لا يزال مسلسل الحوادث الأمنية في اليمن يطغى على الحدث السياسي المتمثل في عملية الحوار الوطني التي لا تزال تتخبط بين التعنت السياسي ومستنقع الأمن، فيما كان آخر ما شهدته الرزنامة الأمنية أمس فرار سجينين متهمين بانتمائهما إلى تنظيم القاعدة، من سجن في مدينة لودر التابعة لمحافظة أبين (جنوب)، حسبما أفاد مصدر أمني. وأوضح المصدر أن السجينين، سعد الحنشي وعبدالله الموصل، فرّا من سجن تابع للجان الشعبية التي شاركت الجيش اليمني في تحرير محافظة أبين من سيطرة القاعدة العام الماضي.
في هذا الوقت، وجّه الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة، الأجهزة الأمنية والعسكرية المختلفة إلى اتخاذ كافة التدابير لحفظ الأمن والاستقرار، ومواجهة عمليات الاغتيالات بقوة وحزم، وذلك من خلال تكثيف الحملات الأمنية، حسبما ذكر الموقع الالكتروني لوزارة الدفاع اليمنية.
ونقل موقع الوزارة على شبكة الانترنت عن مصدر مطلع قوله، إن «توجيهات الرئيس هادي، جاءت خلال الاجتماع الذي عقده (أول من) أمس، وضم عدداً من القيادات العسكرية والأمنية في وزارتي الدفاع والداخلية، وقوات الأمن الخاصة، والأمن القومي، والأمن السياسي.
وتوقع المصدر ذاته، أن «تشهد الأيام المقبلة إجراءات أمنية غير مسبوقة لحفظ الأمن والاستقرار في البلاد».
في غضون ذلك، أفرج مسلحون يرتدون زي عناصر الأمن القومي (الاستخبارات،) يعتقد أنهم من الحوثيين، أمس، عن 8 سلفيين من جرحى المواجهات مع التنظيم الحوثي في منطقة دماج التابعة لمحافظة صعدة (شمال).
وقال الناشط السلفي اليمني، أبو اسماعيل الوادعي، لوكالة الأناضول، إن «المسلحين الذين يُعتَقد أنهم عناصر حوثية أفرجوا عن الجرحى الثمانية، بعد ساعات من اختطافهم من المستشفى العسكري بصنعاء».
ميدانياً، أفاد شهود في دماج أن شخصاً أصيب أمس جراء استمرار قصف الحوثيين على المنطقة، وقالوا إن «جماعة الحوثي ما زالت تقصف المنطقة بالرشاشات وقذائف الهاون».
وكانت لجنة الوساطة الرئاسية التي أعاد الرئيس اليمني تشكيلها أخيراً، والمكلفة بإنهاء النزاع في المنطقة مع مراقبين من الجيش، قد توصلت الخميس الماضي إلى اتفاق بين طرفي النزاع لوقف إطلاق النار، إلا أن السلفيين اتهموا الحوثيين بطرد اللجنة.
في سياق آخر، قال المبعوث الأممي إلى اليمن، جمال بن عمر، إن عناصر في النظام السابق يظنّون أن بإمكانهم إعادة «عقارب الساعة إلى الوراء».
وفي بيان صحافي أصدره أمس، حول التقرير الذي قدّمه إلى مجلس الأمن أول من أمس، أكد بن عمر أن دور «المعرقلين» في الحياة السياسية في البلاد لا يزال يساهم في زعزعة الاستقرار، معتبراً أن هؤلاء يهددون أيضاً عملية الانتقال السياسي.
وأوضح بن عمر أن معظم أعضاء مؤتمر الحوار الوطني يرون أنه «لا يمكن المعرقلين أن يتمتعوا بالحصانة وأن يواصلوا تقويض العملية الانتقالية في الوقت نفسه».
وأشار إلى أن من المهم التذكير بأن القانون الدولي «يحظر منح العفو والحصانة لمرتكبي الإبادة وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والجرائم المرتبطة بالعنف الجنسي وانتهاكات جسيمة لحقوق لإنسان».
وبخصوص الموقف من الرئيس، علّق بن عمر بأن «حملة ممنهجة مستعرة وواسعة» شنّت ضد هادي سعياً إلى تشويه سمعته والإساءة إلى العملية الانتقالية، وذلك عبر تضليل الرأي العام بأن ولايته تنتهي في شباط 2014، ومحاولة العودة إلى ما قبل العملية الانتقالية.
وأضاف أن اتفاق نقل السلطة ينص بوضوح على أنّ الرئيس يبقى في منصبه حتى تسليمه إلى رئيس جديد، وأن الولاية الرئاسية تحدد عبر إنجاز المهمات المنصوص عليها في اتفاق نقل السلطة، أي إن الولاية غير محدّدة بزمن معين، بل مرتبطة بإنجاز المهمات.
ورأى بن عمر أن الحوار الوطني الشامل أسفر عن «مخرجات واعدة» حتى الآن، وأرسى «خارطة طريق لعملية تحوّل ديموقراطي جذري، وهذا إنجاز كبير».
يأتي ذلك في ظل استمرار أعمال مؤتمر الحوار الوطني، بفرقه التسع، إضافة إلى الفريق المصغر المنبثق عن القضية الجنوبية المعروف بفريق «8+8» من أجل الوصول إلى حلول لتلك القضية.
وكان من المقرر أن تنتهي فعاليات مؤتمر الحوار اليمني في 18 أيلول الماضي، وفق المبادرة الخليجية (التي شملت تسوية الأزمة اليمنية عقب ثورة شعبية ضد نظام الرئيس السابق علي صالح)، لكن الأمانة العامة للمؤتمر قررت التمديد حتى استكمال كافة أعمال مؤتمر الحوار، خاصة اللجنة المصغرة للقضية الجنوبية.
وانتقد سياسيون في جنوب اليمن إعلان فصيل «مؤتمر شعب الجنوب» الانسحاب من مؤتمر الحوار الوطني الذي من المتوقع أن ينهي أعماله قريباً.

وكان القيادي في الحراك الجنوبي، رئيس فصيل «مؤتمر شعب الجنوب»، محمد علي أحمد، قال في مؤتمر صحافي أول من أمس، إن «الحراك الجنوبي المشارك في مؤتمر الحوار يعلن انسحابه النهائي من أعمال المؤتمر».

وفي أول تعليق لها على إعلان فصيل جنوبي انسحابه من الحوار، نفت الدائرة الإعلامية للحراك الجنوبي المشارك في مؤتمر الحوار انسحاب الحراك من المؤتمر، مشيرة إلى «أن هناك بعض الأشخاص يحاولون استثمار القضية الجنوبية وتحويلها إلى مكاسب شخصية».

(أ ف ب، الأناضول، رويترز)