تونس | تبدأ اليوم في مقر مجلس المستشارين سابقاً في ضاحية باردو الجلسات التمهيدية للحوار الوطني، الذي يجمع الأفرقاء السياسيين، بعدما وقّعت معظم الأحزاب المشاركة في الحوار خارطة الطريق التي قدمتها المنظمات الأربع الراعية للحوار.
وتحفظت ثلاثة أحزاب فقط (المؤتمر من أجل الجمهورية، التابع للرئيس محمد المرزوقي، وتيار المحبة، بزعامة صاحب قناة «المستقلة» في لندن الهاشمي الحامدي، وحزب العدالة والتنمية، وهو حزب قريب من حركة النهضة يقوده الوجه الإسلامي محمد القوماني). بيد أن هذه الأحزاب لا تمثل أي وزن في الشارع، مما يجعل من مقاطعتها بلا تأثير في مسار الحوار الذي انتظره التونسيون طويلاً.
وتنص خارطة الطريق التي وُقّعت أول من أمس على مجموعة من النقاط، من أبرزها استئناف المجلس الوطني أشغاله بعودة النواب المنسحبين منه، وذلك لإنهاء مهماته «وجوباً في أجل لا يتجاوز أربعة أسابيع من تاريخ الجلسة الأولى للحوار الوطني». وهذه المهمات هي «إنهاء اختيار أعضاء الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، وتركيزها في أجل أسبوع واحد، وإنهاء إعداد وإصدار القانون الانتخابي في أجل أسبوعين، وتحديد المواعيد الانتخابية في أجل اسبوعين من إنهاء تركيز هيئة الانتخابات، والموافقة على الدستور في أجل أقصاه أربعة أسابيع بالاستعانة بلجنة خبراء تتولى دعم وتسريع أعمال إنهائه وجوباً في الأجل المشار إليه».
مع ذلك يبقى الشيطان في التفاصيل، على الرغم من أهمية ما جرى التوصل اليه، إذ لا يمكن الجزم حتى الآن بنجاح هذه المبادرة، التي لا تزال مهددة بالفشل. فحركة النهضة رغم توقيع رئيسها راشد الغنوشي، وثيقة المنظمات الراعية، لم يحسم مجلس الشورى التابع لها أمس بعض التفاصيل، مما يترك إمكانية الخلاف من جديد مع المنظمات الراعية وجبهة الإنقاذ واردة.
فرئيس الحكومة علي العريض لم يعلن في خطابه لا من قريب ولا من بعيد استقالة حكومته، فضلًا عن إمكانية الخلاف حول هيئة الخبراء التي ستساعد المجلس التأسيسي على صياغة نهائية للدستور.
كذلك فإن اختيار رئيس الحكومة الجديد سيكون موضوعاً كبيراً للجدل بين الأفرقاء السياسيين، إضافة إلى الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، التي قضت المحكمة الإدارية ببطلان إجراءات انتخابها، إلى جانب مهمة المجلس الوطني بعد الانتهاء من كتابة الدستور والقانون الانتخابي والهيئة العليا المستقلة للانتخابات.
ويبدو أن حركة النهضة تسعى إلى الحفاظ على المجلس كمؤسسة برلمانية لمراقبة عمل الحكومة، فيما تعمل المعارضة على ان يعلن حل نفسه بعد إتمام المهمّات التأسيسية في مهلة شهر .
هذه التفاصيل ستكون بلا شك مواضيع للتجاذب قد تعمق الأزمة السياسية، وخصوصاً أن عودة أعضاء مجلس النواب المنسحبين هي الباب الأول الذي تضمنته خارطة الطريق، فيما النواب المنسحبون ما زالوا يشترطون الوصول إلى وفاق عملي حول مجموعة من المسائل الحيوية، منها إنهاء المجلس عمله وتحديد سقف واضح، كما أوضح النائب المنسحب عن حزب النضال التقدمي (يسار) هشام حسني لـ «الأخبار».
بدوره أكد عضو المكتب السياسي للحزب الجمهوري (معارض)، التيجاني زايد، أن ما جرى توقيعه خطوة مهمة جداً، وقال إن حزبه يساندها وسيعمل من داخل جبهة الإنقاذ على دعمها. ورأى أنّ الوفاق ممكن إذا ابتعدت بعض الأحزاب عن الاستقطاب الثنائي، وإيجاد توافقات من خارج الخارطة التي اقترحتها المنظمات الراعية، مُقرا بوجود صعوبات في ما يتعلق بالتوافق على التفاصيل؟
ومن جهته، رأى القيادي في حزب نداء تونس، بوجمعة الرميلي، لـ «الأخبار»، أن توقيع حركة النهضة خطوة مهمة، لكن لن تتأكد أهمية هذه الخطوة الا في جلسات الحوار، وفي إبدائها المرونة الكافية من اجل تنفيذ خارطة الطريق وأقصاها شهر.