الحالية كما يقول متابعون أمر في غاية الخطورة. بعبارة أخرى، إذا ألغي الموازي مقابل رفع رسوم البرنامج العادي، فإن الطلبة الذين يعتصمون اليوم ضد رفع رسوم الموازي، سيكونون في وقت لاحق أمام امتحان آخر عنوانه رفع الرسوم الجامعية على الطلبة الذين التحقوا بمقاعدهم تنافسياً ضمن البرنامج العادي.
اعتصام الطلبة أحدث حالة من الجدل بين الموالين للسياسات الحكومية والأطياف المعارضة، فقد نشرت صحيفة «الرأي» ــ شبه الحكومية ــ تقريراً طويلاً تحت عنوان «اعتصام (الأردنية)... أطراف في الواجهة ومعنيون في الظل»، اتهمت فيه القوى الطلابية بأنها مدفوعة من آخرين خارج أسوار الجامعة، ومستدلة على تاريخ الاعتصام الذي بدأ قبل أسبوعين ونيف احتجاجاً على قرار رفع الرسوم الذي اتخذ في 28/1/2014. لكن عضو الحملة عياصرة (إسلامي) رد بأن الاعتصام الأول للطلبة كان في نهاية أيلول 2014 ولم يجر أي تجاوب معه. وقال: «هددنا بالتصعيد لثلاث مرات، واجتمعنا مع إدارة الجامعة ست مرات من دون جدوى... تبرير ثم تبرير لسياسات الرفع».
أما دعاس (يسار)، فرأى أن الاعتصام الأخير «استمرار لسلسلة اعتصامات قام بها طلبة الجامعة منذ اتخاذ القرار عام ٢٠١٤ وصلت إلى ٢٦ فعالية... حملة ذبحتونا أطلقت حملة جامعات لا شركات، وتضمنت عشرات الفعاليات؛ من ضمنها فعالية يوم الغضب الطلابي مع المبيت أمام البوابة الرئيسية للجامعة الأردنية تمّ فضّها بالقوة».
وبرغم ما أحدثه الاعتصام من جدل، فإن هناك غياباً شبه كامل لدور مجلس التعليم العالي ومجلس الوزراء صاحب الولاية العامة وكذلك مجلس النواب، الذي دعا عدد قليل من أعضائه على خجل إلى إلغاء قرار رفع الرسوم. لكن النائب جميل النمري علق بالقول، إنه فضلاً على أن طلاب «الموازي» ينفقون أكثر على غيرهم، فإن الطلاب عموماً ينفقون ليس لتأمين مستقبل أفضل، بل من أجل النتيجة نفسها، أي البطالة بعد التخرج.